بيض المائدة، حديث شاغل يتداول منذ أشهر و"صراع إقليمي" آخر حلبته سوق البلاد، التي غصت بشحنات من البيض الإيراني والتركي والأوكراني وغيره، حتى باتت رزم البيض تصطف في الشوارع وبأسعار مخفضة جدًا وصلت حتى ألفي دينار، مقابل خسائر فادحة للمنتج المحلي، وهو ما واجهته وزارة الزراعة بإجراءات مشددة.
اشتعلت أزمة في السوق المحلية إثر ارتفاع أسعار بيض المائدة المحلي إلى أكثر من آلاف دينار وسط دعوات لمقاطعته
لكن ما أن اختفى المنتج المستورد أو كاد، حتى ارتفع سعر بيض المائدة المحلي إلى أكثر من 6 آلاف دينار لطبقة البيض الواحدة، ليعلن أزمة جديدة، تفاعلت سريعًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي وسط دعوات إلى مقطاعته لإجبار أصحاب حقول الدواجن على تخفيض الأسعار، وهي دعوات تعارضها وزارة الزراعة بشدة موجهة أصابع الاتهام إلى "تجار منتفعين"، فيما يرى مراقبون أن الأزمة "مفتعلة" لتمهيد الطريق للمستورد من جديد.
اقرأ/ي أيضًا: مشاريع الدواجن في الديوانية تغلق أبوابها لصالح "الدجاج الإيراني"
كان البيض المستورد عرض أصحاب مشاريع الدواجن إلى خسائر فادحة، خلال الأشهر الماضية، وأجبر الكثير منهم على هجرة مصالحهم أو تبديلها، في حين أضطر تجار آخرون إلى توزيع منتجاتهم مجانًا على المارة في شوارع بغداد، تجنبًا لتلفها بعد إعراض عن شرائها في ظل توفر منتج منافس أرخص بكثير.
يقول علي حسين، صحاب مشروع دواجن، إن "أغلب أصحاب المشاريع وزعوا البيض بالمجان بسبب المستورد و خسروا مبالغ مهولة، حتى أنهم جزروا الدجاج، بعد أن فاقت كلفة الإنتاج الإيرادات المتحققة، وتم تسريح آلاف العمال من الحقول بسبب توقف العمل"، مضيفًا في حديث لـ"الترا عراق" أن "أصحاب الدواجن لم يتركوا بابًا إلا وطرقوه من أجل إنقاذهم، ومنع استيراد البيض الأوكراني والإيراني بطريقة غير قانونية، والذي يدخل البلاد بحماية جهات مستفادة على حساب المنتج المحلي".
كانت وزارة الزراعة قد كشف في كتاب رسمي، عن استمرار دخول البيض المستورد على الرغم من قرار حظره، عبر إقليم كردستان، وطالبت وزارة الداخلية بتشديد إجراءات مديرية مكافحة الجريمة المنظمة، بهدف حماية المنتج المحلي بعد توقف جميع مشاريع دواجن بيض المائدة بسبب الخسائر المالية، عادة ذلك "استهدافًا لمشاريع الدواجن في العراق".
تتهم وزارة الزراعة "تجارًا منتفعين" بالوقوف وراء أزمة البيض عبر احتكار كميات كبيرة من المنتج المحلي بهدف الضغط لفتح الطريق أمام المستورد
من جانبها استجابت وزارة التجارة في إقليم كردستان حين أعلنت، يوم السبت 22 حزيران/يونيو، إيقاف استيراد البيض ومواد أخرى، تنفيذا لقرار الحكومة الإتحادية. وقال المتحدث باسم الوزارة، فتحي المدرس، في تصريح صحافي، إن "وزارته طبقت قرار الحكومة الاتحادية بايقاف استيراد البيض ومواد أخرى من إيران وتركيا بهدف تشجيع المنتج المحلي".
السعر الرسمي!
الإجراءات المشددة نجحت في خفض نسب البيض المستورد في الأسواق المحلية، لكنها مهدت لأزمة جديدة يقف خلفها "تجار منتفعون". يقول المتحدث الرسمي باسم وزارة الزراعة، حميد النايف، إن "الوزارة منعت استيراد البيض منذ سنتين، وفي الأيام القليلة الماضية منعت منح إجازات استيراد البيض، فضلًا عن التزام حكومة إقليم كردستان ببعض القرارات الخاصمة بمنع استيراد البيض، وتحديدًا عبر منفذ إبراهيم الخليل في الإقليم".
يضيف النايف في حديث لـ "الترا عراق"، أن "البيض المستورد موجود الآن في الأسواق، ولكن بنسب أقل بكثير من السابق، حيث كان يغرق الأسواق المحلية"، مبينًا أن "الغرض من منع استيراده هو حماية المنتج المحلي والثروة الحيوانية، التي توقف إنتاجها بفعل الحروب والأزمات الأخيرة التي شهدتها البلاد".
وعن أزمة ارتفاع سعر البيض المحلي، يؤكد المتحدث باسم وزارة الزراعة، تحرك وزارته من خلال "جولة على أصحاب مشاريع إنتاج الدواجن في البلاد، وحثهم على توفير البيض للمواطنين"، مؤكدًا قدرتهم على "تغطية السوق بما يحتاج، تمهيدًا لتحقيق الاكتفاء الذاتي".
اقرأ/ي أيضًا: الزراعة والصناعة.. شاهدان يكشفان "جرائم" الاحتلال الأمريكي بالأرقام!
كما اتهم النايف، بعض التجار المنتفعين من البيض المستورد باللجوء إلى عمليات "احتكار" من خلال شراء كميات كبيرة من البيض وتخزينه لـ "افتعال أزمة أسعار في السوق، وضرب البيض المحلي"، وتسويق "أزمة وهمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكل ذلك من أجل البيض المستورد التالف غالبًا ذو الرائحة الكريهة".
حددت وزارة الزراعة سعر طبقة البض الواحدة بـ "4 آلاف مؤكدة اتخاذ إجراءات لتثبيت أسعاره في السوق
وأكد النايف، أن "وزارة الزراعة شرعت وبالتنسيق مع وزارة الداخلية والتجارة بتوحيد أسعار البيض الوطني"، لافتًا إلى أن "سعر الرسمي لطبقة البيض الواحدة هو 4 آلاف دينار"، داعيًا بذات الوقت "كل الجهات والوزارات إلى شراء البيض المحلي الوطني بهذا السعر".
اقرأ/ي أيضًا:
"الاكتفاء" نذير "الكوارث".. القمح على خطى الطماطم والسمك!
قدرة العراقيين الشرائية.. من مغامرات صدّام إلى فقدان 790 مليار دولار!