12-مارس-2019

يمثل مئات الأطفال الذين دربهم "داعش" قنابل إرهاب موقوتة (Getty)

ثار الطفل جوكو ذو 12 عامًا، قبل أيام، داخل خيمة عائلته في مخيم للإيزيديين في محافظة دهوك بإقليم كردستان، حاملًا سكينًا، وصرخً بوجه أمه: "أنتم كفرة ويجب أن تقتلوا"، وقعت الحادثة، بعد أن ظل الطفل صامتًا لساعات وهو يتذكر ما مر به عندما خطف في صيف 2014 من بلدته سنجار على أيدي جنود "داعش".

درب "داعش" 1200 طفل غالبيتهم من الإيزيديين وحولهم إلى "أشبال الخلافة" بأفكار متطرفة وقدرة على حمل السلاح والقتل الوحشي

تلقى الطفل وفق عائلته التدريب على حمل السلاح وتعاليم دينية إسلامية حيث كان واحدًا من "أشبال الخلافة" الذين كان يدربهم التنظيم لقتال المناوئين له، قبل أن يحرر جوكو الذي حمل اسم "أبو الصديق" خلال فترة وجوده في قبضة "داعش"، في نهاية معركة الموصل 2017، وأعيد مجددًا إلى عائلته.

كوابيس "الخلافة".. يجب قتلكم!

والد الطفل جوكو قتل في هجوم صيف السبي الإيزيدي، ووالدته كانت مسبية قبل أن يشتريها أحد الموصليين ويسلمها إلى سلطات إقليم كردستان في 2016.

قالت والدة الطفل (م ، ن) لـ "ألترا عراق"، إن "ابنها خطف عندما كان في الثامنة من عمره، عندما اقتحم داعش سنجار وهي الأخرى تم سبيها، لكنها تمكنت من الخروج بفضل أحد الأشخاص، لتعود بعد ذلك إلى مخيم للإيزيديين في دهوك"، لكن ابنها عندما عاد بعد التحرير كان يعاني من كوابيس كثيرة، كما أنه جاء متعايشًا مع الوضع الذي عانى منه، حيث أنه كان أحد "أشبال الخلافة"، وكان معدًا لتفجير نفسه.

يفيق ذو الـ 12 عامًا بين الحين والآخر ويوجه اتهامات بالكفر لعائلاته مؤكدًا "وجوب قتلهم"، كما تبين والدته، مشيرة إلى أنها "تحتضنه لتعيده إلى طبيعته في أجواء الأسرة".

أرقام مرعبة!

تشير المعلومات التي صدرت عن مصادر في مفوضية حقوق الإنسان، إلى وجود 1200 طفل انخرطوا في دوارت "أشبال الخلافة"، التي كان يديرها تنظيم "داعش" في العراق، تتراوح أعمارهم بين 8 – 16 عامًا.

تفاخر تنظيم "داعش" بتدريب آلاف الأطفال على القتل الوحشي والتفجير

دُرب هؤلاء الأطفال في أربعة مواقع بالموصل هي: معسكر الغزلاني، الكشفي، الطلائع، وماركوركيس، ووفق معلومات كُشف عنها خلال ندوة حرضها "الترا عراق"، في أربيل، نظمتها نقابة الصحفيين العراقيين إلى جانب منظمات دولية، بحضور مفوضية حقوق الإنسان.

اقرأ/ي أيضًا: قصّة "الجنس" مقابل الغذاء.. شهادة حية من مخيمات النزوح في نينوى

المعلومات تشير أيضًا، إلى أن 769 طفلًا منهم ما زال محتجزًا لدى القوات الأمنية، بينهم 6 إناث، فيما حكم على 136 آخرين وفق القانون العراقي الخاص بالأحداث، حيث ينقسمون إلى أطفال إيزيديين اختطفهم التنظيم، وأيتام وذوي إعاقة أخذهم التنظيم عنوة، فضلًا عن أطفال انخرطوا في تلك المعسكرات برغبة عوائلهم، طمعًا بامتيازات خلال فترة حكم "داعش".

تحتجز القوات الأمنية 769 طفلًا من الذين دربهم تنظيم "داعش" داخل العراق، فيما حكم على 136 آخرين وفق القانون الخاص بالأحداث

كل تلك الأرقام تخص الأطفال الذي جندهم "داعش" ويتواجدون في العراق فقط، بينما لا تمتلك الجهات المسؤولة، معلومات عن الأطفال العراقيين في سوريا.

آمل إيزيدي

يعتبر المجلس الروحاني الإيزيدي، من جانبه، رعاية الأطفال الإيزديين، وهم الغالبية من "أشبال الخلافة"، أمرًا واجبًا، كما يقول كاوة الختياري مسؤول منظمة جيفين، وهي منظمة إيزيدية تعنى بشؤون الأطفال الإيزيديين.

يبين الختياري لـ "ألترا عراق"، أن "الأطفال المختطفين كانوا يتلقون دروسًا دينية وتدريبًا على التفخيخ والتفجير، وهناك من لقي حتفه في المعارك فعليًا، لكننا اليوم نرعى الأطفال، والمجلس الإيزيدي أوصى بالتعامل معهم بأفضل حال وضرورة تلقيهم الاهتمام الكامل".

لقي عشرات الأطفال الذين دربهم "داعش" حتفهم في معارك التحرير

كما يؤكد، تحقيق نتائج جيدة، باستجابة 75% من الأطفال الذين دربهم "داعش"، من خلال تأقلمهم مع عائلاتهم مجددًا، لكنه يشير إلى أن "البعض منهم لا يزال يتعامل مع ذويه وفق ما تعلمه من داعش، ويشتمهم ويعتدي عليهم"، فيما يشدد على ضرورة "تلقي الدعم من الحكومة الاتحادية، لمعالجة الملف".

"أطفال بلا هوية"

وبينما لا يزال ملف التعامل مع "أشبال الخلافة" يشكل مشكلة كبيرة، يشير المجلس النرويجي للاجئين، إلى مشكلة أخرى تخص هؤلاء الأطفال، سرعان ما ستتصاعد ويصعب حلها.

تقول عضو المجلس النرويجي هيلين بكر لـ "ألترا عراق"، إن "عائلات مقاتلين في داعش هربت إلى المخيمات، وهذه العائلات حصلت على تصاريح أمنية للسكن، لكن المشكلة أن أطفال تلك العائلات بلا وثائق رسمية، وهي مشكلة تواجه المنظمات الإنسانية التي تتعامل مع سكان الخيام من المنظور الإنساني".

اقرأ/ي أيضًا: التهريب والأتاوات في الموصل..هل هو الانهيار مجددًا؟

تبين بكر، أن "تلك العائلات إما أنجبت أطفالًا خلال فترة سيطرة داعش لم يتم تسجيلهم رسميًا، أو ضيعوا أوراقهم الرسمية خلال هروبهم"، مبينة أن "الأطفال الآن يكبرون من دون أي بطاقة تدل على هويتهم، وهي مشكلة أخرى سرعان ما ستتصاعد ويصعب حلها، حيث أنهم غير موجودين حتى الآن في أوراق الحكومة، لكنهم يتواجدون بالفعل في المخيمات فقط".

ناشطون: "الأطفال قنابل"!

لكن تحذيرات أخرى تبدو أشد خطورة يشير إليها الناشط مهند الأومري، حيث يقول لـ "الترا عراق"، إن "الأطفال الذين عايشوا داعش هم قنبلة موقوتة، سرعان ما ستنفجر وقد تخلق جيل جديد من الجماعات الإرهابية"، مبينًا أن "الأطفال الذين خرجوا من حرب داعش، ممن كانوا أشبالًا للخلافة أو آخرين انتمى آباؤهم إلى التنظيم، لا زال الكثير منهم يعيش تلك المرحلة، وأفكارهم تملؤها معتقدات التنظيم، والجميع يعلم أن الطفل يستقبل ولا ينسى بسهولة خصوصًا إذا كانت مرحلة صعبة".

يصف ناشطون هؤلاء الأطفال بـ "القنابل الموقوتة" التي قد تنفجر في أي وقت معلنة عن الجيل الثالث من التنظيمات الإرهابية بعد القاعدة و"داعش"

يرى الأومري، أن "هؤلاء الأطفال سينفجرون كالقنابل في الوقت المناسب ضد المجتمع، في ظل غياب استراتيجية حكومية لمعالجة ملفهم، وقد يكونوا جزءًا من الجيل الثالث للجماعات الإرهابية بعد القاعدة و داعش، وسيؤثرون على العراق بأكلمه".

كانت منظمة هيومن رايتس ووتش، قالت في تقرير أصدرته، خلال آذار/مارس الجاري، إن سلطات حكومتيّ العراق وإقليم كردستان اتهمت مئات الأطفال بالإرهاب لانتمائهم المزعوم إلى تنظيم "داعش"، وتستند المحاكمات غالبًا إلى اتهامات ملفقة واعترافات منتزعة تحت التعذيب.

ردت حكومة اقليم كردستان، من جانبها في بيان لمنسق التوصيات الدولية ديندار زيباري، باعتبار التقرير دليلًا على "على عدم موضوعية وحيادية المنظمة"، فيما لم تصدر الحكومة الاتحادية أي رد حتى لحظة إعداد هذا التقرير.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

أرقام وأحداث مروعة.. تفاصيل جديدة عن فظائع داعش بحق الإيزيديين

"هل حدث شيء لسنجار؟" سؤال الطفولة في زمن المحاصصة!