24-مايو-2021

عاملان رئيسان لا زالا يعملان بكامل تأثيرهما (فيسبوك)

يتخذ التنافس الانتخابي مسارات متشعبة في العراق باتت أكثر وضوحًا سنة بعد سنة خصوصًا مع عزوف الجماهير عن الإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع لضعف الثقة بالعملية السياسية والنخب الحاكمة في البلاد وفقدانهم الأمل بالتغيير عبر الانتخابات.

باتت الاعتراضات تصل إلى حد الامتعاض من نزول قوائم انتخابية تابعة لشخصية من طائفة معينة في مناطق من غير طائفتها

ورغم أن قلة عدد الأصوات يفترض أن تقلل من جهود الأحزاب في استمالة الناخبين إلا أن الواقع يقول عكس ذلك، لأسباب عدّة بينها استهلاك الطرق القديمة وانحسار الثقافة الطائفية بين الجماهير والانتقادات اللاذعة التي يوجهها المجتمع لنفسه بسبب انتخاب من يفشلون في تحقيق تطلعات الناس.

اقرأ/ي أيضًا: "سلاح الميليشيات" ينتج مقاطعة مبكرة للانتخابات.. هل سيتحقق الهدف منها؟

في خضم ذلك، هناك عاملان رئيسان لا زالا يعملان بكامل تأثيرهما؛ أحدهما فقد بعض قوته لأسباب موضوعية والآخر زاد، يتعلق العامل الأول بالتعيينات أو الوظائف الحكومية التي تمنحها الكتل السياسية للناخبين مقابل الحصول على أصواتهم، أما العامل الثاني فهو التهديد ولغة السلاح.

الانتخاب بالترغيب

مع كل الانتخابات، وخصوصًا بعد انتشار مواقع التواصل الاجتماعي بين العراقيين اعتاد المدونون تناقل صور تُظهر ما يمنحه مرشحون للانتخابات للجماهير من مواد غذائية ومنزلية لا تنتهي بإكساء الشوارع طمعًا بأصواتهم الانتخابية.

زاد الحديث في الآونة الأخيرة عن التنافس الشديد في هذا المجال، وينعكس ذلك على حديث مرشحين أنفسهم في وسائل الإعلام عن "المزاحمة" في المناطق الانتخابية والتقاتل على أصوات محدودة، ويُرجع مراقبون وسياسيون الأمر إلى النظام الانتخابي الجديد الذي قلّص الدوائر الانتخابية وجعل التنافس أشد. سيتعين على المرشحين إكساء ذات الشوارع في مناطقهم الانتخابية.

في ذات السياق، يقول رحيم الدراجي، أمين عام حركة "كفى" إن "المرشحين الذين لا يمتلكون المال لا يمكنهم منافسة أعضاء مجلس النواب الذين يُقدمون على إكساء الشوارع وإنشاء أعمدة كهرباء وإصلاح المجاري وتشغيل آليات الحكومات المحلية لصالحهم، وبالتالي إقناع المواطنين الذين لم يصلهم الإكساء أو إصلاح المجاري والكهرباء منذ 15 سنة".

وباتت الاعتراضات تصل إلى حد الامتعاض من نزول قوائم انتخابية تابعة لشخصية من طائفة معينة في مناطق من غير طائفتها، واعتبار ذلك ضمن المزاحمة المرفوضة وفق مبدأ المحاصصة الطائفية، فضلًا عن استمالة الناخبين بالتعيينات، حيث يقول هيبت الحلبوسي عضو تحالف "تقدم" برئاسة محمد الحلبوسي، ضمن اعتراضاته على طريقة الدعاية الانتخابية إن رئيس هيئة الحشد الشعبي "أعطى مرشحين تابعين له في مناطق محافظة نينوى وظائف ضمن الحشد الشعبي" في محاولة لكسب أصواتهم.

ويرفض الحلبوسي في حديث تلفزيوني تابعه "ألترا عراق" بشدّة، تلك المزاحمة الانتخابية من قبل أحزاب من الوسط وجنوب العراق في محافظة نينوى وغيرها التي تعتبر "سُنية" ويجب أن تبقى للمرشحين السُنة كما يبدو من اعتراض الحلبوسي.

الانتخاب بالترهيب

وبعد اغتيال الناشط إيهاب الوزني الذي ادعى عضو مجلس النواب فائق الشيخ انتمائه له وترشيحه ضمن كتلته، أقدم مسلحون على اغتيال ناشط يدعى هشام المشهداني في إحدى قرى منطقة الطارمية شمال العاصمة بغداد.

وصرّح الأمين الأمين العام للمشروع العربي في العراق خميس الخنجر بأن الضحية هو أحد أعضاء تحالف  "عزم"  الذي يترأسه الخنجر في بغداد، قائلًا إن عملية الاغتيال "رسالة خطيرة تؤشر ضرورة حماية العملية الديمقراطية وأصحاب الفكر والنشاط الجماهيري من السلاح المنفلت والمجاميع الإرهابية".

ولعل التنافس على دوائر انتخابية قصيرة أشعل الصراع على المقاعد البرلمانية وهو صراع انحدر إلى مستويات غير أخلاقية في الانتخابات التي تعاقبت سابقًا حسب تعبير عضو "تقدم" هيبت الحلبوسي فيما أشار إلى أن "السلاح المنفلت هو أكثر ما يقلقنا في الانتخابات القادمة".

وبات استهداف الناشطين والمرشحين للانتخابات عامل تهديد للسلم والأمن المجتمعيين كما يقول عضو ائتلاف النصر سعد اللامي الذي يحمّل الحكومة والأجهزة الأمنية مسؤولية أمن الناخبين والمرشحين، فيما يلفت في حديث تلفزيوني تابعه "ألترا عراق" إلى أن "بعض القوى السياسية (تطبّل) لعمليات الاغتيال بحق الناشطين والمرشحين" طالما أضعفت المشاركة في الانتخابات.

وذهب عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية عبد الخالق العزاوي إلى وصف حوادث الاغتيال بـ"الإرهاب" بعد اغتيال أحد افراد مفوضية الانتخابات في محافظة ميسان ومرشح للانتخابات في بغداد وشيخ عشيرة في صلاح الدين في 22 أيار/مايو 2021.

يقول عضو ائتلاف النصر إن بعض القوى السياسية (تطبّل) لعمليات الاغتيال بحق الناشطين والمرشحين

وتطرح مجمل الحوادث التساؤلات حول حجم المشاركة الشعبية في الانتخابات القادمة مع تصاعد عمليات الاغتيال واستخدام المال السياسي في التنافس الانتخابي، وإمكانية التغيير إذا ما حصلت مقاطعة كبيرة.

اقرأ/ي أيضًا: اغتيال إيهاب الوزني.. قوى وأحزاب وشخصيات تُقاطع النظام السياسي

في الأثناء، يرى رحيم الدراجي، أمين عام حركة "كفى" أن "الأحزاب الفاسدة مستعدة لدفع الأموال لمن يقاطع الانتخابات" خصوصًا وأن نتائج الانتخابات ستُعتمد حتى لو ذهب إلى الصناديق عشرة أشخاص فقط، لذا تلجأ تلك الأحزاب بحسب الدراجي إلى إقناع الناس بلا جدوى الانتخابات.

ويشدد الدراجي على أن "صناعة برلماني وطني عراقي قادر على التغيير يتم عبر محاربة مصادر تمويل الأحزاب التي تستحوذ على كل إيرادات الدولة وتستخدمها بخداع الناس في يوم الانتخابات ثم سرقتهم لمدة أربع سنوات".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

"مقاطعون".. اغتيال إيهاب الوزني يلهب مطالب "إسقاط النظام" في العراق

تنظيمات ما بعد تشرين: من المقاطعة إلى الممارسة