11-فبراير-2021

دورة "محبطة" برئاسة الحلبوسي (فيسبوك)

يشهد مجلس النواب نقاشات حول النصاب القانوني للجلسات بالتزامن مع الخلافات على القوانين "المصيرية"، فضلًا عن واقع غالبية الأعضاء تحت قبة البرلمان العراقي في دورته الرابعة التي بدأت بعد انتخابات أيار/مايو 2018، إذ أن العراقيين "لا يعرفون سوى نحو 50 نائبًا لكثرة ظهورهم إعلاميًا"، بحسب نائب، وسط حديث عن كثرة غيابات أعضاء البرلمان عن جلسات مهمة في الواقع الذي يشهد أزمة اقتصادية، فضلًا عن أزمات سياسية داخلية وخارجية يرتبط بعضها بالصراع الإقليمي مع انتظار الانتخابات المبكرة والحديث عن حل البرلمان لنفسه، وهو ما يطرح سؤالًا عن إجراءات مجلس النواب مع الغيابات المتكررة، بالإضافة إلى عدد الحضور والفاعلين في السلطة التشريعية. 

 يعزو نائب أساس مشكلة غياب النواب وزعماء الكتل في هذه الدورة إلى عدم تصويت مجلس النواب على نظامه الداخلي 

ويرجع النائب عن تحالف "سائرون" رياض المسعودي، مشكلة التغيّب إلى "وقت انعقاد الجلسات غير مناسب ويجب تغييره لتلافي تكرار هذه الحالات من قبل النواب"، مستدركًا "ولكن ما جرت من محاباة واتفاقيات أفضت عن تراجع الأداء الوظيفي في مجلس النواب وخاصة جدول الأعمال، فضلًا عن أن 80% من النواب لديهم حالة إحباط بسبب عدم تفاعل رئاسة المجلس، ما أثر سلبًا على جدول الأعمال".

اقرأ/ي أيضًا: وهم الانتخابات المبكرة.. غطاء شكلي وشرعية للفاسدين

لكن النائب وعضو اللجنة القانونية حسين عرب، يرى أن أساس المشكلة بموضوع غياب النواب وزعماء الكتل وعدم محاسبتهم، خاصة في هذه الدورة يعود إلى "عدم تصويت مجلس النواب على نظامه الداخلي، لذلك لا توجد سياقات واضحة للردع"، مبينًا لـ"ألترا عراق"، أن "المجلس مكتفي باستقطاع مبلغ 500 ألف دينار من النائب المتغيّب من دون عذر شرعي، فيما أشار إلى أن "التغيّب المستمر أسهم بتأخر إقرار الكثير من القوانين التي كانت تحتاج توفر النصاب القانوني للانعقاد".

ويفشل مجلس النواب في عقد جلساته بشكل متكرر بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني القاضي بحضور (138) عضوًا على الأقل، وهو ما دعا رئاسة البرلمان أن تهدد مرارًا بنشر أسماء الأعضاء المتغيبين بكثرة في الصحف ووسائل الإعلام، فيما طالبت كتلهم بمحاسبتهم.

غياب رسمي و"خيانة برلمانية"

القيادي في تيّار الحكمة، حسن فدعم، ظهر في لقاء متلفز تابعه "الترا عراق"، قائلًا إن "هناك بعض النواب لا يتقاضون رواتبًا من مجلس النواب لكونهم تسلموا مناصب سابقة، سواء كان منصب رئيس وزراء أو رئيس برلمان أو وزيرًا أو نائبًا سابقًا فهم يتقاضون رواتبًا تقاعدية"، لافتًا إلى أن "هناك نوابًا متغيبين بمهام معينة داخل اللجنة لمتابعة وزارة أو غيرها، وهؤلاء لديهم مبرر للغياب".

قانونيًا، حدّد القانون رقم (6 لسنة 2006) الخطوات التي يجب أن يتخذها البرلمان إزاء العضو المتغيّب بما فيها الإقالة، حيث أجاز إقالة أي عضو لا يلتزم بحضور الجلسات لأن التصويت داخل البرلمان على أي موضوع يستلزم الحصول على نصف عدد الأعضاء وعضو آخر، بحسب الخبير القانوني طارق حرب، الذي وصف لـ"ألترا عراق" ما تشهده قبة البرلمان من تغيّب متكرّر من قبل الأعضاء بـ"الخيانة البرلمانية".

 الدورة الرابعة محبطة ولا إنجاز لها

يضم البرلمان العراقي 329 عضوًا من أحزاب سياسية متعددة بعد آخر تعديل أجري في حكومة رئيس الوزراء الأسبق، حيدر العبادي، قبل أن يكون 325 عضوًا، وتعتبر الدورة البرلمانية هذه، هي الرابعة بعد غزو العراق عام 2003، لكن جلساتها "لم تتعد المشاركة فيها 290 نائبًا"، بحسب القيادي في تحالف الفتح، غضنفر البطيخ والذي يؤكد أن الجلسات الاعتيادية يتغيّب عنها نصف النواب. 

قال عضو في البرلمان إن الشعب بات لا يعرف سوى نحو 50 نائبًا لكثرة ظهورهم إعلاميًا بينما يجهل باقي الأعضاء كليًا

 ويقول البطيخ لـ"ألترا عراق"، إن "حضور الجلسات واجب وطني ووظيفي، إلا أن غالبية الجلسات التي يشهدها المجلس الحالي والذي سبقه، لم يصل الحضور فيها إلى 300 عضو، حتى خلال الجلسات الأولى للدورة الرابعة الحالية، التي شهدت التصويت على المرشحين للوزارات في حكومة عادل عبد المهدي، مبينًا أن "الشعب بات لا يعرف سوى نحو 50 نائبًا لكثرة ظهورهم إعلاميًا بينما يجهل باقي الأعضاء كليًا".

اقرأ/ي أيضًا: كم بلغت أعداد الأحزاب والتحالفات السياسية المسجلة في المفوضية حتى الآن؟

ويرى البطيخ أن الغياب المتعمد من قبل برلمانيين، مؤشر على "اعتقادهم أنهم أكبر شأنًا من البرلمان، فيما أشار إلى أن "الجلسات الاعتيادية التي تتضمن التصويت على قرارات عادية، فلا يتعدى الحضور الـ190 نائبًا، أي أن نحو نصف النواب يمتنعون عن الحضور، مبينًا أن "الدورة النيابية هذه تعتبر محبطة ولا يمكن احتساب أي إنجاز لها".

الإجراء القانوني

وتنص المادة 18 من النظام الداخلي للمجلس على كون تكرّر الغياب 5 مرات متتالية أو 10 مرات متفرقة دون عذر واجب خلال الدورة السنوية، يوجب على رئاسة البرلمان توجيه الإنذار بضرورة الالتزام، بحسب المختص بالشأن القانوني علي جابر التميمي، والذي يقول لـ"ألترا عراق"، إن "ذات المادة تؤكد أحقية الرئاسة باستبدال النائب إذا لم يلتزم بالتنبيه وفق القانون رقم 6 و49 لعام 2007 مع شرط الأغلبية المطلقة بالتصويت داخل المجلس، فيما يصف هذه الإجراءات وتطبيقها بـ"شبه المستحيلة" لكثرة الغيابات وعدم المحاسبة إطلاقًا.

وتتأخر الكثير من القوانين أو مشاريع القوانين بسبب عدم "اكتمال النصاب"، فيما يرى مراقبون أن عدم اكتمال النصاب له بعد سياسي، حين لا ترغب بعض الكتل بالتصويت على قوانين معيّنة، بينما هي تحضر بقوة عند قوانين ترغب بتشريعها، كما حصل في جلسة إخراج القوات الأجنبية، بعد عملية المطار التي استهدفت قائد الحرس الثوري، قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس في بغداد، فيما شهدت نفس الجلسة عدم حضور بعض الكتل التي لم ترغب بإخراج القوات الأمريكية، وهو ما دعا رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي أن يعتبر "الجلسة شيعية" حين قال في تسجيل مسرّب إن "الحضور اليوم شيعي، وكنت أتمنى أن يكون القرار عراقيًا بحضور باقي الكتل".

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

مقارنة بين انتخابات 2018 والانتخابات المبكرة المقبلة: هل ستكون المشاركة أعلى؟

المفاهيم العميقة ونظامنا البدائي.. تعقيد بلا معنى