بعصا غليظة، تعرض شاب "هوشيار حمه" إلى ضرب مبرح على يد زوجته، مؤخرًا، إثر عجز أصابه نتيجة تلقي رصاصة طائشة قبل سنوات، في بلدة قلة دزي في أطراف مدينة السليمانية بإقليم كردستان، حين وقع شجار بين بعض الأشخاص.
800 شخص تعرضوا إلى العنف على أيدي زوجاتهم في كردستان خلال الأشهر الماضية من 2019
لم يستطع ذو الـ 35 عامًا العمل بعد ذلك، فواجهت أسرته التي تسكن بيتًا متواضعًا، أوضاعًا صعبة انتهت إلى عدم القدرة على توفير لقمة العيش، فـ "عاقبته" زوجته بضرب دون رحمة تم على إثره نقله إلى المستشفى. الحالة ليست الأولى في إقليم كردستان، حيث تشير الإحصائيات إلى وجود 800 شخص تعرضوا إلى العنف على يد زوجاتهم خلال الأشهر الماضية من 2019.
اقرأ/ي أيضًا: قصص تكشف لأول مرة.. ما أسباب انتشار ظاهرة اغتصاب الأطفال؟
يقول حمه لـ "ألترا عراق"، إنه سيرفع دعوة قضائية ضد زوجته، لأنها "ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها إلى التعنيف"، كما أنه يفكر في "مغادرة البلدة وعموم السليمانية بسبب ما تسببت به الزوجة والظروف المحيطة به".
إحصائية مثيرة!
أحصى اتحاد الرجال في كردستان، 457 حالة عنف تعرض لها الرجال في السليمانية ومحيطها فقط، مقابل نحو 477 في أربيل. يقول كوران حسن أحد مسؤولي الاتحاد فرع السليمانية، إن "الإحصائية تشمل حصرت الحالات منذ مطلع العام حتى شهر آب/أغسطس الماضي"، مبينًا أن "الحالات تشمل تعنيف وطرد من المنازل والاستحواذ على الراتب، وبعض المعنفين هم من الذين يعانون من ضعف جسدي".
يضيف حسن لـ "الترا عراق"، أن "خمسة رجال على الأقل قتلوا العام الماضي على أيدي زوجاتهم، ولكن كان باتفاق مع رجال آخرين"، مشيرًا إلى أن منظمته "تقدم المساعدة والاستشارة القانونية لنحو 7 آلاف رجل انظموا إليها، بعضهم من رجال القانون حيث يقدمون المساعدة للأشخاص الآخرين المندرجين ضمن لوائحنا في حال احتاجوا للمساعدة القانونية".
7 آلاف رجل انضم إلى اتحاد الرجال المناهض للعنف ضد الرجال في كردستان، فيما قتل 5 رجال بحالات عنف ارتكبتها نساء!
بدأت المنظمة تنشر إحصائياتها حول العنف ضد الرجال منذ عام 2017، بسبب ارتفاع معدلات الاعتداءات سنويًا، وهي الأولى من نوعها في البلاد، حيث تعنى مثل تلك المنظمات بشؤون المرأة غالبًا أو الأطفال والمراهقين الذين يعدون من الشرائح الأكثر تعرضًا للعنف الأسري.
يقول حسن، إن "هناك حالات حدثت العام الحالي تضمنت سلب الأطفال من آبائهم حتى من دون إكمال إجراءات الطلاق من قبل النساء".
المال.. والإعلام!
تندرج أغلب أسباب العنف ضد الرجال، بسبب الحالة الاجتماعية والاقتصادية في إقليم كردستان العراق. يقول المحامي أنور برواري، إن "حالات الطلاق ازدادت في عموم العراق خلال السنوات الأخيرة، ولكن ليس كل الرجال يكشفون عن الأسباب الحقيقية، حتى لا يظهروا أمام الناس بشكل سيء".
اقرأ/ي أيضًا: "وحوش" المنطقة الآمنة.. أساسيات حماية الأطفال من التحرش والاغتصاب
يضيف برواري لـ "ألترا عراق"، أنه "تلقى خلال العام الحالي 540 معاملة طلاق، نصفها رفعها رجال، والقليل منهم فقط أبلغوا أنهم تعرضوا للعنف من قبل زوجاتهم أو التنمر الدائم أو غيرها من المشكلات الزوجية التي تكون فيها المرأة هي الطرف المعتدي والمسيطر"، مؤكدًا أن "أكثر الحالات في إقليم كردستان تقع في السليمانية وأطرافها، وكذلك أربيل، لكنها تقل في دهوك بسبب الطبيعة العشائرية هناك".
من جانبه، يرى الباحث الاجتماعي علي الخيكاني أن "الحالة الاجتماعية الناتجة عن الأزمة الاقتصادية والحرب على داعش في محيط كردستان، وتنامي شعور النساء بعدم الرضا على ما يقدمه رجالهم، تسببت بتلك الأرقام المرعبة".
يعزو مختصون ارتفاع حالات العنف ضد الرجال إلى تلاشي الأعراف المجتمعية وتمكن المرأة من العمل والتحريض الذي تمارسه وسائل إعلام
يضيف الخيكاني لـ "ألترا عراق"، أن "الطبيعة المجتمعية المحافظة تلاشت بسبب التقدم الذي يحصل في العالم، ولم تعد المرأة أضعف من الرجال باعتبارها تعمل في المنزل وخارجه، لذلك أصبحت أكثر عنفًا، وأكثر قدرة على استهداف الرجال، خصوصًا بوجود نساء أخريات تحرض الزوجات على عدم الانصياع لأوامر الرجال وأيضًا على عدم السماح لهم بالقيام بدورهم كرب للأسرة".
كما يؤكد، أن "وسائل الإعلام تمنح مساحات واسعة لتمكين المرأة وهذا الأمر يزيد شعور المرأة بالقدرة على التنمر وتعنيف زوجها داخل المنزل، حتى وصل بإحدى النساء في السليمانية خلال العام الماضي، إلى إلقاء زوجها من الطابق الثاني من المنزل مما تسبب بتكسر أضلاعه".
اقرأ/ي أيضًا:
حصيلة مرعبة: زوجة الأب المجرم الأول.. وارتفاع حالات اغتصاب آباء لبناتهم!
من عنف العوائل إلى "شبكات الدعارة": فتيات في شباك منظّمات مجتمع مدني!