26-يناير-2020

انزعج الصدر من انتقادات المتظاهرين فتلقى هذه المرة هتافات "شلع قلع" (علي دب دب)

الترا عراق - فريق التحرير

بدت لحظة تفكيك الخيام وحفلة الشتائم المتبادلة على مواقع التواصل الاجتماعي، إثر قرار مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، الانسحاب من ساحة الاحتجاج، توقيتًا مناسبًا للسلطات لتوجيه "ضربة قاضية" تخمد "انتفاضة تشرين".

رأت السلطات في انسحاب الصدر لحظة مناسبة لـ "سحق الاحتجاجات" لكن نتائج أعمال العنف جاءت معاكسة لرغبتها

ومع فجر السبت 25 كانون الثاني/يناير، كانت القوات الحكومية تتأهب لـ "تجهز" على الحركة، التي تطارد هتافاتها الأطراف السياسية وزعماء الفصائل المسلحة، في ظل ضمان سكوت الصدر والفاصل الزمني البعيد عن أي اعتراض أو رفض قد يصدر من المرجع الأعلى علي السيستاني، حيث لا تنطلق تلك المواقف إلا عبر منبر صلاة الجمعة من كل أسبوع.

اقرأ/ي أيضًا: بالنار والرصاص.. قوات الأمن تهاجم ساحة التحرير والمتظاهرون يستغيثون (فيديو)

ومن البصرة إلى ساحة التحرير شنت القوات الأمنية حملتها على مدى ساعات دون توقف حتى لحظة كتابة هذا التقرير. حرق للخيام ورصاص حي ضد المحتجين فضلًا عن قنابل الغاز والضرب والاعتداءات والاعتقال، وفق شهود عيان ومقاطع مصورة وتقارير طبية تحدثت عن 4 قتلى وعشرات الجرحى على الأقل في حصيلة مؤهلة للارتفاع.

 

 

لحظة فاصلة.. ومرحلة جديدة

مع صباح الأحد، بدا أن القوات قد عزمت فعلًا على اقتحام ساحة التحرير (قلب الاحتجاجات)، بعد أن أجبرت المتظاهرين على الانسحاب من الطريق السريع وجسري الأحرار والسنك وساحتي الوثبة والخلاني، وتقدمها نحو نفق التحرير وحرق خيام المعتصمين تحت وابل من الرصاص.

كانت تلك لحظة فاصلة نقلت الاحتجاجات إلى مرحلة جديدة وأشد خطرًا ربما على أطراف السلطة، حين زحفت حشود كبيرة نحو وسط بغداد، وساحات الاعتصام في البصرة والمدن الأخرى، لتعيد المشهد إلى لحظة الأول من تشرين/أكتوبر 2019، وتعلن نفسها تظاهرات شعبية لا تخضع لأي قيادة أو تيار، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال الحد من غضبها دون تنفيذ مطالبها.

كما فسح انسحاب الصدريين المجال أمام شرائح أخرى كانت لديها تحفظات على وجود أنصار رجل الدين المثير للجدل، في ساحات الاحتجاج، للمشاركة فيها.

عادت الاحتجاجات إلى شكلها الأول كحركة شعبية "خالصة" لا تخضع لأي طرف أوتيار 

يقول النائب فائق الشيخ علي، إن "التظاهرات باتت أشد قوة، بعد انسحاب الصدر، وستصر أكثر على مطالبها، وربما ستتصلب أكثر في مواقفها"، مؤكدًا في تصريح متلفز أن "أطراف السلطة وقادى الميليشيات ليسوا قادرين بأي شكل من الأشكال على مواجهتها، بعد أن جربوا كل الوسائل".

"شلع قلع".. في وجه الصدر هذه المرة!

أما الصدر الذي انزعج من انتقادات تلقاها من المتظاهرين إثر انخراطه في مشروع واحد مع فصائل مسلحة متهمة بالمسؤولية عن أعمال قتل واختطاف وانتهاكات طالت المحتجين، فقد استمع عقب موقفه المثير للكثير من التساؤلات، بوضوح، ولأول مرة، إلى هتافات تطالب برحيله إلى جانب الأطراف الأخرى عن مواقع السلطة.

 

 

ولا تبدو مبررات قرار الصدر مقبولة لدى المتظاهرين، خاصةً هذا التوقيت وبعد "مليونيته" التي سار فيها أنصاره إلى جانب "الميليشيات"، بل يرون فيه "غدرًا"، فيما ذهب بعضهم أبعد من ذلك، وفق بيانات صدرت من بعض خيم الاعتصامات، باتهام زعيم التيار الصدري "بالانصياع إلى رغبة إيران بإنهاء التظاهرات مقابل رئاسة الحكومة المقبلة".

اقرأ/ي أيضًا: "يقتلون الشبان ويرقصون".. "أمنيستي" تصف عمليات قمع المتظاهرين على يد السلطة

لكن مراقبين ومختصين، من بينهم الكاتب والإعلامي مشرق عباس، استبعدوا ذلك، معللين موقف زعيم التيار بـ"ضغوط يتعرض لها الصدر منذ انطلاق الاحتجاجات، بعضها داخلي وقد يكون على يد بعض المقربين منه، والذين ربما ألبوه على المتظاهرين، أو أخرى خارجية".

المد الأبيض..

ومع استمرار حملات القمع في البصرة وذي قار والعاصمة بغداد، فجر الأحد 26 كانون الثاني/يناير، يتوقع أن تشهد مدن البلاد زخمًا احتجاجيًا أكبر عبر مسيرات الطلبة، والتي يؤكد طلبة ومتظاهرون إنها ستكون الأكبر من نوعها منذ انطلاق التظاهرات.

يتوقع أن تشهد البلاد تصعيدًا احتجاجًا أكثر حدة عبر مسيرات الطلاب التي قد تكون الأكبر من نوعها

لكن ذلك يثير قلقًا من عمليات قمع أقسى قد تمارسها السلطات، والتي تؤكد أطراف سياسية وأخرى مراقبة، أن قرارها الأمني بات خاضعًا بشكل كامل لـ"الميليشيات" وزعمائها، وسط مطالبات إلى المجتمع الدولي والمرجعية الدينية بالتدخل لحماية المتظاهرين وساحات الاحتجاج.

 

اقرأ/ي أيضًا:

غضبها يطبخ على نار هادئة.. القصة الكاملة لـ"وجبات القمع الليلية" في البصرة

دماء ورصاص.. هجوم ضد "ملهمة الاحتجاجات" وأوامر بـ"قمع" المتظاهرين في بغداد