26-فبراير-2020

محمد توفيق علاوي (فيسبوك)

بدا رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي واثقًا من مضي تشكيلته الوزارية وكسبها ثقة مجلس النواب فور تكليفه من رئيس الجمهورية بتشكيل الحكومة.

بالرغم من تحديد موعد الجلسة إلا أن علاوي خاطب المتظاهرين بالقول: "في حال لم تُمرر الحكومة فاعلموا أن هناك جهات لا زالت تعمل من أجل استمرار الأزمة"

قال علاوي في تغريدة على تويتر في 15 شباط/فبراير إنه أكمل "كابينة وزارية مستقلة من الأكفاء والنزيهين من دون تدخل أي طرف سياسي"، معتبرًا ذلك "انجازًا تاريخيًا"، ومبينًا أنه سيطرح "أسماء هذه الكابينة خلال الأسبوع الحالي بعيدًا عن الشائعات والتسريبات". لكن الأسبوع مر دون أن تُعقد جلسة لمجلس النواب أو يَكشف المكلف عن أسماء وزراء حكومته المرتقبة.

اقرأ/ي أيضًا: تطمينات بشأن تمرير حكومة علاوي.. الكابينة السرية تنتظر الخميس المرتقب

في 19 شباط/فبراير دعا الرئيس المكلف عبر كلمة متلفزة، مجلس النواب إلى "عقد جلسة استثنائية من أجل التصويت على منح الثقة للحكومة يوم الاثنين الموافق 24 شباط"، مطالبًا النواب بأن "يثبتوا رغبتهم بالإصلاح وأن لا تمنعهم المصالح الخاصة عن اتخاذ القرار الصحيح".

جاء ذلك في الوقت الذي طالب فيه رئيس حكومة تصريف الأعمال المستقيل عادل عبد المهدي إلى عقد جلسة استثنائية للتصويت على الحكومة الجديدة، محذرًا من فراغٍ دستوريٍ بعد انتهاء المدة الدستورية في الثاني من آذار/مارس.

ورغم تحديد موعد الجلسة إلا أن علاوي خاطب المتظاهرين بالقول: "في حال لم تُمرر الحكومة فاعلموا أن هناك جهات لا زالت تعمل من أجل استمرار الأزمة من خلال الإصرار على عدم تنفيذ مطالبكم وتعمل على استمرار المحاصصة والطائفية والفساد".

مر يوم الاثنين هو الآخر، دون أن يعقد مجلس النواب الجلسة الاستثنائية التي طالب بها الرئيس المستقيل والرئيس المكلف، وحدد النائب الأول لرئيس البرلمان حسن الكعبي يوم الأربعاء 26 شباط/فبراير موعدًا لعقد جلسة التصويت على الحكومة.

اقتصر يوم الاثنين على اجتماع لرئاسة  مجلس النواب، خرجت الدائرة الإعلامية للمجلس بعد الاجتماع ببيان حددت فيه يوم الخميس 27 شباط/فبراير موعدًا لعقد الجلسة الاستثنائية لمنح الثقة لحكومة علاوي.

تزعزع الثقة

بعد أن حدد الرئيس المكلف موعدين لعقد جلسة مجلس النواب الاستثنائية لمنح الثقة لحكومته وفشله في المرتين، تغيرت نبرة علاوي في التغريدة الأخيرة التي نشرها صباح 25 شباط/فبراير، وقال فيها: "لقد وصل مسامعي أن هناك مخططًا لإفشال تمرير الحكومة يتمثل بدفع مبالغ باهظة للنواب وجعل التصويت سريًا"، معللًا ذلك المخطط لـ"عدم القدرة على الاستمرار في السرقات لأن الوزارات ستدار من وزراء مستقلين ونزيهين".

التغيّر الملحوظ في نبرة تحالف الفتح حيث قال رئيس كتلته إن المنهاج الحكومي الذي قدمه علاوي إلى مجلس النواب لم يتضمن بشكل واضح التعهد بإجراء انتخابات مبكرة

على إثر ذلك قدّم مدير الدائرة القانونية في مجلس النواب طلبًا للإدعاء العام باتخاذ الإجراءات القانونية وفتح تحقيق بمزاعم علاوي حول دفع مبالغ للنواب لعدم تمرير حكومته. ويبدو أن المشهد تعقد أكثر بعد تصريح علاوي الذي وصفه النائب عن تيار الحكمة بـ"غير الموفق"، خاصةً وأن الرئيس المكلف متمسك باختيار كابينته دون التشاور مع الكتل السنية والكردية تحديدًا، وهذا ما يؤكده نوابهم مرارًا، مع إصرار علاوي على عدم الإفصاح عن أسماء تشكيلته الحكومية قبل أقل من 48 ساعة على عقد الجلسة.

الإجماع الشيعي مهدد

ليس جديدًا حديثُ الكتل السنية والكردية عن رفضهم لحكومة علاوي طالما لم يؤخذ رأيهم في اختيار أسماء الوزارات المحسوبة ضمن "استحقاقاتهم" الوزارية، وقد غادر الوفد الكردي بغداد دون التوصل إلى نتيجة حاسمة مع علاوي، كما أكد تحالف القوى بعد تحديد موعد الجلسة الاستثنائية أنه لن يحضر جلسة التصويت المزمع عقدها يوم الخميس"، حتى أن أطرافًا عديدة من الكتل الشيعية رجّحت تمرير حكومة علاوي بالأغلبية النيابية الشيعية دون الحاجة إلى تصويت الكرد والسنة.

اقرأ/ي أيضًا: وسط رفض وانقسام الكتل السنية.. علاوي يغلق أبواب حكومته على "وزراء الخارج"

لكن الجديد، هو التغيّر الملحوظ في نبرة تحالف الفتح، ثاني أكبر كتلة نيابية في البرلمان، حول التصويت على حكومة محمد علاوي، فقبل يومين من موعد الجلسة خرج رئيس كتلة تحالف الفتح النيابية محمد الغبان ببيان قال فيه إن "المنهاج الحكومي الذي قدمه علاوي إلى مجلس النواب لم يتضمن بشكل واضح التعهد بإجراء انتخابات مبكرة"، رغم أن الرئيس المكلف كتب على صفحته في تويتر قبل يوم من بيان الفتح تغريدة قال فيها إن "الحكومة تلتزم بتوفير الدعم الكامل لإجراء انتخابات مبكرة حرة بأقرب موعد تحدده المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ومجلس النواب وبموعد لا يتجاوز سنة من يومنا هذا".

الجزء الثاني من بيان تحالف الفتح أكد رفض الكتلة "المحاصصة في تشكيل الحكومة الجديدة بطريقة مبطنة لإرضاء بعض الكتل السياسية من خلال منحها بعض الوزارات تحت أسماء مستقلين مقابل الحصول على دعمها"، مضيفًا أن الفتح "لن يصوت على هكذا حكومة لا تحظى باجماع وطني".

فيما يُشير النائب عن الفتح فاضل الفتلاوي إلى أن "علاوي وضع أسماء رُفض منحها الثقة بحكومة عبد المهدي، كمرشح وزارة الدفاع الجديد الذي لم ينل الثقة داخل مجلس النواب سابقًا"، كما شدد على أن "الكتل السياسية سترفض التصويت لأي مرشح متحزب أو تم ترشيحه مسبقًا ولن ينال ثقة البرلمان".

كان الحديث يجري حول قدرة وعدم رغبة القوى الشيعية بتمرير حكومة علاوي بمفردها، وإصرارهم على وجود الإجماع أو شبه الإجماع الشيعي، كما قال النائب عن تحالف سائرون في تصريح سابق إن "90% من الكتل الشيعية فوضت علاوي باختيار كابينته الوزارية"، مؤكدًا ذلك التفويض من قبل تحالفي سائرون والفتح وتيار الحكمة وائتلاف النصر، ومؤخرًا، بدا الإجماع الشيعي مهددًا، وبذلك الحكومة بطبيعة الحال.

المتحدث باسم تحالف القوى: 216 نائبًا يرفضون تمرير حكومة علاوي من مختلف الكتل بضمنهم 62 نائبًا سنيًا و63 كرديًا و56 شيعيًا

في هذا السياق، يتوقع النائب عن كتلة إرادة المنضوية في تحالف الفتح حسين عرب "عدم تمرير حكومة علاوي يوم الخميس إذا استمر عدم التوافق بين الكتل السياسية كما هو"، ويقول في حديث لـ"ألترا عراق" إن "الأطراف الشيعية المعترضة على تمرير حكومة علاوي هي ائتلاف النصر وجزء من تحالف الفتح"، فيما يبقى تحالف سائرون داعمًا لتمرير الحكومة، مقابل رفض "جناح الحلبوسي والكتل الكردية عدا الصغيرة" لحكومة علاوي.

اقرأ/ي أيضًا: الكابينة تعصف بالبيت السني.. هل طلب الحلبوسي ضمانات مقابل منح الثقة لعلاوي؟

على الجانب الآخر، يقول القيادي في كتلة بيارق الخير النيابية راجح العيساوي إن "أكثر من 210 نائبًا متفقون على تمرير حكومة علاوي"، متهمًا جهات تدّعي عدم الإطلاع على السير الذاتية بـ "افتعال المشاكل لعدم تمرير الحكومة".

لكن النائب عرب يرى أن "عدد 210 نائبًا مبالغ فيه وقد يكون كلامًا سمعه صاحب التصريح"، ويُبيّن لـ"ألترا عراق" أن "الجلسة النيابية لم يحضر فيها 240 أو 250 نائبًا، وذلك يفترض أن الجميع متوافق على علاوي"، معتقدًا أن "هذا لن يحصل يوم الخميس المقبل".

فيما يقول المتحدث باسم تحالف القوى فالح الفيساوي في تصريح صحفي إن "216 نائبًا يرفضون تمرير حكومة علاوي من مختلف الكتل بضمنهم 62 نائبًا سنيًا و63 كرديًا و56 شيعيًا و9 نواب مسيحيين و8 نواب تركمانيين".

ووسط تضارب الأرقام التي تتحدث عن المؤيدين والمعارضين لتمرير حكومة محمد علاوي، يبقى الإجماع الشيعي غير المكتمل هو المهدد الأكبر لمنح الثقة للحكومة الجديدة من الناحية العملية، مع تأكيدات من نواب وأطراف سياسية بتغيرٍ في مواقف القوى الشيعية، التي "انقلبت على الرئيس المكلف وأصدرت بيانات ضد تمرير حكومته" بحسب تعبير النائبة عن ائتلاف دولة القانون عالية نصيف، التي ترى أن "تمرير حكومة محمد علاوي أصبح مقلقًا".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الزعامة والفساد والخارج.. صراع الكتل السنية على أسوار حكومة علاوي

"كابينة منقوصة" بإصرار كردي.. هل يكرّر علاوي سيناريو عبد المهدي؟