ألترا عراق ـ فريق التحرير
لم تفارق الشكوك وعدم الثقة الشعبية، إجراءات وزارة الصحة في العراق منذ ظهور فيروس كورونا، حتى بدأ المواطنون ينهمكون في مراقبة الموقف الوبائي اليومي والإمعان في تفاصيله مع محاولات لتفسير أرقامه.
منذ انطلاق الامتحانات في 20 آذار/مارس، استمر الموقف الوبائي اليومي بالإعلان عن إصابات لم تلامس الـ5 آلاف إصابة
كان آخر ما تسبب بنقمة شعبية على إجراءات وقرارات الصحة واللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية في العراق، هو قرار إجراء امتحانات نصف السنة لطلبة المراحل كافة "حضوريًا" داخل المدارس، في الوقت الذي كانت فيه الإصابات تتجاوز الـ5 آلاف إصابة يوميًا، مع دخول السلالة الجديدة لفيروس كورونا والمعروفة بقدرتها على استهداف الأطفال بشكل أكبر.
اقرأ/ي أيضًا: مواعيد غير دقيقة وانعدام ثقة.. ما مصير لقاحات "كورونا" في العراق؟
إلا أنه ومنذ انطلاق الامتحانات في 20 آذار/مارس الجاري، استمر الموقف الوبائي اليومي بالإعلان عن إصابات لم تلامس الـ5 آلاف إصابة، وتحوم بين الـ4 آلاف والـ4 آلاف و600 إصابة فقط، بالرغم من تقليل أيام الحظر الشامل، وتقليص ساعات الحظر الجزئي، وفتح المطاعم والمولات وإجراء الامتحانات الحضورية في المدارس.
هذه المعطيات دفعت إلى مراقبة واكتشاف المفتاح الذي قد يكون تسبب باستمرار الإصابات بهذا المستوى، حيث لوحظ ومنذ أول يوم لانطلاق الامتحانات، تناقص أعداد الفحوصات التي تجريها مؤسسات وزارة الصحة، بعد أن كانت أعداد الفحوصات سابقًا تلامس الـ45 ألف فحص، الأمر الذي قد يجعل استقرار أو تناقص أعداد الإصابات المكتشفة، شيئًا بديهيًا بعد تراجع أعداد الفحوصات.
في يوم 19 آذار/مارس، أي قبل يوم واحد من انطلاق الامتحانات في المدارس، أجرت وزارة الصحة أكثر من 41 ألف فحص، سجلت من خلالها أكثر من 5 آلاف و200 إصابة جديدة بفيروس كورونا.
إلا أنه وفي اليوم التالي، أي في 20 آذار/مارس وهو موعد انطلاق الامتحانات الحضورية في المدارس، بدأت أعداد الفحوصات بالتناقص، ليظهر الموقف الوبائي لذلك اليوم إجراء 36 ألف فحص فقط، مع تسجيل إصابات تفوق الـ4 آلاف و600 إصابة، فيما أظهر الموقف الوبائي ليوم 21 آذار/مارس، إجراء 35 ألف فحص فقط، مع تسجيل 4 آلاف و500 إصابة.
وفي يوم الـ22 من آذار/مارس، أي أول الأمس الاثنين، جاء الموقف الوبائي بعدد صادم للفحوصات، حيث أجرى العراق نحو 27 ألف فحص فقط، وهو تراجع بنحو 40% عن عدد الفحوصات التي كانت تُجرى في الأشهر والأسابيع الماضية، لتسجل الصحة حينها أكثر من 4 آلاف و600 إصابة، وهو الأمر الذي أشعل المخاوف من أن الإصابات الحقيقة قد تتجاوز الـ6 آلاف إصابة، فيما إذا أجرت الوزارة اكثر من 40 ألف فحص كما جرت العادة.
وتكرر الحفاظ على مستوى فحوصات منخفض حتى يوم أمس الثلاثاء 23 آذار/مارس، إذ بلغ عدد الفحوصات الكلي 29 ألف فحص في عموم العراق، مع تسجيل نحو 4 آلاف و500 إصابة.
سببان وراء القضية.. هل للامتحانات علاقة؟
ورصد "ألترا عراق" جملة من الاعتراضات والتساؤلات في الصفحة الرسمية لوزارة الصحة حول سبب تراجع أعداد الفحوصات، وسط اتهامات بوضع هذا التوجه في سياق محاولات الصحة الحفاظ على معدل إصابات مستقر من خلال تقليل أعداد الفحوصات، لعدم إثارة الضجة حول قرار إجراء الامتحانات حضوريًا في حال تسجيل أي ارتفاع جديد بالإصابات قد يفوق الـ6 آلاف إصابة.
تقول وزارة الصحة إن الفحوصات تُجرى عبر طريقتين أما من خلال المراجعين الذين يقدمون للمؤسسات الصحية، أو عبر التحري الوبائي من خلال إجراء المسوحات في الشوارع
إلا أن وزارة الصحة نفت أن يكون للأمر أي علاقة بالامتحانات، حيث رفض مدير عام الصحة العامة في وزارة الصحة رياض الحلفي في حديث لـ"ألترا عراق" هذه "التفسيرات غير الحقيقية"، بحسب وصفه.
اقرأ/ي أيضًا: أزمة الجائحة في العراق: الحصيلة تفوق 800 ألف إصابة
ويبيّن الحلفي أن "الفحوصات تُجرى عبر طريقتين أما من خلال المراجعين الذين يقدمون للمؤسسات الصحية بعد ظهور الأعراض عليهم، أو عبر التحري الوبائي الفعال من خلال إجراء المسوحات في الشوارع والمراكز وغيرها".
ويعتبر الحلفي أن "تراجع أعداد المراجعين للمؤسسات الصحية، ليس للوزارة ومؤسساتها يد به، حيث قد يكون تناقص أعداد المراجعين بفعل عدم وجود أعداد كبيرة من المواطنين تظهر عليهم الأعراض".
أما فيما يخص تراجع أعداد المسحات من خلال التحري الفعال، والذي يشكل نحو نصف أعداد الفحوصات الكليّة جنبًا إلى جنب مع المسحات التي تُجرى للمراجعين، يعترف الحلفي أنها "تراجعت بفعل انشغال الكثير من الكوادر بإعطاء جرعات لقاح كورونا منذ وصول الدفعة الأولية للجرعات، فضلًا عن تهيئة الأمور اللوجستية للقاحات الأخرى التي من المرتقب وصولها".
ويبيّن الحلفي أن "الصحة تنتظر إقرار الموازنة واستثناء الوزارة من تعليمات إيقاف التعيين لغرض زج دورتين من الكوادر الطبية المتخرجة وغير المعينة بعد، وهو ما سيعزّز قدرة الوزارة على استعادة أعداد الفحوصات السابقة".
أما أعطاء اللقاحات وإجراء الفحوصات بنفس الوقت فهو "أمر صعب التحقق، ولن تعود أعداد الفحوصات لسابق عهدها بهذا الوضع"، بحسب الحلفي.
ووفقًا لما أورده مدير الصحة العامة، فإن العراق وـ بحسب مختصين ـ قد يكون موعودًا بالمزيد من التناقص في أعداد الفحوصات والذي يؤدي للمزيد من "التناقص الوهمي" لأعداد الإصابات المكتشفة، حيث من المؤمل وصول أعداد أكبر من اللقاحات عبر مرفق كوفاكس خلال الأيام القادمة بمئات الآلاف من الجرعات، وهو ما سيشغل عددًا أكبر من الكوادر الصحية في التطعيم، مقارنة مع ما الشحنة الأولى من اللقاحات الواصلة من الصين والبالغة 50 ألف جرعة فقط، وسط ترقب الوزارة تعيين المزيد من الكوادر، وهو ما سيؤدي إلى تناقص الإصابات لحين إقرار الموازنة.
اقرأ/ي أيضًا:
حظر التجوال والامتحانات.. الفيروس يبعثر الدروس
تخفيف الإغلاق في العراق.. ما الدافع نحو توجه لا ينسجم مع الموقف الوبائي؟