16-أكتوبر-2021

شروط عالمية تقيّد بغداد (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

يبدو أن المصادر المتنوعة لإنتاج الطاقة، شاءت أن توجد بمختلف أنواعها في بلد يعاني من أزمة كهرباء منذ نحو عقدين، الأزمة التي أثرت على الوضع الاقتصادي، بل وهددت الوضع السياسي طوال السنين الماضية، وهذه المفارقة تبرز بوضوح في العراق الذي يحتوي على خامس أكبر احتياطي نفطي  في العالم، ويقع في المرتبة 12 عالميًا باحتياطي الغاز، فضلًا عن تمتعه بـ300 يوم مشمس في السنة، وهي أجواء مثالية لاستثمار الطاقة الشمسية.

لا يستفيد العراق من النفايات التي تنتج بملايين الأطنان سنويًا ولا يعاد تدويرها وتذهب معظمها للحرق أو الطمر دون جدوى 

وبالاضافة لما تقدم، يبرز مصدر جديد للطاقة متمثلًا بالنفايات، والتي تظهر الأرقام الضخمة إمكانية استثمارها لإنتاج كهرباء يعادل عشرات الأضعاف مما يتمّ إنتاجه حاليًا من الكهرباء.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا يستهلك العراقيون ما يفوق ضعف حاجة المصريين من الكهرباء؟

الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط، ذكر في تقرير حديث اطلع عليه "ألترا عراق"، أن كمية النفايات الاعتيادية المرفوعة في عام 2020 بلغت 11.8 مليون طن بالسنة، مرتفعة عن سنة 2019 التي بلغت 10.6 مليون طن بالسنة، فيما بلغ معدل كمية النفايات المتولدة عن كل فرد 1.5 كغم يوميًا.

لا يستفيد العراق من النفايات التي تنتج بملايين الأطنان سنويًا ولا يعاد تدويرها وتذهب معظمها للحرق أو الطمر دون جدوى، وفضلًا عن عدم استثمار هذه النفايات وتحقيق الأرباح منها، فإن طمرها وإهمالها بهذه الطريقة يتسبب بمضار بيئية خطرة جدًا.

مع ذلك، لم تكن مسألة استثمار النفايات لإنتاج الطاقة غائبة عن الطاولة العراقية، ففي شهرآذار/مارس الماضي برزت الأحاديث عن تحرك شركات عالمية لاستثمار النفايات في العراق لتوليد الطاقة وبيعها إلى وزارة الكهرباء.

انعدام ثقافة تصنيف النفايات قد يضيع الفرصة!

عضو لجنة الطاقة والنفط النيابية أمجد العقابي قال في بيان في حينها اطلع عليه "ألترا عراق" إن "بعض الشركات قدمت مقترحات لإنشاء محطات لتدوير النفايات في بغداد من أجل إنتاج الطاقة الكهربائية، إلا أن عارضًا أوليًا يقف أمام هذا العرض يتعلق بانعدام ثقافة المواطنين على عزل النفايات"، حيث بيّن العقابي أن "هذه الشركات ارتأت أن يكون فرز النفايات من قبل الأهالي (كما هو الحال في الدول المتقدمة)"، معتبرًا أن "هذا الأمر لن ينجح، كون أغلب الأهالي لا يتمتعون بثقافة لفرز النفايات".

من جانب آخر، كشف العقابي، عن "تقديم بعض الشركات الأجنبية أفكارًا لإنشاء محطات حضارية داخل بغداد من دون فرز، وتخليص العراق من النفايات المكدسة، إضافة إلى تشغيل الكثير من الأيدي العاملة، إلا أن الاختلاف الذي وقع بين وزارة الكهرباء وتلك الشركة التي ترغب بإنشاء المحطة بشأن سعر بيع الميغاواط الواحد والذي قدرته  بـ 160 دولارًا، وهذا سعر كبير جدًا". 

وبين العقابي، أنه "إذا تعاونت أمانة بغداد ودفعت جزءًا من هذا السعر، فيمكن أن تتم عملية بناء مثل هذه المحطة، والموضوع قيد الدراسة الآن وله جدوى اقتصادية، خاصة وأن هذه المحطة صديقة للبيئة، وستخلص العراق من الطمر الصحي، لذا يجب أن تكون هناك جلسة بين أمانة بغداد ووزارتي الكهرباء والنفط التي ستقوم بتزويد المحطة بكمية وقود قليلة لأغراض التشغيل".

وأكد أن "الجدوى تكمن في إذا ما تم احتساب الكلفة العالية التي تتحملها أمانة بغداد في رفع النفايات شهريًا مقارنة بكلفة عمل هذه المحطة، كما أن الشركة المستثمرة تعهدت بتوفير آليات لرفع النفايات وكابسات لمعالجتها، وسنمضي بهذا المشروع الخدمي والستراتيجي إذا ما اتفقنا مع أمانة بغداد على تحمل نصف مبلغ المشروع، ومن المحتمل أن تعمم الفكرة على جميع المحافظات".

شروط بيئية قاسية

رئيس هيئة السيطرة على المصادر المشعة الدكتور كمال لطيف، يؤكد وجود جدوى كبيرة من استخدام النفايات لتوليد الكهرباء ولكن وفق شروط بيئية صارمة.

ويبيّن لطيف في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "موضوع تحويل النفايات إلى طاقة بالمجمل مشروع ممتاز جدًا، ولكن فيه شروط بيئية صارمة، وتتمثل بضرورة أن تكون الانبعاثات ضمن الحدود البيئية خوفًا من تصاعد غازات سامة"، مشيرًا إلى أنه "لتحقيق هذا الشرط لا بدّ من استخدام مرشحات خاصة إذا كان المشروع يعتمد على مبدأ الحرق". 

وأضاف أن "الحرارة في المحارق يجب أن تزيد عن 1200 درجة مئوية لضمان تكسر المركبات السامة"، مؤكدًا أن "هاتين النقطتين هي أول ما يجب لتأكيد عليها وقيام وزارة البيئة بإجراء فحص دوري للمداخن ووضع متحسسات لحظية تتابع تلك الانبعاثات".

ويتحدث لطيف عن وجود جملة صعوبات، أهمها "نقل النفايات يوميًا يجب أن يكون في محطة الحرق لتأمين مادة الوقود، وسيحتاج المعمل إلى فرز نفايات المعادن والزجاج والأحجار يوميًا والإبقاء على باقي أنواع النفايات للحرق"، حيث يبيّن أن "ليس جميع النفايات يمكن استخدامها لتوليد الطاقة، حيث أن قرابة 18% منها عبارة عن زجاج ومعادن ومواد بناء وهذه تستبعد".

نفايات العراق اليومية تسد حاجة 50% من الغاز الإيراني 

وبالاطلاع على تصريح سابق تصريح سابق للمستشار في وزارة الكهرباء هاشم الشديدي، يبيّن فيه أن "العراق نجح في تهيئة الأجواء الملائمة لجذب شركات الاستثمار الأجنبية والعربية في مجال تدوير النفايات وتحويلها إلى طاقة كهربائية، باستخدام تكنولوجيا الجيل الرابع الذي ينتج أكثر من 37 ميغاواط لكل ألف طن، بينما ينتج الجيل الثالث الذي يستخدم في أغلب دول الجوار ومنها تركيا نحو 17 ميغاواط لكل ألف طن".

ووفق ذلك، فإن قرابة 12 مليون طن من النفايات التي انتجها العراق خلال العام الماضي، من الممكن أن تنتج طاقة كبيرة جدًا من الكهرباء، حيث أن كل ألف طن من النفايات ينتج 37 ميغا واط، وفق تصريح المستشار السابق بوزارة الكهرباء هشام الشديدي. 

وباستبعاد قرابة 18% من كمية النفايات كزجاج ومواد انشائية ومعادن، من الـ11.8 مليون طن من النفايات في العراق خلال 2020، يتبقى قرابة 10 مليون طن من النفايات، خلال عام كامل، ما يعني أن كمية النفايات اليومية في العراق تبلغ قرابة 30 ألف طن، وبحسب تصريح هشام الشديدي بأن الألف طن تنتج 37 ميغا واط، فإن الـ30 ألف طن يوميًا، تنتج أكثر من ألف و100 ميغا واط في الساعة. 

وينتج العراق من الغاز الإيراني الذي بلغ في الأيام الأخيرة 20 مليون متر مكعب فقط، أكثرمن ألفي ميغا واط بقليل، ما يعني أن الـ1100 ميغا واط (1.1 غيغاواط) الممكن إنتاجها من النفايات اليومية للعراق، تعادل 50% من الطاقة المنتجة بفعل الغاز الإيراني المستورد يوميًا.  

يلتزم العراق بشروط وتوجه دولي يفرض عليه التوجه نحو الطاقة النظيفة وتقليل انبعاثاته

وبحسب مراقبين، فإن العراق لن يذهب باتجاه هذه المشاريع لتوليد الطاقة الكهربائية من النفايات، وذلك لالتزامه بشروط وتوجه دولي يفرض على العراق التوجه نحو الطاقة النظيفة وتقليل انبعاثاته وهو ما يخطو إليه العراق بالفعل خلال الفترة الحالية وإبرام عقود للطاقة الشمسية وإيقاف حرق الغاز واستثماره، والحديث عن إنشاء مفاعل نووي لإنتاج الكهرباء، وجميعها تصب باتجاه رفع الطاقة النظيفة وتقليل الاعتماد على مصادرالطاقة التي تتسبب بانبعاثات حرارية، وهو ما سيمنع بالتأكيد اتجاه العراق نحو استثمار النفايات.

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الكهرباء تتحدث عن خطة خلال 5 سنوات: سنصل إلى 45 ألف ميغاواط

نائب يتحدث عن عملية سرقة أكثر من مليار دولار في وزارة الكهرباء