24-أكتوبر-2019

نتائج التحقيق بأحداث قتل المتظاهرين أهملت "القرار السياسي" المسؤول (Getty)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

لم يخالف تقرير اللجنة الوزارية المشكلة للتحقيق في أحداث احتجاجات تشرين الأول/أكتوبر توقعات معظم العراقيين، والتي استندت ‏على تجارب سابقة للجان شُكلت للتحقيق في ملفات لا تقل خطورة وأهمية من القمع الذي حصل في الأزمة الأخيرة، مثل لجنة ‏التحقيق ‏بسقوط الموصل، ولجنة تحقيق في مجزرة سبايكر ولجان أخرى، والتي دائمًا ما تخرج بتوصيات تأخذ بطريقها كبش فداء من ‏المسؤولين ‏الصغار، فيما يخرج المسؤول الأول بلا إدانة ليتسبّب بـ"مجازر أخرى" ويتكرر السيناريو ذاته.‏

شكلت الكثير من اللجان في العراق سابقًا وعلى أمور كبرى لكن نتائجها كانت لا تختلف عن نتائج التحقيق الأخيرة التي ظهرت من اللجنة المشكلة للتحقيق في قمع احتاجاجات تشرين

اجتمعت عدة عوامل على أن لا تخضع اللجنة لسياسية لـ"التمييع" المتبعة في سابقتها، حيث أنهت أعمالها بوقت قياسي، لكن نتائجها ‏جاءت بعيدة عن الحقيقة وسطحية، بحسب مراقبين ونشطاء وصحفيين، حيث أهملت "القرار السياسي" وعجزت عن الخروج بنتيجة ‏ملموسة تجاه القناصة وأمر اطلاق النار.‏

اقرأ/ي أيضًا: متظاهرون يعاملون كـ"داعش".. ماذا تعرف عن "البو عزيزي" في واسط؟

في محافظة واسط بدت النتائج مستغربة من جهات عديدة، وسط روايات كثيرة لعمل اللجنة الفرعية في المحافظة، وأسباب توصياتها، حيث ‏أوصت بإعفاء  كل من "قائد شرطة المحافظة اللواء علاء غريب، ومدير الاستخبارات العميد حيدر محسن عريبي، بالإضافة إلى مدير ‏مخابرات المحافظة العميد علي نجم، ومدير استخبارات وأمن المحافظة العقيد إحسان جفات موسى، فضلًا عن مدير الأمن الوطني في ‏المحافظة ياسر هليل ومدير مكافحة الإجرام العقيد مصعب هاشم محسن، بالإضافة إلى تحويل الملف إلى القضاء، فيما تم تجاهل مسؤولية المحافظ عن القمع والأطراف المسؤولة بشكل مباشر عن القمع.‏

كان قائد الشرطة اللواء علاء غريب يواصل التأكد على عدم إطلاق الرصاص على المحتجين، بحسب "م.و"، والذي قال إن "القائد كان يتابع بشكل مباشر تفاصيل الاحتجاج بالإضافة إلى عدد من القيادات الأمنية، وفق تحديث مستمر يصله عبر جهاز المناداة، والذي يوصل نداءه إلى جميع القوات الأمنية ويحذّر من القمع"، لافتًا إلى أن "غريب أكثر شخص يدرك نتائج القمع، حيث تم إعفاؤه سابقًا من قيادة شرطة النجف على خلفية مقتل عدد من المتظاهرين في المحافظة".

أضاف "م.و" وهو ضابط في شرطة المحافظة في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "المحافظة كانت سباقة في محاسبة المقصرين قبل تشكيل اللجنة، حيث تم توقيف ضابطين بتهمة مخالفة الأوامر والتوجيهات وإطلاق الرصاص الحي بشكل مباشر على المتظاهرين ما خلّف جرحى وقتلى، ووثقت تسيجلات فيديوية ذلك بوضوح"، مشيرًا إلى أن "القائد سلّم منصبه لمعاونه فيما يعتزم المباشرة بالإجراءات القانونية المتعلّقة بقرارات اللجنة".

الخط الثاني شغالًا

قد تبدو السياقات الديمقراطية واضحة ومحترمة في نداءات الأجهزة الأمنية في المحافظة، والتأكيد على احترام حق التظاهر "علنًا"، لكن لا أحد يعرف التوجهيات من خلال الخط الثاني للقوات الأمنية، والذي يستخدم للتعليمات الخاصة والسرية بعيدًا عن منظومة النداءات العامة.

القمع والعنف حدث على مرأى ومسمع من محافظ واسط ورئيس اللجنة الأمنية، وكانا متابعين لكل ما حدث وفي تواصل مستمر مع القيادات الأمنية

يرجح "م.و" سببًا من اثنين لسلسلة الإعفاءات التي تعرض لها القادة من الأجهزة الأمنية في المحافظة، الأول "وجود توجيهات بالضرب والقمع من خلال الخط الثاني، وهو سياق متبع للتوجيهات الخاصة والسرية بواسطة الهاتف النقال بشكل مباشر"، فيما وصف السبب الأكثر ترجيحًا وهو أن "اللجنة حملتهم المسؤولية لإطلاق النار بشكل مستمر ولأيام دون أن يتصرفوا عمليًا أو يوقفوا مطلقيها وهم لديهم كامل الصلاحيات".

تحقيق محدود

يشكل المختصين على اللجنة التحقيقية عدم تحمليها المسؤولية لأصحاب المناصب السياسية من رئيس الوزراء ووزيرا الدفاع والداخلية، بالإضافة إلى رئيس اللجنة الأمنية العليا في المحافظة المحافظ محمد جميل المياحي المحافظ ورئيس اللجنة الأمنية في مجلس المحافظة صاحب الجليباوي.

اقرأ/ي أيضًا: انتفاضة تشرين.. القنّاص اغتال "مهندس الحشد" وحرمه من الزواج!

يعتبر عميد متقاعد من وزارة الداخلية أن إحالة القادة الأمنيين في المحافظة في التقرير إلى القضاء أمر صحيح، والذي يرى "ضرورة أن لا تقتصر على محاكمة هؤلاء القادة، ومن المفترض أن تشمل المحافظ محمد جميل المياحي ورئيس اللجنة الأمنية صاحب الجليباوي بالإضافة إلى رئيس الوزراء ووزيري الدفاع والداخلية، لأنهم إن لم يصدروا الأوامر بإطلاق النار فإنهم لم يوقفوا إطلاق النار ‏على مدى أكثر من أسبوع".

 أضاف العميد الذي طلب عدم الكشف عن اسمه في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "القمع والعنف حدث على مرأى ومسمع من المحافظ ورئيس اللجنة الأمنية، وهم كانا يتابعان كل ما حدث وفي تواصل مستمر مع القيادات الأمنية، وإن لم يكونا على تواصل، فهذا انفصال تام عن الواقع".

  لم تكن إقالة القادة المقالين سوى كبش فداء قبل البدء بالتحقيق بقرار مسبق من قيادات سياسية، بحسب العميد، والذي يروي عن مصدر رفيع لم يسمه، مستغربًا عدم تشكيل مركز قيادة وسيطرة يصدر الأوامر وينسق الاتصالات والمعلومات فيما يخص أحداث التظاهرات، فيما تركت إدارة الأزمة لتقدير القيادة المحلية في المحافظات، مستندًا على التباين في شدة القمع بين المحافظة، خاصة وأن القتل تركز في محافظات معينة دون غيرها.

يؤكد العميد أن "غالبية أفراد القوات الأمنية في المحافظة تجهل قواعد الاشتباك ولم تتدرب عليها بما فيه الكفاية، فهذه القواعد تحدد ‏اليات استخدام القوة في حالات الشغب بما لايحمي فقط أرواح المدنيين بل يحمي قانونيًا أفراد القوات المسلحة من المسؤولية الجنائية"، عازيًا ذلك إلى "هدوء المحافظة وعدم الاهتمام بهذا الجانب من القيادات العليا".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

التغطية تحت أزيز الرصاص.. كيف وثق الصحفيون احتجاجات تشرين؟

جواب السلطة على "العلم العراقي" رصاصة في جسد المتظاهر!