08-يونيو-2020

تستغل التنظيمات الإرهابية ظروف العراق الحالية مع انتشار فيروس كورونا (Getty)

في حين تسعى دول العالم لتجاوز الآثار السلبية لتفشّي وباء فيروس كورونا المستجد، تتضاعف الضغوط على الحكومة العراقية في كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، فمن الناحية الاقتصادية، توقفت جميع النشاطات الاقتصادية، فضلًا عن هبوط في أسعار النفط، إما من الناحية الأمنية، فمنذ إعلان دخول العراق فعليًا في دائرة تفشي فايروس كورونا في 24 شباط/فبراير الماضي، أصدرت الحكومة العراقية جملة من الإجراءات، وجاء من ضمنها، فرض حظر التجوال في بغداد وباقي المحافظات، ويستثنى من ذلك، الأجهزة الأمنية والخدمية والصحية ووسائل الإعلام المصرح بعملها والدبلوماسيون والحركة التجارية للبضائع، وأُوكلت مهمام فرض حظر التجوال وتطبيق القانون للقوات المسلحة العراقية بكافة أجهزتها ووكالاتها، وعلى أثرها، توقفت بعض العمليات العسكرية في المناطق الحدودية والريفية، وتقلصت وتيرة الغارات الجوية والعمليات الخاصة، فضلًا عن توقف التخطيط والدعم الجوي الذي يقدمه التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.

 استغلت التنظيمات الإرهابية الظروف الاستثنائية التي يمر بها العراق من تفشي الفيروس وانسحاب قوات التحالف من القواعد العسكرية

وقد أعلن التحالف الدولي منذ بدأ انتشار فيروس كورونا المستجد عن توقف عملياته في العراق، في حين أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، العقيد شون روبرتسون، أن قوات التحالف الدولي ستستأنف عملياتها ودعمها للقوات المسلحة العراقية، بسبب تفشي فايروس كورونا المستجد (Covid-19)، وذكر أيضًا أن التحالف الدولي علق عمليات تدريب القوات العراقية  لمنع انتشار الوباء، وأن التحالف الدولي ملتزم بإلحاق هزيمة دائمة بتنظيم "داعش"، من خلال دعم القوات المسلحة العراقية.

اقرأ/ي أيضًا: العراق وأمريكا ولعبة العصا والجزرة

وقد استغلت التنظيمات الإرهابية الظروف الاستثنائية التي يمر بها العراق من تفشي الفيروس، وانسحاب قوات التحالف من القواعد العسكرية، وتوقف سلاح الجو للتحالف الدولي، لتنفيذ عدة هجمات على بعض المناطق التي كان يتواجد فيها، كان آخرها؛ العمليات التي قام بها "داعش" في محافظة صلاح الدين (بلد ومكيشيفة ويثرب) ومحافظة ديالى، فيما أكدت تقارير أمريكية استخباراتية أن التنظيمات الإرهابية تحاول مع انتشار فيروس كورونا البقاء، والتمدد في العراق عبر مناطق استراتيجية يسيطر عليها، فيما أشارت التقريرإلى أنه ومع حلول عام 2020 قد ركز تنظيم داعش الإرهابي عملياته في المناطق التي كان يسيطر عليها (ديالى وصلاح الدين وشمال بغداد وكركوك ونينوى)، وفي شهر نيسان/أبريل الماضي وحده، نفذ داعش 87 هجمة إرهابية، وقد خلفت هذه الهجمات قتلى في صفوف القوات المسلحة العراقية والمدنيين، وقدر بما يقارب 183، فيما أعلنت وزارة الدفاع في نيسان/أبريل عن مقتل 170 مدنيًا وعسكريًا و135 إرهابيًا من "داعش"، خلال مواجهات وأعمال عنف، منذ كانون الثاني/يناير الماضي.

ومع تولي (مصطفى الكاظمي) رئاسة الحكومة العراقية، قامت العمليات المشتركة بتكثيف جهودها لمنع تكرار الهجمات الإرهابية ووضع الخطط الأمنية اللازمة، ففي آيار/مايو الماضي أعلنت "خلية الإعلام الأمني العراقي" عن إطلاق عملية "أسود الصحراء"، بإشراف قيادة العمليات المشتركة لتفتيش مناطق وادي حوران والحسينيات الكعرة، ووادي الحلكوم، وصولًا إلى الحدود الدولية، ويشارك في العملية قيادات عمليات الأنبار والجزيرة والحشد الشعبي غربي الأنبار، وقطعات الحشد العشائري ضمن القاطع، على أن تُنفّذ العملية من تسعة محاور بإسناد طيران الجيش والقوة الجوية العراقيين، وأدت هذه العملية عن قتل مجموعة من الإرهابين، فضلًا عن العثور على أسلحة متوسطة وخفيفة.

وفي 2 حزيران/يونيو من هذا العام، أعلن القائد العام للقوات المسلحة (مصطفى الكاظمي) عن انطلاق عملية (أبطال العراق- نصر السيادة) لملاحقة التنظيمات الإرهابية، وقد شارك في هذه العملية بعض من قطعات الجيش العراقي والشرطة الاتحادية والحشد الشعبي والعشائري، فضلًا عن طيران التحالف الدولي، وقد أكدت تقارير أمنية استخبارتية أنه في حال استمرار تفشي فيروس كورونا في العراق وانشغال القوات المسلحة العراقية في فرض حظر التجوال، قد يعتمد تكتيك "داعش" مستقبلًا على المناطق الوعرة والصحراوية والريفية في المناطق التي كان يسيطر عليها قبل عام 2017 لتنفيذ عدة هجمات، وفتح أكثر من جبهة لإشغال القوات المسلحة العراقية، ويضع مركز السياسة الدولية الأمريكي ثلاث أولويات استراتيجية محتملة لتنظيم داعش الإرهابي وهذه الاستراتيجيات كالآتي:

  • تحطيم معنويات القوات القبلية الموالية للحكومة والمخاتير في المناطق التي كان يسيطر عليها قبل عام 2017، ووصف داعش شيوخ تلك القبائل والمخاتير بأنهم "مرتدون"، إذ يرى التنظيم فيهم تهديدًا وجوديًا لبقائه، وقد مارس داعش في الأشهر الأخيرة عنفًا كبيرًا ضد من يراهم متعاونين مع الحكومة من هذه المناطق، تضمن اغتيالات واختطافات وعمليات ضد شخصيات في الحشد العشائري. وقام بقصف القرى وحرق المزارع.
  • القيام المناورة في المناطق الخالية والقرى المهجورة مع محاولة اختراق الأحزمة الريفية حول المدن، بما في ذلك حزام بغداد وضواحي تكريت وسامراء والموصل وكركوك.
  • إعاقة عودة الحياة الطبيعية في المناطق المحررة من قبضته، بما يشمل جهود تحقيق الاستقرار وإعادة بناء الاقتصاد وإعادة توطين النازحين.

 لذا ومن أجل منع تكرار مثل تلك العمليات الإرهابية لا بد من القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي أن يركز على عدة أمور، منها:

  • العمل على تطوير الأجهزة الاستخبارتية في مختلف المجالات بما فيها التقنية والمعلوماتية، فضلًا عن تحسين العلاقة ما بين المواطن والأجهزة الأمنية باعتبار أن الحصول على المعلومة يتم من خلال إدلاء المواطن بالمعلومات اللازمة.
  • إصلاح المؤسسات الأمنية واشتراك الحشد العشائري والمناطقي في العمليات العسكرية.
  • تقديم الدعم اللوجستي للقوات الأمنية في المناطق التي من المحتمل القيام بعمليات عسكرية فيها.
  • العمل على فتح آفاق وعلاقات دولية جيدة من أجل دعم القوات المسلحة العسكرية بالمعلومات الاستخبارتية والتدريب وتقديم الدعم الجوي.
  • انتقاء القادة الأكفاء وإسنادهم المناصب المهمة في قيادة العمليات.
  • القيام بعمليات استباقية من قبل القوات الخاصة للقوات المسلحة العراقية في بعض المناطق التي ينشط فيها التنظيم.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

معضلة النظام العراقي وأزماته.. انتهت حلول الأرض؟

الحوار الاستراتيجي: نقاط إرشادية للمفاوض العراقي