ألترا عراق ـ فريق التحرير
منذ أكثر من 40 عامًا يسمع أكثر العراقيين عن "مترو بغداد" أو "قطار بغداد"، وهي سنوات لم تكن كافية لتشييده ليكون وسيلة النقل الأكثر استخدامًا في العاصمة العراقية، مع الإشكاليات التي تفاقمت طوال تلك السنوات، وأبرزها الحركة المرورية الخانقة بسبب وجود عدد مركبات بلغ مليونين و500 ألف مركبة في بغداد فقط.
قبل نحو 11 عامًا قال أمين بغداد صابر العيساوي إن "العراق سيشهد انطلاق مشروع مترو بغداد"، لكن العاصمة لم تشهد المترو لغاية الآن
الفكرة انطلقت لإقامة قطار أنفاق، أو ما يعرف بـ"المترو"، نهاية عقد السبعينيات من القرن الماضي، إذ شرعت الجهات المسؤولة بالاتصال بجهات أوروبية تمثلت بالشركات الفرنسية المتخصصة في هذا المجال، وتمّ تنفيذ تصاميم المشروع، وحصر البنى التحتية اللازم توفرها، إلا أن اندلاع الحرب العراقية الإيرانية في خريف 1980، أوقف عجلة كل المشاريع في العراق، وبضمنها هذا المشروع.
مفارقات ووعود
في عام 2010 صرح أمين بغداد صابر العيساوي بأن "العراق سيشهد انطلاق مشروع مترو بغداد"، موضحًا أن "مبلغ مليار دولار قد تم تخصيصه فعلًا لتنفيذ مشروع مترو بغداد"، لكن الكلفة تضاعفت ثلاث مرات في نهاية العام.
اقرأ/ي أيضًا: أرقام صادمة لأعداد السيارات في بغداد.. ما هي خطة المرور لتقليل الزحام؟
بعدها أعلنت أمانة بغداد عن قيام شركة سيستر الفرنسية بتطوير التصاميم القديمة لمشروع المترو، لكن المفارقة أن كلفة المشروع قفزت هذه المرة لتصل إلى 7.5 مليار دولار، مع إشارة إلى بدء تنفيذ المشروع، إذ اختارت دائرة المشاريع في أمانة بغداد، سبع شركات عالمية من دول مختلفة لتقديم عروض وتصاميم لمشروع مترو بغداد.
المحلّل الاقتصادي علاء الأسدي، يقول في حديث لـ"ألترا عراق"، إنه "قام في عام 2015 بالتعاون مع تحالف شركات (صينية، إيطالية، فرنسية) وتقديم خارطة لتنفيذ مشروع مترو بغداد بعدد محطات 77 محطة وطول 68 كليومتر، وبكلفة 4 مليارات و200 مليون دولار، وبإنجاز خلال فترة سنتين من أربعة خطوط وسعة مليون راكب يوميًا، مبينًا أن "المخطط الذي قدمه ورفضته وزارة النقل كان شرطه أن يصل لمطار بغداد، وتكون كلفة الكيلومتر الواحد للمترو 53 مليون دولارًا".
الحسم بلا فائدة
وصل المشروع إلى عام 2020 ليصبح بمسمى "قطار بغداد المعلّق"، حيث أعلنت وزارة التخطيط في آب/أغسطس الماضي إحالة المشروع إلى "شركة انستل الفرنسية بالتعاون مع شركة هونداي الكورية" بكلفة مليون يورو، وسيكون على شكل قرض وتستكمل باقي المقاطع عن طريق الاستثمار.
وبعد مرور أكثر من 4 أشهر، صرح وكيل وزير التخطيط للشؤون الفنية ماهر حماد، للوكالة الرسمية، وتابعه "الترا عراق"، أن هذا المشروع الكبير "سيُحدِث نقلة حضارية في مناطق أطراف بغداد، خاصة أنه سيصل إلى بسماية بعد التوسيع".
وأضاف حماد أنه "تم التوقيع الأساسي لمشروع القطار المعلق، ونقله لوزارة النقل ومحافظة بغداد وتم رصد مبالغ في الموازنة 2020-2021"، مبينًا أن "أولى خطوات العمل بالمشروع ستبدأ في شهر نيسان/أبريل 2022 وسيشمل مناطق الكرخ والرصافة، وقابل للتوسيع من مدينة الشعب إلى حي أور إلى القاهرة بعدها إلى مركز المدينة وللعلاوي ثم إلى الكاظمية، فيما أشار إلى أنه "بعد التوسع سيصل البياع والجادرية".
وبالعودة للمحلّل الأسدي، أوضح أن "جميع الشركات التي قدمت عروضها لتنفيذ قطار بغداد المعلق وليس المترو بعد 2015 تعتبر عروضها بائسة رغم سهولة تنفيذه، ولكن بكلفة 113 مليون دولار للكيلو المتر الواحد، وبكلفة كلية ملياري دولار و600 مليون تنجز 22 كليو متر بواقع 14 محطة وخط واحد فقط بسعة 30 ألف راكب يوميًا، وبفترة إنجاز 5 سنوات، وهو ما يؤشر إلى فرق واضح بالكلفة وعدد المحطات بين العرض الذي قدمه والعقد الموقع حاليًا".
وأشار إلى أن "التصميم المقدم من قبله كان سيغطي 80 بالمئة من مساحة العاصة بغداد، مستدركاً "لكن المراد تطبيقه حاليًا بالعقد الرسمي سيغطي فقط 16 بالمئة، فضلًا عن كون الأول كان سيحدد فيه مبلغ 1000 دينار كتذكرة للراكب العادي و500 دينار للمتقاعد والطلاب كمشروع استثماري لمدة 25 سنة لن يسبب أي خسارة للحكومة لحين تسلمه بعد فترة الاستثمار".
استبعد المحلّل الاقتصادي صالح الهماش تنفيذ قطار بغداد في ظل الصراع السياسي والفساد الإداري المستشري والميليشيات
ويرى الأسدي أن "مشروع قطار بغداد إذا تمّ تنفيذه بالتصميم المتفق عليه حاليًا، وبخط واحد، فأنه لن يؤدي إلى أي حل ينهي أزمة الاختناقات المرورية في بغداد ولن تكون له أهمية تذكر".
الفساد والمليشيات لن تمرره
بالمقابل، استبعد المحلّل الاقتصادي صالح الهماش تنفيذ قطار بغداد في ظل الصراع السياسي والفساد الإداري المستشري والميليشيات.
اقرأ/ي أيضًا: عقد مشترك بين النقل والتخطيط لتنفيذ مشروع قطار بغداد المعلق
وقال الهماش إن "سير القطار يجب أن يكون في مناطق ازدحام السكان ومراكز الوزارات، وأن يربط شرق بغداد بغربها، وشمالها بجنوبها، لافتًا إلى "ضرورة أن يكون سعر التذكرة رخيصًا لتحقيق الجدوى الاقتصادية، أما إذا كان هدف القطار إظهار شكل بغداد الحضاري، فإنه سيؤدي إلى استنزاف الأموال فحسب، وعزوف الناس عن استخدامه".
ومؤخرًا، طالبت لجنة الخدمات والإعمار النيابية، بإحالة جميع المشاريع الستراتيجية المزمع إنشاؤها؛ وخاصة قطار بغداد المعلّق، من خلال نافذة الاستثمار، مؤكدةً أن "الضائقة المالية التي يمر بها العراق ألقت بظلالها على أغلب المشاريع المتلكئة والمزمع إنشاؤها".
وقال رئيس اللجنة وليد السهلاني إن "مشروع قطار بغداد المعلق يكلف الدولة أموالًا طائلة تبلغ من 4 إلى 5 مليارات دولار تقريبًا، لذا يستوجب أن يكون هذا المشروع من خلال نافذة الاستثمار"، مطالبًا "وزارة النقل بأن تتراجع عن فكرة طرح هذا المشروع كـ(مقاولة) من قبل الشركة الفرنسية".
اقرأ/ي أيضًا:
مشروع قطار بغداد المعلق في محطة الشركة العامة للسكك
التخطيط تحدد موعد البدء بمشروع القطار المعلق.. ما هي المناطق التي سيمر عليها؟