لا يكاد سؤال "الصناعة الوطنية"، ينتهي في كل الجلسات العراقية التي لم يتركها النقاش السياسي، في كل حوار عن الخراب المتفشي في العراق ينطلق السائل بالقول "أين منتوجنا الوطني، أين صناعتنا التي اكتفينا بها في ما سبق؟"، ولا يجد السائل إجابته، حيث كل منتوج أعلن عن الاكتفاء الذاتي منه تم تخريبه أو تسميمه أو تدميره بحيث يضطر الناس إلى شراء المستورد منه، كما حدث مع الأسماك في بابل.
برغم التحذيرات من إصابة الدجاج الإيراني بانفلونزا الطيور إلا أن تدواله لا يزال مستمرًا في محافظة الديوانية
وهذا ما حدث في محافظة الديوانية أيضًا حين أغلقت كبرى مشاريع الدواجن فيها أبوابها وخسرت الملايين وذلك بسبب الدجاج الإيراني المستورد والمهرب، والذي غزى السوق المحلية، لأنه يباع بسعر زهيد جدًا، فيما حذرت جمعية منتجي الدواجن في الديوانية ببيان صادر عنها في 3 شباط/ فبراير وتلقى "ألترا عراق" نسخة منه، من إنهيار الدجاج المحلي في المحافظة بسبب الدجاج الإيراني المهرب.
يجري تداول الدجاج الإيراني المستورد دون أن يعرف المواطن البسيط إنه مصاب بإنفلونزا الطيور عالي الضراوة "HSNB"، بحسب منظمة الصحة العالمية، الأمر الذي لم توضحه الجهات المعنية للناس ولم تتخذ أجراء من شأنه إعادة مشاريع الدواجن الذاتية التي كانت عاملة في المحافظة.
اقرأ/ي أيضًا: كيف تُهرب مخصصات الحشد الشعبي إلى إيران؟
جمعية منتجي الدواجن في الديوانية بدورها أكدت إصابة الدجاج الإيراني الموجود بالسوق المحلية بمرض الانفلونزا، الأمر الذي يفسّر رخص أسعاره. وفي وثيقة صادرة عن وزارة الزراعة/ قسم الإنتاج الحيواني، في كانون الأول/ ديسمبر 2018، وحصل عليها "ألترا عراق"، تؤكد إصابة "الدجاج الإيراني" بهذا المرض الخطير، لافتة إلى "إدراج إيران ضمن الدول المحظورة من استيراد الطيور بأنواعها"، لكن دون جدوى حيث لا يزال موجودًا في الأسواق.
استقبل الناس هذا الخبر عادة كلٌ من منطلقاته السياسية، فمنهم من اتهم إيران بتدمير اقتصاد البلد، ومنهم من عد الأمر إشاعة دبرتها شركات الدواجن في الديوانية لأجل أن تربح المزيد من الأموال على الرغم من التحذير الصادر عن وزارة الرزاعة والذي انتشر كـ"خبر" في المحافظة.
بينما حمّل البعض الحكومة العاجزة عن دعم القطاع الخاص، والترويج للمنتوج المحلي. في ظل وجود جهات تحاول إرضاء إيران بإدخال هذه المنتوجات الخطيرة وتدمير المنتجات المحلية، إذ وضعت إيران يدها في كل ثروات العراق ما أدى إلى تردي الواقع الزراعي والصناعي وضعف المنتوج المحلي وانعدام الحرفية، فيما يرى مراقبون أن العراق أصبح بلد مستهلك بنسبة 99% بعد أن وضعت إيران يدها على كافة ثروات العراق والمجالات الاقتصادية والحيوية فيه ليصبح الشريك الأول لها.
تسعى إيران إلى أن يبلغ التبادل التجاري بينها وبين العراق إلى 20 مليار دولار بعد أن كان مليار دولار عام 2005
كما تسعى إيران إلى أن يصل حجم التبادل التجاري إلى 20 مليار دولار بعد أن كان مليار واحد في سنة 2005، وبهذا الصدد يقول مصدر لـ"ألترا عراق"، رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، إنه "لضمان الهيمنة على السوق العراقية فأن إيران عملت بشكل جاد على إغراء أصاحب المصانع العراقية لتركها مقابل مبالغ مالية ضخمة، مبينًا أنه "إذا لم تنفع هذه الإغراءات فان التهديد والوعيد يكون هو سيد الموقف".
أشار المصدر، إلى أن هذا "العمل يجري ليبقى العراق تابعًا لإيران سياسيًّا وعسكريًا وتجاريًا وهي مستفيدةً من حجم التسهيلات والدعم المقدم لها من قبل المسؤولين في الحكومات العراقية المتعاقبة بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003".
أوضح المصدر، أن "التسهيلات التي تحصل عليها البضائع الإيرانية في دخول العراق، سواء في التعرفة الجمركية أو التساهل في موضوع مواصفات الجودة، التي تعتمدها الجهات العراقية في الموافقة على إدخال البضائع هو دليل على هيمنة هذا الجانب على الأسواق والحركة الاقتصادية".
فيما يرى مختصون، أن البضائع الإيرانية لا تخضع لتفتيش الصلاحية أو مطابقة المواصفات العراقية، وذلك بموجب اتفاقيات موقعة بين السلطات الحدودية للعراق وإيران منذ عام 2015، وأن التأخير وكثرة الاستفسارات عن نوع البضائع الداخلة إلى المنفذ، هي من الأشياء التي تجلب المشاكل للموظف أو العامل العراقي، لأن كل بضاعة قادمة تعود ملكيتها لشخص متنفذ، ويمكنه بسهولة أن يتسبب بالعقوبة أو النقل للموظف.
اقرأ/ي أيضًا:
نفوق آلاف أطنان الأسماك في العراق.. لماذا؟
مزارعو الطماطم في البصرة.. الحكومة مسؤولة عن بطالتهم وتضرب المنتوج الوطني