24-سبتمبر-2020

اتهم التيار السياسي الجديد بـ"التبعية" لأحزاب السلطة

على الرغم من مضي نحو عام على انطلاق تظاهرات تشرين/أكتوبر، إلا إن أي تيار سياسي يمثل توجهات وتطلعات هذا الحراك لم ينبثق حتى الآن، ليحمل بين يديه مشعل التغيير ويبشرُ بعراقٍ جديد خالٍ من المحاصصة والولاءات العابرة للحدود، ويأخذ بعين الاعتبار حجم التضحيات التي رافقت هذه الثورة وتحقيق مطالبها.

لم تنتج الحركة الاحتجاجية أي تيار سياسي، حتى الآن، للمشاركة في الانتخابات المبكرة المزمع إجراؤها منتصف العام المقبل

ولَم يمضِ وقتٌ طويل على تصريحات المرجعية الدينية في النجف، حول ضرورة إجراء الانتخابات المبكرة في وقتها المحدد ومحاسبة قتلة المتظاهرين وحصر السلاح بيد الدولة، حتى برز تيار سياسي جديد في الساحة العراقية يحمل اسم "حركة وعي الوطنية".

وتباينت ردود الأفعال حول التيار الجديد، بين من بشّر به "كحراكٍ انبثق من داخل تشرين لتحقيق مطالبها"، وبين من عده "مولودًا من رحم الأحزاب الكبيرة" التي تروم "التسلق" على أكتاف المتظاهرين و"إيهام الرأي العام" عن طريق "سياسة نزع الجلد القديم وتدوير الفاشلين"، بعد أن "فشلت الأحزاب الكبيرة في اللعب على وتر الدين والمقدس وصناعة أبطال الأزمات" كما كان يحصل سابقًا.

ويعرف أنصار ومؤيدو "وعي"، المشروع الجديد بأنه "حركة وطنية ومشروع قيادي شبابي صنع بعقول وسواعد عراقية مؤمنة بتغيير الحاكم وتطوير الحكم".

بين الفرات والعهد!

اللافت للنظر أن أغلب الشخصيات التي انضوت تحت خيمة هذا الحراك، هي شخصيات إعلامية بارزة، فمنهم ممن ما يزال يعمل في قناة "الفرات" التابعة إلى رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، ومنهم شخصيات تربطها صلات وثيقة بقناة "العهد" التابعة إلى زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، القناة المتهمة بالتحرض على المحتجين، بالإضافة الى قنوات آخرى تابعة لشخصيات سياسية بارزة.

وهو ما أثار اتهامات ضد الحراك الجديد، بـ"التبعية" إلى البيت الشيعي السياسي سواء كان بصلة بتيار الحكيم أو كتلة الفتح، قبل أن تُتداول تغريدات سابقة للشخصية الأبرز في الحراك، صلاح العرباوي، يمجد فيها الحكيم تارة وتحالف الفتح أخرى.

ونشر ناشطون صورًا لشخصية أخرى في الحركة يدعى حسن شلخ، هو إعلامي كان دائم الظهور على قناة "العهد" التابعة لحركة عصائب أهل الحق، أحد أبرز الفصائل الموالية لإيران والمتهمة بارتكاب أعمال عنف ضد المتظاهرين، وتداولوا له تصريحات تصف المتظاهرين بـ"الجوكرية"، وتتهمهم "بحمل السلاح والآلات الجارحة ومحاولة خلق نزاع شيعي شيعي".

واجه التيار الجديد اتهامات بالارتباط بجهات سياسية بعضها متهم بالمشاركة في قمع الاحتجاجات أو التحريض ضدها على الأقل

ولَم يختلف حال الداعم والمؤيد لحركة وعي الوطنية قصي محبوبة، إذ سرعان ما دخل قفص الشبهات بعد أن نشر الناشطون صورة له مع أبي مهدي المهندس المعروف بولائه الصريح للنظام الإيراني، وخلفهم صورة لزعيم تيار الحكمة عمار الحكيم.

"دماء جديد" أم "تدوير للفاشلين"؟

ويدعي القياديون في "حركة وعي"، عدم الانتماء إلى أي جهةٍ سياسية، فهم يعتقدون، أن العراق بحاجة الى "دماء سياسية جديدة بدل الدماء الراكدة المتخثرة"، لكن ناشطين يرون عكس ذلك، ويقولون إن التيار الجديد يمثل محاولة أحزاب سياسية كبيرة، فقدت شعبيتها وقوة حضورها بسبب الحراك التشريني وما تمخض عنه، لـ "العودة من الشباك".

ردود الأفعال تلك، دفعت بقائد الحركة صلاح العرباوي، إلى وصف الأصوات الرافضة للحركة بـ "الجيوش الإلكترونية"، إذ كتب مغردًا على حسابه في تويتر، "أنا أعلم أنَّ جيوشهم الإلكترونية ستحاول جاهدة النيل من مشروع وعي القيادي، ولأنهم لا يملكون على صلاح العرباوي شائبة سيلفقون عليه التهم والإشاعات". وأضاف "تارة يقولون هذا مشروع الكاظمي، وتارة يقولون هذا مشروع الحكمة".

وختم تغريدته بالقول، "لن التفت إلى تسقيطكم وماضٍ أنا وقادة وعي في طريقنا لتحقيق الإزاحة". ولم يكتفِ العرباوي بذلك، بل توعد باللجوء إلى القضاء لملاحقة من وجه اتهامات إلى الحركة وتحدث عن صلاتها بأطراف سياسية.

وتساءل بعض المدونين على مواقع التواصل الاجتماعي، "كيف نضع ثقتنا بمن كان يسمي متظاهري تشرين بالجوكرية وكان يعمل مع الحكمة والفتح؟".

وكتب المدون هيثم نعمان على حسابه في تويتر، "هناك مسرحية كوميدية تراجيدية، لتقديم مجموعة شباب مصلحية مطابقة لمواصفات الجيل القديم الفاسد الذي سقط في أعين الناس، على إنهم من رحم التظاهرات، والكل يعلم إنهم كانوا يحومون في أروقة مقار الأحزاب أثناء معاناة أبطال تشرين في ساحة التحرير".

تفاعل ناشطون مع الحركة السياسية الجديدة بالكثير من التشكيك والسخرية

ويروج أنصار التيار السياسي الجديد، لمشروعهم بوصفه "محاولة إزاحة جيلية سياسية"، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكن مدونين تفاعلوا مع ذلك بالكثير من التشكيك والتعليقات الساخرة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"جماهير الفصائل" في دور "الضحية".. محاولة جديدة لـ"استغلال" اسم السيستاني

"الجداحة أو الكاتم".. أسلوب "ولائي" جديد للانتقام من احتجاجات تشرين