يعاني العديد من مشتركي الإنترنت في العراق من ضعف في الخدمة المزودة لهم مقارنة بأسعار عالية يقومون بدفعها، قد تصل إلى أعلى من دول مشهورة بقوّة الإنترنت لديها، فيما يشخص مختصون الكثير من الأسباب حول هذا الضعف، منها الجهات الرسمية.
يعتقد مختصون أنّ أسعار الإنترنت في العراق مرتفعة بأضعاف أضعاف ما يوجد في دول الجوار
ويرى المختص بحوكمة وأمن وتكنلوجيا المعلومات، علي أنور، أنّ جودة الإنترنت في العراق "ليست ضمن الطموح وبشكل عام لا يوجد رقابة عليها إلا من المواطنين، معتبرًا أنّ "وزارة الاتصالات التي تعتبر القائد لهذا القطاع هي نفسها تقر بوجود أخطاء ومشاكل كثيرة بالجودة وغيرها".
ويقول أنور لـ"ألترا عراق"، إنّ "وزارة الاتصالات هي أول مسبّب برداءة جودة الإنترنت، لأنها تفرض رسومًا مرتفعة على أجور تمرير السعات بشكل عام، ما يؤثر في كلفة الإنترنت، ابتداءً من الحدود مرورًا بالشركات، ثم وصولًا إلى البيوت عن طريق الوكلاء".
وارتفاع الرسوم من قبل وزارة الاتصالات ـ والكلام لأنور ـ هو "ما يزيد الكلفة على الإنترنت المقدم للمواطنين ويقلّل الجودة، في حين أن الوزارة كانت تقوم بتخفيضها بعض الأحيان لكنها بالعموم تعد مرتفعة بأضعاف أضعاف ما يوجد من إنترنت في دول الجوار".
وأشار أنور إلى أنّ "الوزارة لا تخفض الرسوم لأنها تؤثر على مواردها التي تستفيد منها في دفع رواتب موظفيها وصرفياتها الأخرى، وهي تدخل بسياقات تعزيز موارد الدولة"، داعيًا إلى "وجود رقابة بشكل أكبر على الجودة من قبل وزارة الاتصالات ويسبقها تخفيض أجور السعات".
وعن مقارنة جودة الإنترنت، ومع استثناء سوريا وإيران، فإنّ العراق بالنسبة لأنور يعتبر "بعيدًا عن الجودة والإدارة لقطاع الإنترنت ومراقبته، وذلك "بسبب آلية عمل الوكلاء"، مضيفًا أنّ "المشاكل يمكن القضاء عليها بالانتقال إلى الكابل الضوئي FTTH والاستغناء عن الأبراج، حيث ستسقط جميع الأعذار التي تظهر عن صعوبة مراقبة الإنترنت".
ولفت المختص إلى أنّ "وزارة الاتصالات لا توفر أرقامًا عن جودة الإنترنت لاطلاع المختصين بشفافية، وعن الأهداف التي يجب وصولها في العراق بما يخص الجودة وطموحاتها"، مبينًا أنّ "تصنيف العراق بهذا المجال يصدر من قبل مواقع عالمية مختصة، وفي بعض الاحيان جاء العراق بالمرتبة 40 بين دول العالم وهي تعتبر جيدة، فيما حل بسنوات أخرى بعد المرتبة 100، ولذلك فهي مراتب متذبذبة تخضع لتغير السياسات والوزراء والاقتصادات والحكومات".
وأصبح الإنترنت ضمن حقوق الإنسان دوليًا، أسوة بحاجات مثل الماء والكهرباء، كما يرى أنور، ولذلك فإنّ "توفيره ضرورة ملحة مع وجود مناطق كثيرة في العراق لا زالت بلا هذه الخدمة وأسعارها مرتفعة، فلا يستطيع الجميع الحصول عليه"، مبينًا أنّ "الأشياء الجيدة تتمثل بوجود الإنترنت الآن في المقاهي والمطاعم والمرافق العامة، بينما يجب التركيز على توفيره في المدارس والجامعات بشكل أكبر لأغراض التعليم ومواكبة التطور، بالإضافة للمؤسسات الإنتاجية".
يرى مختصون أنّ الإنترنت في العراق لن يتحسن إطلاقًا إلا إذا تم تقليل سعر نقل السعات عن طريق الوكيل التابع لوزارة الاتصالات
كما أنّ اتجاه العراق نحو تطبيق سياسات الدفع الإلكتروني يحتاج لـ"خدمة إنترنت عالية لتشغيل أجهزة الدفع، لأن الطلب سوف يزداد على هذه الطرق، وهو موضوع أشبه بطلب الطعام الدلفري والاحتياجات الأخرى بالتسوق عبر التطبيقات"، وفق أنور الذي أضاف أنّ "البنى التحتية يجب توفيرها في العراق لقطاع الإنترنت بشكل عملاق لتحمل الطلب المتزايد والاستخدام والإقبال على هذا القطاع الذي بات يدخل في جميع الاحتياجات".
لكنّ المختص في مبيعات شركات الإنترنت، حيدر ستار، يشخّص وجود أسباب عديدة لضعف جودة الإنترنت، وتقف عائقًا أمام الشركات المزودة للخدمة في كل وقت، مبينًا أنّ "التحسن الذي يحصل في بعض الأحيان يقابله مشكلات أكبر في أغلب الأوقات".
وقال ستار لـ"ألترا عراق"، إنّ "الإنترنت في العراق لن يتحسن إطلاقًا إلا إذا تم تقليل سعر نقل السعات عن طريق الوكيل التابع لوزارة الاتصالات، في وقت لا يوجد نهاية لمشاكل الوزارة مع الشركات، ما ينتج قلة الجودة"، مشيرًا إلى أنّ "الشركات بالعموم لا تصب أهدافها لخدمة الزبون بقدر اهتمامها بكسب الزبون حتى عبر التنافس غير الشريف لزيادة أعداد المشتركين دون اهتمام بما سيحصل عليه من خدمة جيدة أو سيئة".
وفي موضوع آخر، فإنّ ستار يرى أيضًا أنّ "أغلب الوكلاء هم سبب رداءة الجودة، مع وجود نسبة قليلة تعمل بشكل جيد"، موضحًا أنّ "الوكلاء يتحكمون بالأسعار ولا يلتزمون بالتسعيرة الرسمية، كما يمارسون الضغط على الشركات للحصول على عروض تدر عليهم الأموال وهو يمثل التفكير الوحيد بهذا القطاع".
وأضاف ستار أنّ "تخفيض السرعة يعني تضرر المشتركين، بينما سيبقى الوكيل مستفيدًا بسعر ينفع مصالحه، وهذه ليست بالمعادلة الصحيحة التي يجب حصولها"، معتبرًا أنّ "جودة الانترنت في العراق مقارنة بدول الجوار تحسنت بعض الشيء بتطبيق خدمة الألياف الضوئية، مع استمرار العراق بعدم استخدام الإنترنت المحدود، إذ توجد سرعات بطيئة ومتغيرة لا ينتبه لها أحد، وذلك يتضح من خلال بيع 10 جيجا بايت للمستخدم، وهو حر باستخدامها خلال يوم أو شهر، مقارنة بإمكانية منحه إنترنت مفتوح طيلة الشهر وقد يصل استخدامه إلى 50 جيجا".
تحدث مختصون عن تحكم وكلاء بالأسعار وعدم التزامهم بالتسعيرة الرسمية كما يمارسون الضغط على الشركات للحصول على عروض تدر عليهم الأموال
ويؤشر مختص المبيعات، حاجة قطاع الإنترنت لإصلاح تلك المشاكل عبر إيجاد "طاقات شبابية وتنافس حقيقي، إضافة لتطبيق نظام رقابة رصين من قبل الدولة على شركات الإنترنت"، كاشفًا عن "وجود أكثر من 50 شركة إنترنت تعمل وهي غير مسجلة رسميًا".
وأكد ستار أنّ "الشركات المسجلة بشكل رسمي ليس لديها حصة تسويقية تمكنها من المنافسة بها بشكل صحيح مقارنة بالشركات غير المسجلة في القطاع"، مضيفًا أنّ "الشركات الأصولية بهذه الطريقة الضاغطة، فهي لديها التزامات أكثر مع الدولة، ومع ذلك تريد تحقيق الربح لكيانها وتغطية نفقات رواتب موظفيها ومصاريف الإيجارات والضرائب التي يجب دفعها".
وللحصول على توضيح من وزارة الاتصالات حول التشخيص والحلول، فقد تواصل "ألترا عراق"، مع المعنيين في إعلام الوزارة، عبر الاتصالات والرسائل، لكن دون أية استجابة عن الاستفسارات المطروحة.