08-مايو-2019

جاء رمضان على عكس السنوات السابقة حيث لا توجد انهيارات أمنية كبرى (Getty)

كان الغزو الأمريكي نقطة فاصلة في حياة جميع العراقيين بكل طوائفهم ومذاهبهم، بكل ما حمله من دمار وخراب بعض الأمور، إضافة إلى آثار الاستبداد التي طفحت فجأة في الواقع العراقي، والانهيار الأمني والحرب الأهلية. وبسبب فقدان الأمان مع أسباب كثيرة أهمها دخول التكنولوجيا، فأن غالبية العراقيين إن لم نقل جميعهم عندما يتحدثون عن ذكرياتهم أو ماضيهم ما قبل 2003 كمقارنة حتمية سواء في السياسة التي لا يرون أنها اختلفت كثيرًا بسبب التحول من الاستبداد إلى الفوضى، لكن المقارنة تأتي حتى فيما يخص الأمور غير السياسية، ولا سيما التقاليد الاجتماعية والعادات العراقية في المناسبات والمواسم، والتي من أهمها طقوس شهر رمضان، وبمجرد أن تسأل أي شخص كان شاهدًا على الحقبتين سيقوم بمقارنة فورية، قد تكون إيجابية أو سلبية لما وصلت إليه الطقوس والتحوّلات في هذا الشهر.

العراقيون يقارنون دائمًا بين الوضع الحالي وحقبة ما قبل 2003 خاصة بما يتعلّق بالتقاليد الاجتماعية والعادات العراقية في المناسبات والمواسم، ومن أهمها طقوس شهر رمضان وكيف كانت

الإعلامي حامد السيد، تحدث لـ"ألترا عراق" عن أهم الفروق في طقوس رمضان ما قبل وما بعد بالقول، إن "النقطة الجوهرية التي طرأ عليها التغيير في هذا الشهر المبارك هي السفرة الرمضانية أو الإفطار الرمضاني، مبينًا "في السابق كانت محدودة على أنواع معينة من الأطعمة بسبب غلاء الأسعار وندرة المواد الناتجة عن فرض الحصار الدولي على العراق، إلا أن الآن تحسن الوضع في جانب انفتاح السوق على الاستيراد وعلى الوكالات الكبيرة فأصبح هناك أكثر من خيار للعائلة للشراء"، مشيرًا إلى أنه "صار بمقدور المواطن أن يختار الجيد من الرديء والاغلى من الأرخص، فضلًا عن انتشار وتعدد المطاعم في عموم العراق وبأصناف وجنسيات مختلفة منها الغربية والشرقية مما يؤكد وجود حالة من الانتعاش النسبي للظروف الاقتصادية".

اقرأ/ي أيضًا: الطقس والعدس وشوارع الخضراء.. ماذا يميز رمضان هذا العام؟

لكن يسرى حسن ترى في حديثها لـ"ألترا عراق"، أن "أكثر ما نفتقده في رمضان هو العلاقة الاجتماعية بين أصحاب المنطقة أو المحلة الواحدة، ففي السابق كنا نتناول السحور أو الفطور مع بعضنا البعض، لكن الآن أصبحت العائلة العراقية منغلقة على نفسها فلم يعد الجار كالسابق يرسل أطباقًا بمختلف الأكلات العراقية إلى جاره ثم يعيد الجار الطبق بأكلات أخرى".

أضافت حسن أن "هذا لم يعد موجودًا في وقتنا الحالي، وغالبًا هذا الأمر يعود إلى التطور الذي وصلت إليه التكنولوجيا فمواقع التواصل الاجتماعي بعدت الجار عن جاره بل بعدت أفراد العائلة الواحدة عن بعضهم البعض".

فيما يعتقد الناشط المدني محمد الشيخ في حديثه لـ"ألترا عراق"، أنه "في السابق كانت الخيارات قليلة في رمضان وتحديدًا في فترة التسعينيات كما لم يكن هناك انفتاح على بلدان العالم كما في الوقت الحالي، ولا يوجد إنترنت أو محطات فضائية متعددة، وكانت البرامج الرمضانية قليلة والعائلة العراقية كانت ترتبط بالبرامج والمسلسلات التلفزيونية ارتباط كبير باعتبارها افضل وسيلة للتسلية".
أضاف الشيخ "ولأن هذه الخيارات كانت قليلة كانوا يميلون إلى الطقوس الشعبية والذهاب إلى الأضرحة الدنية، كما أن مائدة الافطار في السابق كانت فقيرة ليس بسبب الحصار والظروف الاقتصادية فقط، مستدركًا "لكن النساء في السابق لم يكن لديهن الكثير من الخيارات فيما يخص التنوّع في الأكلات فكانت هناك أكلات معينة يقومن بتحضيرها على مائدة الإفطار، إما الآن أصبحن النساء يتعلمن طبخ العديد من الأكلات عن طريق مشاهدة اليوتيوب وقراءة كتب الطبخ التي جعلتهن يحضرن أنواع كثيرة من الأكلات الشرقية والغربية".

أصبحت العائلة العراقية منغلقة على نفسها فلم يعد الجار كالسابق يرسل أطباقًا بمختلف الأكلات العراقية إلى جاره ثم يعيد الجار الطبق بأكلات أخرى

وبالرغم من التغييرات الكبيرة التي طرأت على طقوس رمضان، لكن الكثير من العادات الرمضانية لا يزال المجتمع العراقي يحافظ عليها وأبرزها لعبة "المحيبس" والتي لم تتغيّر أو تندثر وأصبحت الأجيال تتوارثها جيلًا بعد آخر، فضلًا عن "المسحرجي" الذي يجوب شوارع ومناطق جميع المحافظات العراقية حتى يستيقظ الناس إلى السحور لا يطلب من هذه الخدمة سوى الأجر والثواب والدعاء، على حدّ نداءاته.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

تكدره مخاوف أمنية وأزمات.. رمضان يطرب أسواق الموصل وسراديبها القديمة

الكهرباء تعلن ساعات التجهيز في رمضان وتصدر توجيهًا بشأن المولدات الأهلية