08-أغسطس-2022

600 مليون دولار مجانية لرجل أعمال في قضية مصرف الرافدين (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي، بقرار صادر من محكمة استئناف الرصافة، يقضي بدفع مصرف الرافدين 600 مليون دولار (أكثر من نصف مليار دولار) لصالح شركة بوابة عشتار للنظم والدفع الالكتروني، كشرط جزائي على إلغاء عقد بين المصرف والشركة.

وضع مصرف الرافدين على نفسه شرطًا جزائيًا مقداره 600 مليون دولار في حال أخل بشروط العقد مع إحدى الشركات وهذا غير وارد في أنظمة عقود الدولة

وبحسب القرار الصادر من المحكمة، فإنّ الشرط الجزائي جاء بعد إلغاء عقد بين المصرف والشركة، يقضي ببناء صرافات آلية من قبل الشركة لصالح المصرف، فيما وقع مدير المصرف على شرط جزائي في حال الإخلال بالعقد، بقيمة 600 مليون دولار، وهذه الأموال بالتأكيد ستُدفع من خزينة الدولة، لكون المصرف مصرفًا حكوميًا.

هذا القرار يفتح تساؤلًا عن كيفية توقيع عقد من قبل مسؤولين ومدراء مؤسسات "نيابةً" عن الدولة، ويحملها خسارات محتملة متمثلة بالشرط الجزائي، وما إذا يفتح هذا الأمر بابًا لاتفاق مدراء المؤسسات بتوقيع عقود بشروط جزائية كبيرة، ومن ثم إلغاء العقد بالاتفاق مع الشركات الاستثمارية، لتكبيد الدولة خسارة الشرط الجزائي، وتقاسم المبلغ بين مدير المؤسسة والشركة المستثمرة.

وهذا ما رجحه الخبير القانوني أحمد الزيادي، في إيضاح اطلع عليه "ألترا عراق"، مبينًا أنّ "مصرف الرافدين يضع على نفسه شرطًا جزائيًا مقداره 600 مليون دولار في حال أخل بشروط العقد مع إحدى الشركات، وبعدها يقوم بالإخلال بشروط العقد، وبالتالي يتسبب بخسارة لخزينة الدولة مبلغ الشرط الجزائي".

‏واعتبر أنّ "هذا أحد أنواع الفساد التي ترتكبها المؤسسات بالاتفاق مع الشركات والضحية خزينة الدولة".

ووجود عقد بشرط جزائي بهذا المبلغ ومع شركة محلية غير وارد وغير مسبوق في العراق، بحسب الخبير القانوني محمد جمعة. 

ويقول جمعة لـ"ألترا عراق"، إنه "ابتداءً ينبغي للسلطات المعنيّة محاسبة مدير المصرف وجميع من وقع أو اطلع أو راقب مرور العقد بهذه الطريقة"، متسائلًا: "كيف يمكن للدولة توقيع عقد مع شركة محلية وهذه الشركة المحلية تطلب تعويضات بـ600 مليون دولار؟".

ومن "الممكن جدًا أن يكون هنالك اتفاق بأن يقوم المصرف بالإخلال بالتزاماته ويتمّ تقاسم مبلغ الشرط الجزائي"، بحسب جمعة الذي أكد أنّ "توقيع الدولة لعقد وتضع على نفسها شرطًا جزائيًا بهذا المبلغ مع شركة محلية

 هي مسألة غير واردة لدينا في أنظمة عقود الدولة".

ووفقًا للخبير القانوني، فإنه "ينبغي للرقابة المالية وحتى مجلس الوزراء بالتدخل ومحاسبة المسؤولين، حيث أنّ العقود التي توقع مع الدولة تكون وفق قانون خاص

، ويجب أن تكون هنالك مناقصة، ولكن توقيع عقد بشرط جزائي كهذا فهذا أمر لا يجب مروره دون محاسبة مسببيه".

من جانبه، أوضح مصرف الرافدين أنّ العقد تم من قبل المدير العام الأسبق للمصرف ودون اطلاع وزارة المالية على بنود العقد.

وقال المصرف في بيان تلقى "ألترا عراق" نسخة منه، إنه "كان لديه الحاجة إلى التعاقد مع أكثر من شركة دفع الكتروني آنذاك لتوسيع قاعدة التنافس على تقديم أفضل الخدمات للمواطنين وبأسعار مقبولة حيث تم على إثر ذلك توجيه دعوات إلى شركات دفع الكتروني مجازة من قبل البنك المركزي العراقي لتقديم عروضها".

وأضاف أنّ "العقد الذي تم إبرامه مع شركة بوابة عشتار كان بتاريخ 4/3/2021 من قبل المدير العام الأسبق للمصرف قبل استحصال موافقة الوزارة وفق الأصول على صيغة العقد حيث خالف العقد العديد من الشروط الفنية السابقة التي كانت الوزارة قد حددتها لمقدمي العطاءات". 

وتابع: "وبعد عرض العقد على  الوزارة والاطلاع على الجوانب التجارية له والتي تمنح مقدم العطاء مزايا وأرباح غير مبررة على حساب زبائن المصرف وحين إبلاغ الوزارة بإبرام العقد وجه الوزير بإعادة تدقيق العقد لمصلحة الوزارة بتاريخ 3/9/ 2021 أو إلغائه إذا تطلب الأمر حيث لا ينبغي توقيع العقد إلا بموافقة الدائرة القانونية ودائرة تكنلوجيا المعلومات في الوزارة وحسب التعليمات السابقة". 

ولفت إلى أنه "تمت إحالة الموضوع للتحقيق مع سحب يد مدير عام المصرف الأسبق حينها مع إحالة الملف إلى هيئة النزاهة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق المقصر". 

كما أوضح بيان المصرف، أنّ "الشركة لجأت إلى القضاء لطلب فسخ العقد والتعويض بعد إجراءات الوزارة الحاسمة، وأصدرت المحكمة المختصة قرارها بفسخ العقد مع إلزام المصرف بمبلغ التعويض، حيث أن المصرف مستمر بمتابعة الإجراءات القانونية حيث تم الطعن بالقرار المجحف الصادر بحقه استئنافًا على أمل إعادة النظر بمضمونه بما يؤمن الحفاظ على المال العام". 

لكنّ هيئة النزاهة الاتحادية، أكدت في بيان أنها طلبت أخذ إفادة الممثل القانوني لمصرف الرافدين لتزويدها بالتحقيق الإداري ولم ترد الإجابة.

وبعد تداول معلومات على أن "شركة بوابة عشتار" هي شركة "وهمية" ولم يمض سوى عام واحد على تأسيسها، ردت الشركة في بيان اتهمت من خلاله "وسائل إعلام تمارس الابتزاز روجت لهذه المعلومة".

وقالت الشركة في بيان اطلع عليه "ألترا عراق"، إنّ "شركة بوابة عشتار، هي شركة عراقية مرخصة من البنك المركزي حسب السياق والأصول حاصلة على الموافقة بتاريخ 28 تموز/يوليو 2019 والرخصة المرقمة (14) لسنة 2020، كما وأن الشركة مرخصة من قبل شركة فيزا الأمريكية وشركة يونين باي الصينية".

وقامت الشركة بتوقيع عقد الدفع الالكتروني مع مصرف الرافدين بتاريخ 4 آذار/مارس 2021، وكان من ضمن العقد تزويد المصرف بعشرة الآف صراف آلي مجاني، إضافة إلى خدمات أخرى حديثة لم يكن يمتلكها المصرف سابقًا، إضافة إلى تغيير البنية التحتية الخاصة بالدفع الالكتروني لعدم وجود قاعدة بيانات صحيحة يمتلكها المصرف، وفقًا لبيان الشركة. 

وأشار بيان "بوابة عشتار" إلى أنّ شرط الغرامة الموجود في العقد، هو شرط رضائي لا يتحقق الا بنكول أحد الأطراف بتنفيذ بنود العقد، هذا و"قد حاولت الشركة مرارًا وتكرارًا مقابلة أصحاب القرار بوزارة المالية ومصرف الرافدين لتنفيذ العقد لكن دون جدوى، وتم توجيه إنذار نهائي إلى مصرف الرافدين بتاريخ 4 أيار/مايو 2021 بعزمنا التوجه إلى القضاء في حالة إصرار المصرف على عدم تنفيذ بنود العقد، و كان الذهاب إلى القضاء ملاذنا الأخير".

ويعتبر خبراء ومراقبون ومختصون اقتصاديون، أنّ "العقد تم توقيعه لكي لا ينفّذ أساسًا، أي بنية مسبقة لإلغائه، لغرض الحصول على الشرط الجزائي"، لكن بالمقابل يرى مختصون قانونيون أن القرار القضائي قابل للنقض، إلا أنه قد يفضي لتقليل مبلغ الشرط الجزائي قليلًا لا أكثر.

تم توقيع العقد مع مصرف الرافدين لغرض الحصول على الشرط الجزائي فقط وفقًا لمختصين

وتشير المعلومات إلى أنّ مالك الشركة التي استحصلت على العقد في مطلع 2021، بعد أن حصلت على ترخيصها في 2020 فقط، هو ذاته مالك مصارف الشرق الأوسط والقابض والأنصاري "المتحكمة بمزاد بيع العملة".