09-يونيو-2019

انتشرت ظاهرة اغتصاب الأطفال كثيرًا حتى بين القوات الأمنية كما ظهر فيديو لأحد جنود الجيش العراقي (فيسبوك)

لم يكن أشد المتشائمين في العراق يتخيّل أن يرى أو يسمع إن أشخاصًا بالغين يستخدمون الأطفال أداة لإشباع رغباتهم الجنسية، والتي أحيانًا تنتهي بقتل الطفل ومرّات أخرى يبقى على قيد الحياة، لكن الاغتصاب يؤثر تأثيرًا سلبيًا عليه مدى الحياة، بالإضافة إلى تعرضه لاضطرابات نفسية متعدّدة.

انتشرت ظاهرة "اغتصاب الأطفال" في الآونة الأخيرة بالعراق التي يرجعها مختصون إلى قلة الوعي وتراكم الضغوط جراء الفشل السياسي مع استمرار الحروب والفوضى

ظاهرة انتشرت وأحاديث كثيرة تتداولها وسائل الإعلام يرجعها مختصون إلى قلة الوعي وتراكم الضغوط جراء الفشل السياسي في بناء دولة مستقرة وفيها قانون يحمي المواطن من الجرائم بمختلف آثارها، فضلًا عن الحروب والفوضى المستمرة منذ عقود.

اقرأ/ي أيضًا: حصيلة مرعبة: زوجة الأب المجرم الأول.. وارتفاع حالات اغتصاب آباء لبناتهم!

شهدت المحاكم العراقية في الآونة الأخيرة الكثير من قضايا التحرش الجنسي والاغتصاب للأطفال دون سن العاشرة من العمر، ومن ضمن الجرائم التي تم تصديقها من قبل إحدى محاكم بغداد هي جرائم مرتكبها يدعى "أبو موس"، والذي كان يستدرج الأطفال في منطقة الغزالية والشعلة في بغداد ويقوم باغتصابهم ومن بعدها يعتدي عليهم بالضرب المبرح و"شق دبرهم بالموس".

وفي بداية حزيران/ يونيو ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بفيديو لأحد الجنود العراقيين وهو "يتحرش" بطفل صغير لم يتجاوز عمره العشر سنوات، بينما تحدث جندي آخر مع أصدقاء يشاركونه البث عن اغتصاب أمه من قبل آخرين، فيما يوضح الفيديو تلفظ الجندي بألفاظ جنسية وتحرّش بالطفل، وبعد ذلك يغيّر زاوية التصوير ويصوّر والدة الطفل التي هي خارج الآلية العسكرية وهي تتعرض إلى الاغتصاب أيضًا، وبعدها يقوم الجندي برمي جهاز الهاتف والتصوير مستمر ويسمع من خلاله صراخ الطفل بسبب ألم الاعتداء الجنسي الذي تعرّض له.

تقول الناشطة المدنية لمياء العامري في حديثها لـ"ألترا عراق"، إن "أسباب انتشار ظاهرة التحرش الجنسي بالأطفال في مجتمعنا تعود إلى انتشار الفوضى ودخول العراق في فراغ سياسي واجتماعي واقتصادي ساعد على انتشار مثل هذه الظاهرة المرفوضة بكل المجتمعات".

أضافت العامري أنه "لا يوجد أي حقوق في العراق لأي فرد من العراقيين، إن كان كبيرًا أو صغيرًا، أي لا يوجد حقوق للإنسان ولا حقوق للطفل، وهي إحدى الأسباب التي ساعدت على انتشار آثار هذه الظاهرة، مبينة أن "المجتمع العراقي يعاني من ضياع الحقوق أو سلبها، ونحن نحتاج إلى تفعيل مبدأ الحقوق والواجبات على أسس صحيحة".

تقصى "ألترا عراق"، عن قصص الأطفال الذين تعرّضوا للاغتصاب والتحرّش والاستغلال الجنسي، وقام بالتعرّف على عدد من القصص بمساعدة الجهات المختصة، الطبية والأمنية.

يقول مصدر لـ"ألترا عراق"، رفض الكشف عن اسمه لأسباب تتعلق بوظيفته، إن "هناك أب لطفلتين يقوم باستغلالهن جنسيًا بعد وفاة والدتهن ويتحرش بهن وكذلك يقوم بتشغيلهن في إحدى نوادي بغداد الليلية، مبينًا "وبهذه الطريقة يربح الأب أموال من خلال بيع أجساد طفلتيه وهن لن يبلغن الحادية عشر من العمر".

الشرطة المجتمعية سجلت العديد من حالات اغتصاب آباء لبناتهم فيما يتم التنازل عن القضية من قبل العائلة خوفًا من الأعراف العشائرية والعادات المجتمعية 

فيما كشفت الملازم في الشرطة المجتمعية/ الشعبة النسوية، قطر الندى صلاح عن تصاعد عدد حالات اغتصاب آباء لبناتهم  خلال الآونة الأخيرة، لافتة إلى أن "الشرطة المجتمعية سجلت العديد من حالات اغتصاب آباء لبناتهم ومن ثم سحب القضية والتنازل من قبل العائلة خوفًا من الأعراف العشائرية والعادات المجتمعية، مما يؤدي إلى غلق القضية".

اقرأ/ي أيضًا: الابتزاز الإلكتروني.. الجنس والأموال مقابل التستر على "الفضائح"!

المصدر ذاته يشير إلى أن "طفلًا تم اغتصابه من قبل بعض المراهقين الشباب داخل إحدى وسائل النقل في بغداد أو ما يسمى "التكتك"، لكن القضية لم تأخذ صدى ولم تعرف من قبل الناس بسبب عدم انتشارها في مواقع التواصل الاجتماعي. 

إما عائلة "أبو حسن"، والتي تسكن في إحدى مناطق بغداد الشعبية، خرجت بنتهم التي تبلغ من العمر خمس سنوات للعب مع صديقاتها في المنطقة، يروي والدها قصتها لـ"ألترا عراق"، بالقول، إنه "في الساعة الرابعة عصرًا خرجت ابنتي رويدة من الدار للعب مع أطفال المنطقة فصار وقت الغروب ولم ترجع ابنتي إلى البيت، فهي في العادة تعود عند وقت المغرب، قلقنا عليها وبدأنا بالبحث ولم نستطع العثور عليها".

أضاف "أبو حسن"، "مرّت عدّة أيام من اختفاء رويدة ونحن ما زلنا نبحث في كل مكان، مستدركًا "لكن المفاجأة كانت عودة رويدة إلى البيت بعد أن تم اختطافها واغتصابها بطريقة بشعة من قبل ثلاثة أشخاص"، مبينًا أنه "قمنا بترك المنزل والهجرة إلى مكان بعيد، وذلك بسبب كلام المجتمع الذي لا يرحم بحق طفلة بريئة لا ذنب لها سوى أنها عاشت في بلاد لم تحفظ لها حقوق طفولتها".

من جانبه، لفت المصدر الأمني إلى أن "هناك طفلة هربت من مختطفها والذي اغتصب اختها أمام عينيها، مستدركًا "ولكنها لاذت بالفرار إذ رجعت إلى أهلها وروت لهم كيفية اغتصاب المجرم لأختها الصغيرة".

كانت وسائل الإعلام تناقلت عدة قصص اغتصاب لفتيات صغيرات من الديانة الإيزيدية اللواتي اغتصبن من قبل عناصر في تنظيم "داعش" بحجة أنهن كافرات ولا بدّ من استخدامهن لأغراض إشباع رغبات عناصر التنظيم.

طفلة هربت من مختطفها والذي اغتصب اختها أمام عينيها، ورجعت إلى أهلها وروت لهم كيفية اغتصاب "المجرم" لأختها الصغيرة

مصدر أمني آخر ينقل لـ"ألترا عراق" عن ما اسماها "جريمة بشعة"، مضيفًا أن "قصة هذه الجريمة هي اغتصاب الأب لابنته البالغة من العمر ثمان سنوات، مبينًا أن "أفراد الأسرة تكتموا عن الجريمة التي تعرضت لها الفتاة الصغيرة ورفضوا أن يشتكوا إلى القضاء العراقي أو يسجلوا دعوة في مركز للشرطة بحجة "كلام المجتمع" الذي سيطال ابنتهم ويؤثر عليها سلبًا مدى حياتها"، الأمر الذي دعت بسببه الشرطة المجتمعية "إقرار قانون العنف الأسري مما يعطي الحق للشرطة المجتمعية الترافع عن المعنف حتى في حال التنازل للحد من اتساع الظاهرة".

اقرأ/ي أيضًا: قصّة "الجنس" مقابل الغذاء.. شهادة حية من مخيمات النزوح في نينوى

تقول المواطنة خالدة محمد لـ"ألترا عراق"، إن "انتشار هذه الظاهرة السلبية في المجتمع العراقي يعود لسببين، مبينةً أن "السبب الأول هو عدم تطبيق القانون من قبل الحكومة العراقية بشكل صحيح، ولا يوجد أي رادع من قبلهم، مشيرة إلى أن "القانون إن طبق فأنه لم يطبق على الجميع، لافتة إلى أن "الحكومة متساهلة مع بعض المجرمين والخارجين عن القانون ولهذا السبب نلاحظ الانفلات الأمني وانتشار الفساد وممارسة الجرائم البشعة في المجتمع العراقي".

والسبب الثاني بحسب محمد "هو السماح بدخول المخدرات إلى العراق ولم يعاقب المتاجرين بها، إذ أن المخدرات هي آفة من آفات المجتمع والتي تعتبر مصدرًا لبعض هذه الجرائم التي حصلت في المحافظات".

كانت وسائل الإعلام تداولت في تشرين الأول/أكتوبر قصة اغتصاب الطفل جعفر الدوري، والذي قالت وزارة الداخلية إن "مغتصب الطفل جعفر يدعى مصطفى گمر، قام باستدراج الطفل والذي يبلغ من العمر خمسة أعوام إلى أحد الهياكل للأبنية المهجورة ثم قام باغتصابه وقتله ورميه في نفس الهيكل، مبينة إنه "عن طريق مراجعة كاميرات المراقبة للمنازل المحيطة بالهيكل، تم التعرف على المتهم، وهو جار الضحية، وقد ألقي القبض عليه".

الطفل جعفر الدوري (وزارة الداخلية)

وعبر مدونون وناشطون، على مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم واستياءهم من تلك الفعلة التي قام من خلالها المتهم بضرب الطفل بخشبة في نهايتها مسمار ليحاول إسكاته فازدادت قوة الضرب ومن بعدها فارق جعفر الحياة.

وحول دور العشائر وموقفها مع من يغتصب الأطفال، كانت عشيرة العكلي، وهي إحدى عشائر قبيلة الجبور في محافظة كركوك، تبرأت من أحد منفذي جريمة قتل واغتصاب الطفل عزام في آيار/مايو 2018، فيما طالبت بإعدامه بمكان الحادث، بالوقت الذي دعت المفوضية العليا لحقوق الإنسان، الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني إلى تكثيف حملاتها للحد من ظاهرة "تفشي" المخدرات بين المراهقين، معتبرة أن جريمة قتل الطفل عزام همام يجب أن "تدق ناقوس الخطر" لدى الجميع لتحمل مسؤولية حماية شريحة المراهقين والشباب.

والطفل المغدور يدعى عزّام وهو ابن خمسة أعوام، يروي والده همام البياتي ساعاته الأخيرة بالقول: "كان يستمتع بالذهاب معي إلى المسجد للصلاة، والمسجد يقع قرب دارنا في حيّ الواسطي جنوبي كركوك".

على إثر اغتصاب طفل وقتله دعت حقوق الإنسان الجهات الحكومية إلى تكثيف حملاتها للحد من ظاهرة "تفشي" المخدرات بين المراهقين

أضاف والد عزام أنه "مساء الأربعاء الماضي، خرج عزّام مسرعًا إلى المسجد قبلي، مستدركًا "لكنني لم أجده في المنزل بعد عودتي، فبدأ القلق يساورني. خرجت أبحث عنه فوجدت أحد الجيران يقول إنه رآه خلف الجامع. مبينًا "ذهبت أبحث عنه هناك مع أقربائي حتى وصلنا إلى شاحنة متوقفة وكأن قلبي يعلم بأن ابني فيها، وبالفعل ما إن صعدت حتى وجدت عزام مقيد اليدين وعليه آثار دماء وتعرض للاغتصاب".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

قائمة "العار" تلاحق العراق بسبب العبودية وتجارة الجنس

من "أسلمة" صدام إلى الغزو الأمريكي.. التاريخ الدموي لسوق الدعارة في العراق