03-فبراير-2021

مقترحان لحل الأزمة (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير 

يبدو أن الخلافات المالية والنفطية بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان لا يمكن الانتهاء منها لأكثر من سنة واحدة، فمع قدوم كل مشروع موازنة مالية جديد الى البرلمان، يبدأ السجال حول نسبة الإقليم وكميات النفط التي يصدرها بعيدًا عن شركة تسويق النفط العراقية "سومو"، والتي يجدر به تسليمها ضمن الصادرات الكلية للبلاد لتلافي الاستياء العالمي من استمرار رفع الإنتاج.

تنتج حكومة إقليم كردستان حاليًا نحو 480 ألف برميل من النفط يوميًا

ويؤشر تقرير دولي لصحيفة بلومبرغ الاقتصادية، تابعه "ألترا عراق"، "فشل العراق" بالالتزام باتفاق تخفيض إنتاج النفط بالنسبة لدول أوبك+ ضمن التخفيض الأكبر منذ 6 سنوات بسبب تداعيات جائحة كورونا المستجد عالميًا وتأثيره على الأسواق العالمية.

اقرأ/ي أيضًا: "بلومبيرغ" تحلل بيانات النفط: العراق "أخطأ الهدف"

وذكر التقرير، أن "صادرات العراق من النفط الخام خلال شهر كانون الثاني/يناير الماضي2021 لم تتغير تقريبًا عن الشهر الذي سبقه كانون الأول/ديسمبر2020، حيث اعتبر  أن "العراق ربما يكون قد فشل في الوفاء بتعهده بخفض الإنتاج الإجمالي".

فيما تراجعت شحنات النفط من منتجي أوبك في الخليج العربي الشهر الماضي، حتى مع تخفيف قيود الإنتاج وزيادة أحجام الإنتاج، فيما كان العراق الأقل تخفيضًا من باقي المنتجين الذين خفضوا صادراتهم النفطية.

وانخفضت الشحنات المجمعة من الخام والمكثفات - وهو شكل خفيف من النفط المستخرج من حقول الغاز - من المملكة العربية السعودية والعراق والكويت والإمارات بنحو 430 ألف برميل يوميًا في كانون الثاني/يناير مقارنة بشهر كانون الأول/ديسمبر، كما تراجعت صادرات العراق من النفط الخام بنسبة متواضعة تبلغ 1٪ أو 24000 برميل يوميًا ، وهو ما يقل كثيرًا عن الانخفاض الذي كان سيحتاجه البلد لتحقيق هدفه بخفض إنتاج النفط.

نقطة الخلاف بين بغداد وأربيل

حكومة في إقليم كردستان، تؤكد على وجود التزامات مالية كبيرة هي التي تؤدي لعدم تسليم نفط الإقليم، إذ تنتج حاليًا نحو 480 ألف برميل من النفط يوميًا، تصدر القسم الأكبر من هذه الكمية لتأمين جزء من رواتب الموظفين، بمعدل 420 ألف برميل ويستطيع من خلال بيع هذا النفط، وبعد تسديد أجور الشركات النفطية المنتجة، الحصول على 300 مليون دولار شهريًا، لكنه يعاني عجزًا يقدر بما بين 400 و450 مليون دولار لتأمين رواتب الموظفين.

ويؤكد المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان جوتيار عادل، وجود رغبة بالتوصل لاتفاق مع بغداد، لكنه يستدرك بالقول إن "أحزابًا سياسية تحاول تحقيق مكاسب في الشارع العراقي من خلال مواصلة خلق العقبات والمشاكل في طريق توصلنا إلى اتفاق" حول النص الخاص بمستحقات إقليم كردستان في مشروع قانون الموازنة لعام 2021.

ويقول عادل، في تصريحات صحافية تابعها "ألترا عراق"، إن "وفد إقليم كردستان موجود في بغداد حاليًا والمحادثات جارية حول مشروع قانون موازنة 2021 مع اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي وهي تشرف على الانتهاء، وفي نفس الوقت، وتزامنًا مع تلك المحادثات، هناك اجتماعات مع عدد من القيادات السياسية العراقية، الشيعية والسنية، بهدف تمرير النص الذي أقرته حكومة إقليم كردستان، وتثبيته في مشروع قانون الموازنة عند التصويت عليه في الأيام القليلة المقبلة".

عادل، أشار إلى أن "المشكلة تكمن في أن هناك خلافًا داخل البيت الشيعي حول الموضوع، ونحن نأمل أن يتوصلوا إلى اتفاق فيما بينهم وأن تتفق الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان على النص الذي طرحه وفد الإقليم، فنحن ماضون باتجاه الحل وفقًا لما يقضي به الدستور واستحقاقات حكومة وشعب إقليم كردستان الدستورية والمالية"، مبينًا أنه "في اجتماعات مجلس الوزراء مع وفد حكومة إقليم كردستان اتفقنا على خيار تسليم 250 ألف برميل نفط أو قيمته مع 50%  من العائدات غير النفطية وهذا هو خيارنا للتوصل إلى اتفاق"، مضيفًا أن "الظروف التي تسود المحادثات بين وفد حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية واللجنة المالية النيابية هي التي تحدد النتيجة".

من جهته يعبر الكاتب والباحث السياسي الكردي كفاح عباس، عن الخلافات في تغريدة له عبر موقع "تويتر" ورصدها "ألترا عراق"، "يبدو أن موضوع إقليم كردستان ومواردها شماعة كل الأحزاب في الدعايات الانتخابية"، مضيفًا "وكأن كل ما حصل ويحصل في العراق تحت حكمهم منذ 2003 سببه 460 ألف برميل نفط، علمًا أن العراق يصدر أكثر من 4.5 مليون برميل يوميًا ومُصنف بأنه من أفشل وأفسد دول العالم، مضيفًا "لن تقيموا دولة حتى يلج الجمل في سَمِّ الخِيَاط".

لكن بالمقابل، فإن أعضاء برلمان في بغداد يشيرون إلى ما اسموها بـ"الانحيازات الصارخة" وردت في موازنة 2021 لصالح إقليم كردستان. وقال القيادي في كتلة النهج الوطني مهند العتابي، في بيان صحافي، "حسب الفقرةِ أوّلًا من المادة 11مِن موازنة 2021 تستحقُّ محافظاتُ الوسط والجنوب أكثرَ مِن 40 ترليون دينار (ألف و450 ديناراً لكل دولار) ديونًا في ذمّةِ الحكومة الاتحادية". 

وأضاف "من بين الإنحيازات الصارخة التي وردت في موازنة 2021 في اتجاه إقليم كردستان، هو تضمينها لمستحقاتٍ ماليّة لصالح الإقليم من سنة 2014 إلى سنة 2019 والتي هي من حيث المبدأ باطلة لأنَّ الاستحقاقَ يأتي من التزام الطرفَين حسب الاشتراط القانوني بينهما، وهذا الالتزام، يبدأ بتسليم إقليم كردستان كامل المبالغ الماليّة المُستحصَلة لديهم من بيع النفط كي يستحقّ إزائه مستحقاته الاتحادية".

قالت ماجدة التميمي إن النقاشات مع الوفد الكردي تركزت على ضرورة تخصيص حصة عادلة من الإيرادات المحصلة اتحاديًا للإقليم والمحافظات

وأضاف: "الواقع أنَّ إقليمَ كردستان لم يُسلِّم ما بذمته، فينتفي حينئذٍ استحقاقُهم بالاستلام بانتفاء شرط التسليم، وبعيدًا عن هذا المبدأ، وتسامحًا مِنّا بقبول التنازل مقابل إبداء حسن النيّة، نكون أمام التزامٍ آخر يفرضه مُقتضى العدالة في القانون والذي يفرضُ صرفَ ديون تتجاوز الـ40 ترليون دينار لمحافظات الوسط والجنوب".

ما هي الحلول المطروحة؟

وحول الحلول التي يمكن أن تنهي الخلافات بين الحكومتين وتسوية الصادرات النفطية، تقول عضو اللجنة المالية النيابية ماجدة التميمي، في تصريح لـ"الترا عراق"، إنه "جرى خلال زيارة الوفد الكردي القائمة إلى بغداد للتفاوض مناقشة المادتين 10 و11 من مواد الموازنة الاتحادية لسنة  2021، مبينة أن "النقاشات تركزت على ضرورة تطبيق النص الدستوري الذي يشدد على تخصيص حصة عادلة من الإيرادات المحصلة اتحاديًا للإقليم والمحافظات وبما يكفيها للقيام بأعبائها ومسؤولياتها مع اعتماد نسبة السكان".

اقرأ/ي أيضًا: سجالات الموازنة.. الإقليم يحذر من القطيعة والبصرة تهدد بالاستقلال

وأكدت التميمي أن "الخلافات تتمحور في الأساس على عدم وجود البيانات المالية الدقيقة، فيما أشارت إلى أن "اللجنة طرحت على الوفد الكردي أن تسليم الإقليم لـ250 ألف برميل فقط وفقًا للموازنة، يعني تسليمة نسبة 56% فقط من إنتاجه إلى الحكومة الاتحادية مع عدم تسليم أية إيرادات أخرى، وإذا ثبتت الأمور بالنسبة للإقليم هكذا، فعلى على كل المحافظات المنتجة تسليم نفس النسبة مع عدم تسليم الإيرادات الأخرى".

بغداد تسدد ديون إقليم كردستان

في السياق، يقول الباحث في الشأن الاقتصادي رامي الموسوي، أنه ضمن البنود التي وردت بقانون الموازنة لسنة 2021 (المادة 11 ثالثًا، ورابعًا) تلزم تلك المواد الحكومة الاتحادية بتسديد ديون الإقليم للسنوات من 2014 -2019 نتيجة العجز السابق في موازنات الإقليم.

ويضيف الموسوي في حديث لـ"ألترا عراق"، أنه "تُقدر الديون الخارجية على الإقليم لتلك الفترة بحدود 20 مليار دولار، وفي المقابل، فإن مشروع الموازنة يلزم الإقليم كعادته سنويًا بتسليم 250 ألف برميل نفط يوميًا لتصديرها بواسطة شركة النفط العراقية من خلال أنبوب التصدير التركي الممتمد إلى الإقليم، مبينًا أنه "نتيجة لإبرام الإقليم اتفاقًا مع تركيا يلزمها بنقل النفط المصدر من خلال ذلك الأنبوب مقابل جزء من عائدات النفط، فقد نَصَ قانون الموازنة على تحمل الحكومة المركزية تكاليف نقل 350 ألف برميل من نفط الإقليم بواسطة الأنبوب التركي وليس 250 ألف برميل".

من جانبه يقول الخبير الاقتصادي، نبيل المرسومي، إن "أنصاف الحلول أو الحلول الترقيعية التي دأبت عليها حكومتي المركز والإقليم غير مجدية وغير قابلة للتطبيق العملي بسبب الصعوبات الفنية والقانونية وحتى السياسية، إذ ليس باستطاعة إقليم كردستان أن تسلم فعليًا 250 ألف برميل يوميًا بسبب طبيعة العقود التي وقعتها سواء مع الشركات الأجنبية التي يترتب عليها تقسيم النفط إلى نفط كلفة تحصل عليه الشركات الأجنبية ونفط ربح يجري تقاسمه بنسبة 20% للشركات الأجنبية المستثمرة و80% للإقليم، أم مع الشركة الأجنبية الناقلة للنفط الكردستاني والذي بنته على وفق أسلوب BOOT والذي من خلاله يتم تسديد قيمة هذا الأنبوب الذي يبلغ طوله 600 ميل من خلال الرسوم المفروضة على النفط الكردستاني الذي يمر من خلال هذا الأنبوب إلى تركيا".

 ويبيّن المرسومي، في تصريح تابعه "ألترا عراق"، "لذلك على المركز والإقليم أن يعملا معًا بأسلوب آخر لحل المشكلات النفطية العالقة بينهما، وطريقة توزيع العائدات النفطية بينهما، خاصة وأن الإقليم يحتاج سنويًا إلى 9 مليارات دولار لتسديد رواتب موظفي الإقليم، ولذلك يبدو أن الأسلوب الأمثل للحل هو في أن تتولى بغداد إدارة العقود التي وقعها إقليم كردستان وهي تصل إلى 57 عقدًا على أن تتحمل بغداد الالتزامات المالية المترتبة عليها، مقابل حصولها على كل النفط المنتج في إقليم كردستان والذي يزيد عن نصف مليون برميل يوميًا مع استلامها أيضًا للإيرادات الأخرى ونصف إيرادات المنافذ الحدودية على أن تستلم كردستان كامل حصتها المالية في الموازنة العامة وفق النسبة السكانية".

قال وزير النفط العراقي إن ذروة إنتاج العراق من النفط ستبلغ 8 مليون برميل في حلول 2027، أما الآن فالعراق ينتج 5 ملايين برميل نفط يوميًا

قال المرسومي "أما القول بأن عقود إقليم كردستان مخالفة للدستور لأنها عقود شراكة، فهذا غير صحيح إطلاقًا لأنها عقود مشاركة وليس عقود شراكة، والفرق بينهما كبير جدًا، فضلًا عن عقود الغاز التي وقعتها الحكومة الاتحادية مع شركتي شل وميتسوبيشي لاستثمار غاز البصرة كانت من نوع عقود الشراكة المخالفة فعلا للمادة 111 للدستور العراقي التي لم يتم الاعتراض عليها، إذ تحصل الشركتين الأجنبيتين على 49% من صافي الأرباح في حين تتراوح صافي أرباح الشركات الأجنبية في  عقود إقليم كردستان ما بين 18 – 20%".

سومو: لم نتسلم نفط إقليم كردستان ولا نعلم بحجم صادراته

وفي الأثناء، كشفت شركة تسويق النفط العراقية (سومو)، أسباب تقليص إمدادات عام 2021، فيما أكدت عدم تسلّمها نفط إقليم كردستان.

ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن الشركة قولها، وتابعها "ألترا عراق"، إن "الآلية المعتمدة في تخصيص النفط الخام إلى الشركات العالمية تكون وفقًا للكميات المتاحة للتصدير".

وأوضحت الشركة، أن "الكميات المصدرة تتغير بما ينسجم مع مقررات منظمة أوبك، وبما يضمن حصص سوقية جيدة في الأسواق الواعدة".

وأشارت إلى أن "موضوع تسليم العائدات المالية الناتجة عن عمليات بيع النفط من اختصاص وزارة المالية العراقية"، مبيّنةً أن "سعر برميل نفط خام كركوك المصدر من قبل الحكومة المركزية أعلى من سعر البيع الذي يتم تحقيقه من قبل إقليم كردستان".

وتابعت الشركة قائلة: "لم تتوفر لدينا تفاصيل المعدلات المستخدمة في تسعير النفط الخام المصدر من قبل الإقليم".

اشتراطات وإخفاقات

وكانت حكومة إقليم كردستان قد أعلنت استعدادها لخفض الصادرات النفطية تماشيًا مع اتفاق منظمة (أوبك+) شريطة أن تتولى الحكومة الإتحادية دفع نفقات الإقليم وفي مقدمتها رواتب الموظفين، فيما قال وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار في تصريحات سابقة إن إقليم كردستان ما زال لا يساهم بتخفيضات "أوبك+".

اقرأ/ي أيضًا: 15 مليار دولار خارج حسابات الموازنة.. من سيظفر بـ "الأموال الفائضة"؟

وكشف عبد الجبار، في تصريحات متلفزة تابعها "ألترا عراق"، عن مقترحين يجري الحوار فيهما مع وفد إقليم كردستان بشأن حلة مشكلة نفط الإقليم، مؤكدًا أن "أولهما تستلم وزارة النفط الاتحادية مسألة استخراج وتصدير النفط وتتحمل كافة الأجور، أو أن تستلم الوزارة 250 ألف برميل يوميًا بسعر شركة سومو"، مشيرًا إلى أن "ذروة إنتاج العراق من النفط ستبلغ 8 مليون برميل في حلول 2027، أما الان فالعراق ينتج 5 ملايين برميل نفط يوميًا". 

ويذكر أن دول منظمة أوبك ودولًا من خارجها توصلت إلى اتفاق خفض الإنتاج، بدءًا من مطلع شهر أيار/مايو الماضي، بتخفيض نحو 9.7 ملايين برميل يوميًا، أو ما يعادل نحو 10 بالمئة من إجمالي الإنتاج العالمي، بعد تدني سعر البرميل إلى مستوى دون الـ16 دولارًا للبرميل، متأثرًا بتداعيات جائحة كورونا، وتراجع أسعار النفط الأمريكي إلى ما دون الصفر للمرة الأولى في التاريخ.

ويسعى العراق إلى إبرام أول صفقة من نوعها للدفع المسبق للنفط الخام، لمدة 5 سنوات ابتداءً من كانون الثاني/يناير 2021 حتى كانون الأول/ديسمبر 2025، بهدف دعم الموارد المالية لخزينة الدولة العراقية من أجل توفير السيولة المالية وصرف مرتبات الموظفين والمتقاعدين وبعض النفقات العامة.

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

لماذا لا تستطيع بغداد التخلي عن شراء الغاز الإيراني؟

اللجنة المالية تعلن رفع سعر برميل النفط في الموازنة