ألترا عراق ـ فريق التحرير
على العكس من الفوضى والتوتر الأمني - السياسي، كانت إجراءات النظر بالطعون والعد والفرز اليدوي تسير بهدوء وبتوقيتات زمنية ثابتة على يد المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، التي أنهت عملها بالكامل ورفعت النتائج إلى الهيئة القضائية، وسط تراجع الهدف الرئيسي لتظاهرات الخاسرين من الفصائل المسلحة وغيرهم من المعترضين على النتائج نسبيًا، وبروز قضايا أخرى تسيطر على أجواء الاحتجاج.
رأى مراقبون أن التصعيد الذي تقوده قوى الإطار التنسيقي سيغيب نسبيًا بعد حادثة محاولة اغتيال الكاظمي
وتتسلم الهيئة القضائية يوم أمس الاثنين، نتائج الطعون والعد والفرز اليدوي من مفوضية الانتخابات بعد انتهاء إجراءات المفوضية، حيث ستنظر الهيئة القضائية بالإجراءات، وأما ستعمل على المصادقة على النتائج القادمة من المفوضية كما هي، أو توجه المفوضية بإعادة بعض الإجراءات والعد والفرز لبعض الطعون في حال عدم قناعة الهيئة القضائية بالنتائج المقدمة من المفوضية.
اقرأ/ي أيضًا: "رويترز": جماعات مدعومة من إيران وراء محاولة اغتيال الكاظمي
وفي كل الأحوال، يرى مراقبون ومختصون أنه لن يكون هناك تغيير كبير في النتائج الأولية، وبعد مصادقة الهيئة القضائية على ما تسلمته من المفوضية، ستعلن المفوضية النتائج النهائية في غضون أيام إذا ما أكملت الهيئة القضائية إجراءاتها بنفس الانسيابية التي جرت على يد المفوضية.
وعلى المسار الآخر؛ تغرق القوى الخاسرة في الانتخابات وحراكها الاحتجاجي لدى بوّابة الخضراء، بجملة متاعب أدّت إلى غياب نسبي لقضية النتائج والانتخابات من على أجندتها، لتتصدر مسألة "دماء أنصارها" عقب سقوط عدد من القتلى والجرحى يوم الجمعة الماضي، بأعمال عنف وتصادمات مع القوى الأمنية المسؤولة عن حماية المنطقة الخضراء.
وتحوّل اعتصام القوى الخاسرة منذ 4 أيام إلى مجلس عزاء، يستقبل الوفود والشخصيات السياسية والأمنية، وبينما تخلّل مجلس العزاء التهديد والوعيد باستهداف الحكومة وضباط أمنيين كبار، وقعت الحادثة القاصمة المتمثلة بمحاولة اغتيال رئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، لتجد القوى الخاسرة نفسها متهمة من قبل الأوساط السياسية والشعبية، بل والحكومية أيضًا بوقوفها وراء هذه العملية الخطيرة، حيث لمح رئيس الوزراء الكاظمي أول أمس السبت خلال جلسة استثناء لمجلس الوزراء إلى وقوف ذات الجهة وراء استهداف منزله واغتيال ضابط المخابرات العقيد نبراس فرمان بعد أشهر طويلة من اغتياله.
وقال الكاظمي إنه "يعرف من استهدفه وسيصل اليهم، كما ستصل يد العدالة الى مغتالي العقيد نبراس فرمان"، وذلك بعد قيام المنصات المقربة من الفصائل بالتذكير بحادثة اغتيال فرمان وعدد من الضباط في إشارة تهديد إلى ضباط آخرين على خلفية أحداث العنف التي شهدتها اعتصامات الخاسرين قرب بوابة الجسر المعلق.
ويرى مراقبون أن التصعيد سيغيب نسبيًا بعد الحادثة الخطيرة المتمثلة بمحاولة اغتيال الكاظمي، فيما ستضطر بعض القوى السياسية ضمن الإطار التنسيقي إلى سحب نفسها من أي تصعيد تصر عليه الفصائل المسلحة فيما يتعلق بنتائج الانتخابات التي تستعد للمصادقة النهائية.
ويظهر هذا السيناريو واضحًا على تصريحات تحالف الفتح الذي غاب عنها التلويح بأي تصعيد في حال المصادقة على النتائج دون إجراء عد وفرز يدوي شامل، حيث ذهب التحالف لخيار "الشكوى لدى المحكمة الاتحادية"، بعد أن كانت هذه القوى تلوح وتحذر من الذهاب إلى "ما لا يحمد عقباه".
فبينما أكد عضو تحالف الفتح محمود الحياني، في تصريحات تابعها "ألترا عراق"، استمرار احتجاجات المعترضين على نتائج الانتخابات حتى تحقيق المطالب"، إلا أنه في حال عدم تحققها أشار الحياني إلى خيار وحيد وهو "اللجوء إلى المحكمة الاتحادية التي لديها صلاحية ردّ هذه الطعون أو إعادة العد والفرز اليدوي".
قوى السلاح سترضخ للعزل
ويرى مراقبون أن التحرّكات التي بدأها الصدر قبل أن تشتعل أحداث العنف يوم الجمعة، ستستمر كما مخطّط لها، بإجراء حكومة "أغلبية وطنية" بتحالف الكتلة الصدرية مع تحالف تقدّم والحزب الديمقراطي الكردستاني، وبمباركة ومشاركة حيدرالعبادي وعمار الحكيم بصفتهم قوى شيعية أخرى تضمن عدم "تفرّد" الصدريين بالحكومة، ما يعطي ضمانًا وصبغة إلى اشتراك أكثر من طرف شيعي بالقبول بهذه الحكومة وليس مصادرة آراء جميع القوى الشيعية قبالة تسيّد رأي الصدر، وذلك بعد الاجتماعات التي أجراها ببغداد مع الحلبوسي والعبادي والحكيم، وكذلك اجتماع الهيئة السياسية للكتلة الصدرية بوفد الحزب الديمقراطي الكردستاني.
وهذا ما يؤكده المتحدث باسم الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي كريم، في حديث لـ"ألترا عراق"، الذي أشار إلى "انفراجة قريبة" ستحصل وبقناعة الجميع، نتيجة التطورات الخطيرة التي تخير القوى الخاسرة بين القبول بالنتائج كما هي أو الذهاب للفوضى.
وقال كريم في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "الجميع بانتظار المصادقة على النتائج النهائية التي تسير بوتيرة ثابتة"، مرجحًا أن "التطورات الخطيرة الأخيرة، وخصوصًا محاولة اغتيال مصطفى الكاظمي ستدفع نحو تسريع إقرار النتائج وعقد أول جلسة لمجلس النواب وتشكيل الحكومة الجديدة خوفًا من الفوضى والتطورات الخطيرة الأخرى التي قد تنشأ".
وأشار كريم إلى أن "تحالف الأغلبية الوطنية ماضٍ وسيكون من ضمنه الجزء (غير المسلح) من الإطار التنسيقي".
وحول أيّ ردود فعل قد تحصل نتيجة تراكم "الخسائر" على قوى السلاح، أوضح عبد الكريم أن "جميع الكتل السياسية بما فيها قوى السلاح ستدفع نحو تشكيل حكومة بسرعة وبأي طريقة والقبول بالنتائج كما هي خوفًا من أي تطورات خطيرة أخرى"، مبينًا أن "حادثة محاولة اغتيال الكاظمي أصبحت عاملًا مساعدًا لتسريع التحالف الذي يستثني قوى السلاح لتشكيل الحكومة الجديدة".
من جانبه يرى الباحث أحمد الياسري، أن محاولة اغتيال الكاظمي دفعت باتجاهين، الأول إعطاء شرعية للقوى الفائزة لتسريع تحركاتهم نحو تحالف الأغلبية السياسية، والآخر هو رضوخ القوى الخاسرة.
وقال الياسري في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "تأثير محاولة اغتيال الكاظمي ستكون استثمارية، حيث ستندفع القوى السياسية الفائزة بمشروع الأغلبية السياسية لتشكيل الكتلة الأكبر، وهي الفكرة الأرجح لأن الحكومة التوافقية تعني بقاء العراق بحالة عدم الانضباط الأمني وامتزاج العسكرة بالفعل السياسي".
ويرى الياسري أن "القوى الفائزة بالانتخابات كانت تبحث عن حدث يعطيها شرعية تسريع ائتلافها"، مبينًا أن "القوى السياسية المسلحة ضعف موقفها كثيرا خصوصًا بعد عملية محاولة اغتيال الكاظمي التي زادت من انسلاخ الدعم الشعبي عنها".
يرى الباحث أحمد الياسري أن تأثير محاولة اغتيال الكاظمي ستكون استثمارية حيث ستندفع القوى السياسية الفائزة بمشروع الأغلبية السياسية لتشكيل الكتلة الأكبر
ويعتقد أن "اعتراض القوى الخاسرة على نتائج الانتخابات سينتقل إلى مرحلة الرفض القانوني والاعتراض عبر الآليات القانونية، وفرص الصدام مع الدولة ستصبح أقل".
اقرأ/ي أيضًا:
بصمات "الكتائب" و"العصائب".. قائمة تهديدات طويلة سبقت محاولة اغتيال الكاظمي
التفاصيل الكاملة لمحاولة اغتيال رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي