03-مارس-2021

عدد ضحايا الألغام غير معروف (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

للعراق قصة قديمة مع الحروب تمتد إلى عقود من الزمن، ولعنتها لا تفارقهم، فهي تبقى مستمرة بحصد الأرواح حتى بعد نهايتها بتأثيراتها الكثيرة من قنابل ومقذوفات حربية ومواد مشعة، ليفوق عددها تعداد سكان البلاد، إذ قدرت الأمم المتحدة المقذوفات غير المنفلقة في العراق بـ50 مليون مقذوف، فيما تتوزع أقدم المقذوفات الحربية على الشريط الحدودي الشرقي للبلاد والتي خلفتها حرب الثمان سنوات مع إيران، وبعدها حرب الخليج عام 1991، بالإضافة إلى تأثيرات ما بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003، لكن أحدث هذه التأثيرات، في المناطق الغربية والشمالية بعد الحرب التي خاضها الجيش العراقي مع تنظيم "داعش" منتصف 2014 وصولًا إلى 2017.

تسجل محافظة البصرة تشوهات ولادية وأمراض مزمنة جراء المخلفات الحربية المشعة

في البصرة، حذرت منظمة حقوق الإنسان من مخلفات الحروب، فيما كشفت عن تسجيل تشوهات ولادية وأمراض مزمنة جراء المخلفات المشعة، في الوقت الذي تسعى مديرية الدفاع المدني بوزارة الداخلية رفع المخلفات الحربية من خلال استيراد أجهزة حديثة ومتطورة.

اقرأ/ي أيضًا: قصة أطفال شاهدوا الموت.. كوابيس "داعش" ترفض مغادرة الموصل!

وقال مدير قسم معالجة القنابل في مديرية الدفاع المدني، العميد شهاب أحمد عبد،  في حديث للصحيفة الرسمية، إن "ملف الألغام والمخلفات الحربية واسع وكبير، ولا يمكن إنهاؤه بعام أو اثنين"، مشيرًا إلى أن "تقارير الأمم المتحدة الأخيرة قدرت عدد المقذوفات الحربية الموجودة في العراق بـ50 مليون مقذوف".

ويضيف عبد، أن "ملاكات المديرية نفذت خلال العام الماضي 567 واجبًا في  المحافظات رفعت خلالها 33 ألفًا و333 مقذوفًا".

وتتوزع تلك المخلفات على مناطق مختلفة من البلد، لكن أخطرها وأكثرها في البصرة والمحافظات المحررة، يتحدث مدير قسم معالجة القنابل في مديرية الدفاع المدني، أن "العدد الأكبر من المخلفات تم رفعه من محافظة نينوى بواقع 783 مقذوفًا خلال 129 واجبًا، و961 مقذوفًا من محافظة البصرة خلال 82 واجبًا، فضلًا عن محافظة واسط التي رفع منها 1353 مقذوفًا، ومحافظة الديوانية 1487 مقذوفًا".

هذا يقدر المجموع الكلّي للواجبات التي نفذتها مديرية الدفاع المدني منذ العام 2005 وحتى 2020 بـ19 ألفًا و911 واجبًا رُفع من خلالها مليون و295 ألفًا و941 مقذوفًا غير منفلق، وهذه ليست المرة الأولى التي تعلن فيها الجهات الحكومية التعاقد مع جهات دولية لاستيراد أجهزة حديثة ومتطورة لإزالة الألغام، ففي عام 2019، أعلنت وزارة البيئة عن التعاقد مع اليابان على تصنيع أجهزة خاصة لإزالة الألغام تتناسب مع المناخ والتربة في العراق.

وقال المدير العام لدائرة شؤون الألغام في وزارة البيئة المهندس عيسى الفياض، في تصريحات سابقة، إن "إزالة هذه الألغام بالطرائق التقليدية أمر مكلف وصعب وقد نحتاج إلى خمسين عامًا لإنجازه، لذا تعاقدنا مع اليابان على تصنيع أجهزة خاصة، وقام الفريق الياباني بفحص تربة البصرة وأجوائها ليتم تصنيعها وفقًا لمناخ المدينة".

وبحسب شهود عيان، تستغل "الميليشيات" والعشائر في أغلب المحافظات، تلك المخلفات الحربية لتصنيع العبوات الناسفة من خلال توظيف السكان المحليين للبحث عنها في المناطق التي شهدت حروبًا وعمليات عسكرية، ونشط الطلب على تلك المخلفات في الغالب بين عامي 2006 و2009. ويمكن أن تصبح مخلفات الحروب أكثر خطورة مع مرور الوقت، لأن التفاعلات الميكانيكية والكيميائية تجعلها أقل استقرارًا، بحسب خبراء، في حين  تشير أرقام الأمم المتحدة إلى أن 82 دولة وإقليمًا على الأقل تحوي الذخائر غير المنفجرة، ويتعرض مواطنوها للموت بشكل يومي بسبب ذلك.

عدد ضحايا الألغام غير معروف لعدم وجود عمليات مسح دقيق خاصة بعد 2003

وكانت مفوضية حقوق الإنسان في البصرة حذرت من خطورة مخلفات حربية غير مرئية وإشعاعات في بعض مناطق المدينة.

اقرأ/ي أيضًا: نداء عاجل من المفوضية العليا لحقوق الإنسان لمعالجة مناطق الإشعاع في البصرة

وقال مدير مكتب المفوضية مهدي التميمي لـ"ألترا عراق"، إنه "على طول حدود البصرة والتي تقدر بـ200 كم كلها مليئة بالمخلفات الحربية"، لافتًا إلى أن "قضاء الفاو يعد أكثر الأقضية الملوثة بالمخلفات الحربية حيث يحتوي على أكثر من 170 موقعًا ملوثًا، من مجموع أكثر من 500 موقع ملوث في عموم المحافظة".

ويضيف التميمي أنه "في قضاء الفاو يوجد أكثر من 100 موقع ملوث، وفي قضاء القرنة تقدر المساحة الملوثة بـ20% من مجموع المساحات الملوثة في البصرة"، مبينًا أن "أغلب المخلفات الحربية في مناطق البصرة تعود للحرب العراقية الإيرانية وحرب الخليج".

ودعا التميمي الحكومة العراقية إلى "تخصيص مبالغ مالية في الموازنة لإزالة الألغام من المناطق الملوثة".

وفي 12 من تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي صنفت الأمم المتحدة العراق كأكثر دول العالم تلوثًا بالألغام، حيث تبلغ المساحة الملوثة بالألغام، 3 مليارات متر مربع.

وصرح مدير برنامج العراق في دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام، بير لودهاس، للصحيفة الرسمية، أن "المساحة الملوثة بالألغام والمخلفات الحربية في العراق، تبلغ مليارين و987 مليونًا و275 ألفًا و90 مترًا مربعًا، يقع ضمنها 257 مليونًا و378 ألفًا و865 مترًا مربعًا، في إقليم كردستان".

وأوضح أن "هناك زيادة في أعداد المخلفات الحربية وأشكال أخرى من المواد المتفجرة، من ضمنها العبوات الناسفة المبتكرة بعد سيطرة تنظيم داعش، على عدد من المحافظات العراقية".

لكن عدد ضحايا الألغام غير معروف لعدم وجود عمليات مسح دقيق، خاصة بعد 2003، رغم قيام بعض الجهات الحكومية وجهات غير حكومية بعمل إحصائيات ما زالت قيد التطوير، حيث يؤكد بعض المسؤولين الذين تواصل معهم "ألترا عراق" أنه "لا يمكن إعطاء أي رقم حتى لو كان تقريبيًا لعدد الإصابات أو لنوع الأشخاص المصابين نتيجة لحوادث الألغام"، فيما اتضح، وعلى ما يبدو، أن اللجان البرلمانية لا تتابع هذا الملف، ولا يمتلكون معلومات كافية عن المساحات الملوثة بالألغام، لكن في أحدث إحصائيات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، كشفت عن وجود نحو 4 ملايين معاق في عموم البلاد.

وقال وزير العمل عادل الركابي، في تصريح صحفي، إن "هيئة ذوي الإعاقة باشرت أصدار الماستر كارد للشمول الجديد ممن لديهم قرارات طبية لعامي 2019 و2020 وفق الآلية التي أعدت من قبل الهيئة ووجهت بأن تكون المراجعة بحسب الأسبقية لمنع التزاحم".

تصل أعداد المعاقين في العراق إلى 4 ملايين 

وعن الأثر البيئي للمخلفات الحربية، قال الخبير البيئي، شكري الحسن، إن "المخلفات الحربية في العراق ممكن أن تؤثر على البيئة من 3 نواحي، الناحية الأولى هو تأثيرها على التربة لأنها مدفونة في التربة، والناحية الثانية تأثيرها على الحياة الحيوانية، وآخرها تأثيرها على الإنسان بشكل مباشر أو غير مباشر".

اقرأ/ي أيضًا: مقتل وإصابة 7 أطفال على الأقل في العراق خلال 28 يومًا فقط

وأضاف أن "تأثير حقول الألغام في  العراق لا يقتصر على حياة الإنسان فحسب، بل يشمل الحياة البرية بنحو عام، فهي تهدد التنوع الإحيائي من خلال قتل وإهلاك الحيوانات البرية ما يتسبب بفقدان أنواع فريدة منها في المنطقة".

وتقدر إحصاءات الأمم المتحدة والمنظمات العاملة في مجال إزالة الألغام أن عدد الألغام المزروعة بمختلف دول العالم يتجاوز 110 ملايين، 40 في المئة منها في دول عربية، فيما صادقت 13 دولة عربية على "اتفاقية الأمم المتحدة لحظر استعمال أو تخزين أو إنتاج أو نقل الألغام التي تستهدف الأشخاص في كافة أنحاء العالم" التي تعرف بمعاهدة أوتاوا سنة 1997.

من جهته، قال مدير المركز الاقليمي لإزالة الألغام في المنطقة الجنوبية، نبراس التميمي في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "مجمل المبالغ التي تحتاجها البصرة للتخلص من الألغام والمخلفات الحربية، تتراوح بين مليار إلى مليار ونصف المليار دولار"، لافتًا إلى أن "هذا المبلغ من شأنه تطهير 90 % من الأراضي الملوثة بالألغام والمخلفات الحربية والتي تصل مساحتها إلى أكثر مليار و200 مليون متر مكعب".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

"قنبلة عنقودية" بين النفايات.. انفجار في النجف يودي بحياة طفلة

الصحة.. تكتم على الموت البطيء وانتشار الأوبئة ودفع نحو الهند وإيران