30-أبريل-2019

تحولت ساحة الفردوس إلى مستنقع للنفايات شاهدة على الإهمال والفساد (Getty)

تحمل ساحة الفردوس وسط العاصمة، رمزية عالية لارتباطها بانتهاء نظام البعث ودخول العراق في حقبة جديدة، يتذكرها كل عراقي يمر بجانب الساحة، ولما لها من دلالة للحظة سقوط تمثال صدام حسين ملفوفًا بالعلم الأمريكي في 9 نيسان/أبريل 2003. وبعد مرور 16 عامًا بقيت الساحة أرضًا جرداء شاهدة على الإهمال والفساد، على رغم من موقعها في قلب بغداد.

تقع ساحة الفردوس في قلب العاصمة بغداد وتعد رمزًا للتحولات التي شهدتها البلاد بعد 2003 حيث سقط فيها تمثال صدام حسين ملفوفًا بالعلم الأمريكي

لحظة دخول القوات الأمريكية المحتلة إلى ساحة الفردوس في 9 نيسان/أبريل 2003 (أ.ف.ب)

 تعاقبت 7 حكومات بعد سقوط نظام البعث، بدأت من تشكيل مجلس الحكم في آذار/مارس 2003 وتولي إياد علاوي للسلطة ثم إبراهيم الجعفري، وثمان سنوات لنوري المالكي ثم حيدر العبادي وانتهاءً بحكومة عادل عبد المهدي، الذي مر على توليه رئاسة الحكومة  قرابة 7 أشهر. كل هذه الحكومات لم تولي اهتمامًا للساحة ولرمزيتها، فتحولت إلى مستنقع للمياه الآسنة والقمامة، وبقيت شاهدة تشرح واقع الإهمال والفساد لتلك الحكومات.

اقرأ/ي أيضًا: حدث قبل 100 عام.. بغداد والبصرة في صور نادرة

تبلغ مساحة الساحة نحو ألفي متر مربع، وتقع بالقرب من ضفة نهر دجلة، في قلب شارع السعدون أبرز شوارع مركز العاصمة، وقبالتها يطل مبنى جامع 17 رمضان التاريخي، وهو ما يجعلها متنفسًا رئيسيًا للعاصمة، ومركزًا يربط منطقة الكرادة بشارع السعدون.

الموقع الجغرافي للساحة

جرت عدة محاولات لإصلاح وتأهيل الساحة، جميعها باءت بالفشل، لأسباب تتعلق بالفساد وتسليمها مشروع التأهيل إلى شركات غير متخصصة، بالإضافة إلى الاتهامات المتبادلة بين أمانة العاصمة ووزارة الثقافة، وهو ما يؤكده المتحدث باسم الأمانة حكيم عبد الزهرة لـ "الترا عراق"، حيث يشير إلى أن وزارة الثقافة عطلت في أكثر من مرة مشروع تأهيل الساحة.

إحدى تلك المحاولات كانت في عام 2010، حين طلبت وزارة الثقافة بكتاب رسمي من الأمانة التوقف عن مشروع لأعمار الساحة، بعد إعلان الوزارة عن مسابقة لتصميم نصب يحمل اسم (نصب العراق)، وبعد مدة طلبت الوزارة من الأمانة استئناف المشروع واعتذرت عن المشاركة، وفقًا لمتحدث الأمانة.

فشلت عدة محاولات لإعادة إعمار الساحة التي تحولت إلى مستنقع للمياه على الرغم من تخصيص أموال كبيرة وتعاقب سبع حكومات لتكون شاهدة على الإهمال والفساد

بررت وزارة الثقافة ذلك عبر بيان، قالت فيه "تم اختيار النصب الفائز ولعدم وجود شركات مؤهلة لم تتم إحالته كمناقصة، في ظل عدم توفر التخصيصات المالية".

يقول حكيم، إن "مشروع الأمانة قبل طلب الوزارة بالتوقف عنه كان شبه مكتمل، فقد خصصت المبالغ اللازمة والتصاميم الأساسية (يتضمن التصميم نصب الجندي القديم على شكل نافورة عملاقة، وتشجير على أشكال هندسية)، لكن طلب الوزارة حال دون إكمال المشروع".

في العام 2015 خصصت وزارة الثقافة مبلغ أكثر من 597 مليار دينار ضمن مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية لعام 2013، لتأهيل الساحات والمواقع الثقافية، كانت حصت ساحة الفردوس مليار دينار، لكن لم يجر أي تأهيل أو إعمار للساحة حتى اللحظة، كما لم يفتح أي تحقيق بشأن الأموال التي صرفت على الساحة ضمن المشروع وما قبله وبعده، أو محاسبة المقصرين من الأمانة أو وزارة الثقافة.

وفي مطلع أيلول/سبتمبر من ذات العام، أزالت الأمانة نصبًا من الساحة بعدما شيدته جماعة تطلق على نفسها (ناجون)، يرمز النصب (المصنوع من الجبس) للوحدة الوطنية ويظهر توحد عدد من الأفراد وهم يرفعون شمسًا سومرية قام بتصميمه الفنان باسم حمد. وقالت الأمانة حينها، إنها ستقوم بوضع نصب الجندي المجهول (القديم) في مكانه الذي صممه الفنان العراقي رفعت الجادرجي بعد إكمال عملية تأهيله.

نصب الجندي المجهول القديم 1977/ موقع أرشيف العراق المصور

وفي منتصف عام 2017 حددت رابطة المصارف العراقية التي مولت مشروع (ألق بغداد)، الذي تبناه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي برئاسة الفنان نصير شمه، 200 يومٍ لإعادة وتأهيل وبناء الساحات الرئيسة في بغداد، وفيما أكدت ان العقود التنفيذية ستشمل 20 ساحة في العاصمة، من بينها ساحة الفردوس، جرى بعدها إعمار العديد من الساحات لكن هذا الإعمار لم يشمل الساحة، لأسباب مجهولة.

اقرأ/ي أيضًا: في بغداد.. الموتى أكثر من الشوارع

في شهر نيسان/أبريل 2019، أعلن البنك المركزي، تحويله المبالغ اللازمة لتأهيل وإعمار الساحة الى أمانة بغداد تمهيدًا لتنفيذ المشروع. وقال البنك في بيان، إنه وضمن مبادرة تمكين، قد قام بتحويل المبالغ اللازمة لتأهيل وإعمار الساحة إلى حساب أمانة بغداد وحسب الخطة المعدة من قبل الأمانة بهذا الصدد.

يجري العمل حاليًا في مشروع لتأهيل الساحة يتضمن وضع نصب يحمل اسم العاصمة بغداد وتنظيم حدائق بأشكل هندسية حوله

مشروع التأهيل الحالي "المتأخر" ضمن مبادرة تمكين خصص له نحو 500 مليون دينار، وفقًا لاحد العاملين في المشروع، موضحًا في حديث لـ"الترا عراق"، أن التصميم يتضمن حدائق هندسية بالإضافة إلى نصب في المنتصف يحمل اسم "بغداد"، دون ذكر المصمم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أن تكون في بغداد

حي المعامل في بغداد.. نفايات الفساد تأكل وجه الحياة