07-ديسمبر-2020

أضرم محتجون النيران في خمسة مقار حزبية (Getty)

منذ أيام، والتظاهرات الشعبية مستعرة في محافظة السليمانية بإقليم كردستان العراق، احتجاجًا على الأزمة الاقتصادية التي المستمرة لسنوات، والتي أدت إلى تأخر رواتب موظفي الإقليم فضلًا عن استقطاعها.

تطور الاحتجاج في محافظة السليمانية إلى إضرام النيران في مقار حزبية وحكومية

تحاول حكومة إقليم كردستان استحصال المبالغ المطلوبة لتسديد الرواتب من بغداد، وقد أكد مسؤولون في الإقليم وجود تفاهمات مع رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي خاصةً بعد زيارته إلى المناطق الشمالية، لكن مجلس النواب صوّت على قانون تمويل العجز المالي الأخير مع تضمينه مادةً تفرض على حكومة الإقليم تسليم عائدات النفط التي يصدّرها، إلى بغداد، مقابل تسليمه حصته.

اقرأ/ي أيضًا: بعد الاحتجاجات في الإقليم.. اتفاق مع بغداد حول الموازنة وأموال النفط والمنافذ

في حزيران/يونيو الماضي، أعلنت حكومة إقليم كردستان استقطاع 21 بالمئة من رواتب الموظفين العاملين في القطاع الحكومي بشكل مؤقت بسبب "العجز المالي الناتج من تأخر إرسال جزء من حصة الإقليم من قبل الحكومة الاتحادية الاتحادية بالإضافة إلى التبعات المالية والاقتصادية لتفشي فيروس كورونا وتراجع أسعار النفط".

باشرت حكومة إقليم كردستان في 3 كانون الأول/ديسمبر بتوزيع رواتب الموظفي في الإقليم مع نسبة الاستقطاع ذاتها (21%)، وقد تأخرت الرواتب أكثر من شهرين.

وحول الاستقطاعات، قالت رئيسة كتلة الديمقراطي الكردستاني النيابية فيان صبري إن حكومة الإقليم "اضطرت للاقتراض مع الإيرادات النفطية وغير النفطية لكنها لا تفي إلا بنسبة 79% من رواتب الإقليم".

وبررت صبري استقطاع هذه النسبة من الرواتب "بعدم وصول الأموال من الحكومة الاتحادية"، حيث سيُسدد مبلغ الاقتراض من المبالغ التي سترسل لاحقًا من بغداد.

ولم تنفع تلك التبريرات، ولا الشروع بإطلاق الرواتب ذاته، حيث أدى إعلان توزيع الرواتب المتأخرة أصلًا مع الاستقطاعات المفروضة إلى غضب شعبي عارم، وتظاهر آلاف الموظفين في مدينة السليمانية احتجاجًا على تأخر صرف الرواتب والاستقطاعات العالية.

يقول الموظف سيروان غازي، والذي يسكن في محافظة السليمانية، في حديث لـ"ألترا عراق" إن الراتب الذي بدأت حكومة إقليم كردستان بتوزيعه على الموظفين هو الراتب الرابع خلال هذه السنة مع الاستقطاع"، ويضيف ساخرًا: "إنهم يوزعون راتبًا في كل موسم".

حرق لمقار حزبية وحكومية

تصاعدت حدة الاحتجاجات في الأيام اللاحقة، إذ يتهم المتظاهرون الحزبين الرئيسين (الديمقراطي والاتحاد الكردستانيين) وباقي الأحزاب بالفساد والمحسوبية، وتطور الاحتجاج إلى إضرام النيران في مقار حزبية وحكومية.

كان متظاهرون قد أقدموا على قطع الطريق الرابط بين محافظة السليمانية والعاصمة بغداد عبر حرق الإطارات، مطالبين بصرف الرواتب المتأخرة.

قام مجموعة من المتظاهرين في 6 كانون الأول/ديسمبر بإحراق مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني ومقر الاتحاد الوطني الكردستاني بمنطقة بيره مقرون بمحافظة السليمانية.

في 7 كانون الأول/ديسمبر أضرم محتجون النيران في خمسة مقار حزبية بمحافظة السليمانية، كان أبرزها مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في ناحية سيد صادق، كما أحرق آخرون مقرات حركتي التغيير والاتحاد الوطني والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية في المحافظة.

واتهم أعضاء في الحزب الديمقراطي الكردستاني بتصريحات صحفية "مخربين" اندسوا مع المتظاهرين وحاصروا مبناهم وأحرقوه مع هتافات تحرّض على القتل، حسب تعبيرهم.

هددت السلطات في السليمانية بسجن كل من ينظم اعتصامًا أو يدعو إلى التصعيد و(الحماسيات)

أفاد الناشط شوان البارودي في محافظة السليمانية لـ"ألترا عراق" بأن "محتجين هاجموا بناية قائمقامية سيد صادق وأحرقوها وحرروا معتقلين من المحتجين كانوا قد اعتقلوا قبل أيام، قبل أن قوات مكافحة الشغب وتفرقهم".

عنف وضحايا

في اليوم ذاته، أعلنت مديرية صحة السليمانية مقتل متظاهر يبلغ من العمر 16 عامًا بطلق نار، مع إصابة اثنين آخرين خلال الاحتجاجات في قضاء جمجمال"، دون توضيحات عن الجهة التي قتلت وأصابت المتظاهرين.

اقرأ/ي أيضًا: العراق يدشن أولى خطوات رفع إنتاج النفط.. كم سيضاف إلى إيراداته الشهرية؟

في السياق، طالب محافظ السليمانية هفال أبو بكر في بيان اطلع عليه "ألترا عراق" القوات الرسمية بالابتعاد عن المواجهات والاحتكاك، وتجنب العنف.

يأتي ذلك بعد أن أقدمت قوة أمنية على إغلاق محطة (أن آر تي) الناطقة بالكردية والمملوكة لرئيس حراك الجيل الجديد المعارض ساشوار عبد الواحد، بسبب تغطيتها للاحتجاجات الشعبية في السليمانية منذ أيام عدة.

من جانبها، قالت القناة إنّ القوات الأمنية في السليمانية أغلقت مقرها الرئيسي ومنعتها من البثّ، من دون إظهار أمر محكمة، وأشارت في تصريح آخر إلى أن وزارة الثقافة والشباب في حكومة إقليم كردستان أمرت بإغلاق الفضائية لمدة أسبوع.

بدوره، أكد محافظ السليمانية وقوفه "بشكل صريح وواضح مع حرية التعبير ورفض الرقابة وإعاقة العمل الإعلامي خارج القانون بمن فيها قناة أن آر تي وبقية وسائل الإعلام.

يقول الناشط شوان البارودي، إن هناك اجتماعات طارئة على مستوى عالٍ لكي يتم توفير الراتب شهريًا في العام القادم من دون أي تأخير"، لافتًا إلى أن سبب ذلك هو "المهلة التي أعطاها المحتجون حتى الأول من كانون الأول/ديسمبر من العام المقبل وإلا خرجت التظاهرات عن طور السلمية"، حسب وصفه.

رغم هذا التهديد إلا أن البارودي يؤكد خروج التظاهرات عن السلمية بسبب تعنت الحزبين الرئيسين في الإقليم.

أضاف الناشط: يوم أمس، هددت السلطات هنا بسجن كل من ينظم اعتصامًا أو يدعو إلى التصعيد و(الحماسيات)؛ لكن مجموعة من الشباب المتظاهرين أوصلوا ورقةً إلى بيت مدير الأمن تحذره من الإقدام على أي خطوة كهذه.

أعلن عن مقتل وإصابة ثلاثة متظاهرين حتى الآن في محافظة السليمانية

حدث ذلك قبل الإعلان عن مقتل وإصابة ثلاثة متظاهرين في محافظة السليمانية، الأمر الذي قد يفاقم الأوضاع الملتهبة ويؤجج غضب المحتجين.

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

بارزاني يوجه رسالة للكاظمي: الحكومة الاتحادية استقطعت جميع واردات الإقليم

اللجنة المالية تضغط على الحكومة بجرعة "إصلاح" إضافية