03-مايو-2019

يرتدي بعض المجانين عباءة أمهاتهم في مستشفى الشماعية (فيسبوك)

كان "ماجد" أحد أولئك الذين نالت الحرب منهم، لكنه بدل أن ترسله إلى المقبرة قامت بأرساله إلى مصح عقلي. بقيّ "ماجد" في المصح سنين طويلة حتى جاء الوقت الذي خرج من المصح وهو سليم العقل -كما تراه أمّه- التي اختفت في أحد الأيام بعد خروجه. 

عاش بعدها "ماجد" حياة صعبة أمضى فيها ليالي في الشوارع جنب القطط، وفي النهار يقضي وقته بين بسطات السوق الشعبي والناس التي بدأت بالتعرّف عليه ومساعدته بإعطائه الحسنات أو بعض الفاكهة والخيار.

مرّت أيام قليلة حتى بدأ الناس بالنفور من "ماجد" الذي شاهدوه في أحد صباحات الصيف وهو يرتدي عباءة سوداء اللون كانت تعود لوالدته المختفية. التفّ بها وهو يتبختر في مشيته وسط العيون التي كانت تنظر له بشفقة. عبرَ "ماجد" السوق الشعبي المكتظ ومرّ على إحدى ساحاتْ لعب كرة القدم، التي كان فيها بعض الفتية يلعبون، وعندما رأوه توقفوا عن اللعب وفسحوا له المجال ليعبر وسطهم. لم يهتم "ماجد" لأمرهم وأستأنف مسيره بخط مستقيم وهو يحاول الإسراع من خطواته. بدأ الفتية بالتصفيق والتصفير وهم يصرخون على "ماجد" (هه هه مخبل، لابس عباة أمه).

 أسرع "ماجد" في خطاه أكثر ولم يكترث لأصواتهم التي علتْ وشتمهم لأمّه، أراد فقط الوصول إلى الفرع الذي يؤدي إلى بيته بأقصى سرعة. وقد وصل إلى الفرع أخيرًا وألتقط عكّاز خشبي كان مركونًا على جانب الفرع، وأستأنف مسيره. أثناء الطريق تساقطتْ أسنانه وانحنى ظهره وتحوّل لون شعره إلى الأبيض وظهرتْ تجاعيد في وجهه ويديه، وخفّ سعيه في المشي وصار يتكأ على العكاز. وصل إلى باب بيته، وبينما هو يدير المفتاح في قفل الباب، خرجت إحدى جيرانه من بيتها وعندما رأته نادت عليه:

 الحمد لله على السلامة خالة أم ماجد!

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

كآبة ناعمة

ماذا قال جاسم العايف قبل الوداع الأخير للعراق؟

دلالات: