ألترا عراق ـ فريق التحرير
لم تهدأ أصوات شكاوى المزارعين في جنوب العراق منذ أيام عديدة، بفعل السلع المستوردة ولا سيما الممنوعة من الاستيراد لوفرتها محليًا، فيما أخذت وزارة الزراعة دور "المتشكي" لتضم صوتها إلى صوت المزراعين، دون اتخاذ أي إجراء حكومي حتى الآن من قبل حكومة بغداد والتي تعد وزارة الزراعة جزءًا منها، بالرغم من أن "المتهم" وراء الخطر المتربص بالأسواق محدد حكوميًا والمتمثل بمنافذ إقليم كردستان.
المئات من مزارعي محصول الطماطم في البصرة، خرجوا مطالبين بغلق المنافذ الحدودية أمام دخول الطماطم المستوردة
وتخطط الحكومة بمختلف مفاصلها ووزاراتها لتعظيم الإنتاج المحلي ومحاربة المستورد، خصوصًا بعد اتخاذ خطوة تخفيض قيمة الدينار أمام الدولار، الخطوة التي بررتها وزارة المالية أولًا بأنها تعمل على تشجيع الناتج المحلي، ولا سيما الزراعي والصناعي، والتقليل من إدخال المستورد، إلا أن الأسواق العراقية تواجه اليوم لوحدها ما يناقض ويهدد التوجه الحكومي المعلن.
اقرأ/ي أيضًا: الرواتب خارج اللعبة.. هل يتجنب الكاظمي سجالات منتصف الليل؟
قبل أيام، خرج المئات من مزارعي محصول الطماطم في مزارع قضاء الزبير وناحية سفوان غربي محافظة البصرة، مطالبين بغلق المنافذ الحدودية أمام دخول الطماطم المستوردة، لما تواجهه منتجاتهم من الطمطام من خطر محدق خصوصًا وهو يمر بمراحل موسم الجني.
إجراءات عسكرية "دون جدوى".. المسألة أكبر من الوزارة!
المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف، قال في تصريحات صحفية تابعها "ألترا عراق"، إن "المنتج المحلي مستهدف بشكل كامل ليس فقط منتوج الطماطم إنما على مستويات أخرى"، مؤكدًا أنه "وبدون ضبط حدود إقليم كردستان لا يمكن السيطرة على هذه الحالة وحل المشكلة".
وأشار النايف إلى أن "وزارة الداخلية وجهت الجهات الأمنية التابعة لجهاز الأمن الوطني في السيطرات على الطرق الخارجية لحماية المنتج ومنع مرور الشاحنات التي تحمل هذا المنتج لكن دون جدوى لضعف السيطرات بين المحافظات".
وبينما أوضح أن "الوزارة تساند المزارعين بمطالبهم"، استدرك قائلًا إن "المسألة أكبر من الوزارة، بسبب دخول الشاحنات ليلًا، بفعل الاجتهادات الشخصية من قبل السيطرات والتي تسمح بدخولها".
وأضاف المتحدث باسم وزارة الزراعة، أن "الحل الوحيد يكمن في السيطرة على منافذ الإقليم"، منوهًا أن "حل المشكلة ليس فنيًا إنما سياسيًا والتدخل من أجل ضبط الحدود بين المحافظات".
وزارة الزراعة وفي أكثر من مناسبة، أكدت خلال الأشهر الماضية التوجه نحو حلول بديلة بعد عدم السيطرة على منافذ إقليم كردستان، من بينها حلول عسكرية متمثلة بمسك شاحنات تحمل بضائعًا وسلعًا مهربة نحو بغداد والمحافظات الجنوبية، فضلًا عن إعلان الوزارة في وقت سابق عن توجه آخر متمثل بملاحقة السلع الممنوعة من الاستيراد والمهربة، في داخل الأسواق والمحال ومصادرتها، إلا أن هذا الإجراء يبدو أنه لم ينفذ فعليًا أو لم يفي بالغرض وفشل بمنع التجار والمحال من التعامل مع البضائع المستوردة الممنوعة من الاستيراد، حيث أن الوزارة بدأت تواجه مشاكل مع الجهات التي كانت "تراهن عليها" في الأساس لمنع المستورد من التسرب للأسواق العراقية في المحافظات، والمتمثلة بالسيطرات التابعة للحكومة المركزية في الطرق الخارجية، حيث وصفتها بأنها تعمل وفق "اجتهادات شخصية".
البضائع الفاسدة تغزو الأسواق العراقية
وبعد أيام من حديث وزارة الزراعة حول خطر البضائع المستوردة المتمثلة بتهديد الناتج المحلي، ذهبت الوزارة إلى مستويات "أخطر"، لتتحدث عن دخول بضائع وسلع فاسدة من منافذ إقليم كردستان صوب الأسواق العراقية.
تقول الزراعة إن الإقليم هو المشكلة الرئيسية والعامل السلبي المؤثر على الإنتاج المحلي من خلال إدخال السلع والبضائع بشكل عشوائي
المتحدث باسم الوزراة حميد النايف قال في تصريح صحفي تابعه "ألترا عراق"، إنه "رغم مناشداتنا الكثيرة بمنع وإيقاف تهريب السلع والبضائع المنافسة للإنتاج المحلي كالأسماك وبيض المائدة والخضروات والفواكه التي تدخل عن طريق منافذ ومعابر إقليم كردستان إلا أنها لم تأخذ على محمل الجد والتي أثرت بشكل كبير على الفلاح والمزراع المحلي".
اقرأ/ي أيضًا: الزراعة تصدر بيانًا حول منتجي بيض المائدة: اضربوهم بيد من حديد
وأضاف النايف، أن "الإقليم هو المشكلة الرئيسية والعامل السلبي المؤثر على الإنتاج المحلي من خلال ادخال نلك السلع والبضائع بشكل عشوائي وغير خاضع للفحص والتقييس، كما أن هناك جهات متنفذة متعاونة مع الإقليم لتعويم تلك المنتجات إلى كافة الأسواق العراقية ووصولها حتى البصرة".
وأشار إلى أن "الأجهزة الأمنية والسيطرات وبالأخص الجهات الأمنية المعنية كالأمن الاقتصادي، ما زالت رخوة وغير قادرة على منع دخول تلك البضائع الى الأسواق العراقية"، مطالبًا الحكومة بـ"التدخل الفوري وإجراء المراقبة على السيطرات المحاذية للإقليم ومحاسبة المقصرين".
قرار سابق
وحول سبب استمرار وزارة الزراعة ببث"الشكاوى والمناشدات" دون اتخاذ إجراءات فعلية توازي الخطورة الواضحة في تصريحات وزارة الزراعة، أكد المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف في تصريحات لـ"ألترا عراق"، توجه بغداد فعليًا لاتخاذ خطوة وصفها بـ"القوية".
وقال النايف إن "رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي اجتمع بالفلاحين من محافظة البصرة، واستمع لطلباتهم ووجه بتشكيل لجنة من جهاز الأمن الوطني والأمن الاقتصادي لمداهمة المولات ومراكز التسوق لملاحقة البضائع المستوردة ومصادرتها، فضلًا عن ربط جميع السيطرات بوزارة الداخلية للضرب بقوة أي جهة تسهل وتسمح بمرور السلع والمنتجات المستوردة من إقليم كردستان إلى باقي المحافظات".
وواجه "ألترا عراق" متحدث الوزارة، بأن هذه الخطوة سبق أن تم اتخاذها من قبل وزارة الزراعة، قبل أن يستدرك النايف قائلًا إنه "بالفعل تم اتخاذ هذا القرار من قبل وزارة الزراعة، إلا أن اللامركزية في القرار حالت دون تنفيذ هذه الخطوة وتأخرها حيث أن مديريات الزراعة في المحافظات مرتبطة بالمحافظة وليس بالوزارة، إلا أن بعد اتخاذ هذا القرار والتوجيه من رئاسة الوزراء أصبح القرار أكثر قوة وفرص تنفيذه أكبر، ونتوقع نتائج جيدة على خلفية هذا التوجه، حيث أن مصادرة المواد المستوردة ستمنع أصحاب المحلات والتجار من شراء البضائع من إقليم كردستان والداخلة عبر منافذ الإقليم".
"جهل" وفساد في السيطرات.. عبور المستورد ومنع المحلي!
وحول تفشي المشكلة وعدم اقتصارها على منافذ اقليم كردستان بل عبور هذه البضائع من خلال السيطرات التابعة للحكومة المحلية في الطرق الخارجية، أكد النايف أن "بعض السيطرات وبالرغم من التعاون الموجود من قبلهم إلا أن هناك جهلًا وعدم تمييز لبعض البضائع حيث تمنع عبور البضائع المحلية وتسمح بمرور المستورد".
قالت الزراعة إن بعض السيطرات الأمنية لا تميز بعض البضائع حيث تمنع عبور البضائع المحلية وتسمح بمرور المستورد
ولم يقتصر النايف الأمر على "جهل السيطرات"، بل لم يستبعد وجود "سيطرات متعاونة مع جهات معينة فضلًا عن تقاضي عمولات مقابل مرور البضائع المستوردة"، مبينًا أنه "من غير المعقول أن الشاحنات تعبر من أربيل وتصل إلى البصرة دون أن تكتشف سيطرة واحدة أن هذه البضائع مستوردة، الأمر الذي يعزز إحتمالية الفساد والتهاون والتعاون مع جهات أخرى بهذا الصدد".
اقرأ/ي أيضًا: