06-سبتمبر-2019

انتشرت ظاهرة اغتصاب الأطفال بشكل لافت في الآونة الأخيرة وهي في ازدياد (الشرطة المجتمعية)

بين فترة وأخرى، يتمّ تداول أحاديث كثيرة عن ظاهرة اغتصاب الأطفال في العراق. هي جريمة ترتكب في الخفاء ولا يعاقب عليها الجاني، وتبقى الضحية صامتة لأنها ببعض الأحيان لا تعرف ما فُعل بها، ولم يقتصر الأمر على المراهقين ومن يعانون من مرض "البيدوفيليا"، إنما وصلت إلى اغتصاب آباء لبناتهم في الآونة الأخيرة، بحسب الشرطة المجتمعية.

حالات التحرّش تحدث غالبًا في المناطق الشعبية حيث يكثر الاختلاط بين العوائل ويترك الأطفال دائمًا بلا رقابة

يمكن أن يكون المتحرّش من أقارب الطفل نفسه، وربما أي أحد من الأهل، وهو أمر لا يتخيله الأهالي، لـ"جهلهم" بما يمكن أن يتعرّض له أطفالهم، حيث يشعرون بالأمان وعدم التحسّب لمثل هذه القضايا، وحين تحدث الجريمة تبدأ الصدمات عليهم، الأمر الذي أوقع الكثير من الأهالي في أمراض مزمنة نتيجة صدمة لأجل أطفالهم.

اقرأ/ي أيضًا: قصص تكشف لأول مرة.. ما أسباب انتشار ظاهرة اغتصاب الأطفال؟

ويرى مختصون في علم النفس، أن حالات التحرّش تحدث غالبًا في المناطق الشعبية حيث يكثر الاختلاط بين العوائل ويترك الأطفال دائمًا بلا رقابة، خاصة وأن بعض العوائل بهذه المناطق لا تدرك مثل هذه الأمور لغياب التوعية اللازمة لتجنب مثل هذه الحالات، حيث أنها غالبًا ما تكون مفككة، فالأب يقضي نهاره في العمل والأم في المطبخ، ويترك الطفل للشارع.

تسرد دينا الطائي لـ"ألترا عراق"، وهي مربية أطفال، حادثة شهدتها خلال عملها كمربية أطفال في إحدى الروضات الأهلية، تقول إنها "تفاجأت بأحد الأطفال البالغ من العمر خمس سنوات وهو يحاول التحرّش بزميله من نفس العمر ويحاول خلع ملابسه عنه، مضيفةً "عند سؤال الطفل عن سبب تصرّفه، أجاب أن "أخيه الكبير اعتاد أن يتلمس جسده بهذه الطريقة"، وهو يعتقد أنها مجرد لعبة. وعند التحقّق مع الوالدين من قبل الروضة، تبيّن أن الأخ الكبير يستغل انشغال والديه الدائم والتحرش بأخيه الأصغر.

مخالب الاغتصاب الخارجي تمتد دون المساس بغشاء البكارة من قبل الخال، هذا ما تقوله نور "كُنت في السادسة من العمر، ولم أكن واعية لما يحدث حولي، كان خالي يستغل غياب والدتي في العمل ويحاول خداعي عن طريق إجباري على مشاهدة أفلام جنسية وتلمس أجزاءً من جسدي".

وتتابع نور التي اختارت أن تتحدث باسم مستعار، أنه "بعد عدة سنوات عرفت أن ذلك كان من المحرمات، ولم أخبر والدتي إلا بعد أن أصبحت في العشرينات، حيث فشلت في جميع العلاقات الاجتماعية، وراجعت طبيبًا نفسيًا لأني صرت انطوائية ومصابة بخلل نفسي حاد، مستدركة "لكن والدتي فضلت الصمت والمعاناة خوفًا من الفضيحة".

مختصة بالطب النفسي تؤكد على ضرورة تعلّم الطفل أن جسمه ملكه هو وحده وليس لأحد حق لمسه أو الاقتراب منه

الدكتورة أماني مصطفى، وهي مختصة بالطب النفسي، تقدم عدّة نقاط يجب على الوالدين الانتباه لها، هي أن يتعلم الطفل أن جسمه ملكه هو وحده، وليس لأحد حق لمسه أو الاقتراب منه، فهناك ما يسمى حدود آمنة (safe zone) وهي الدائرة فيما حوله، وليس من حق أي شخص أن يتخطاها.

اقرأ/ي أيضًا: حصيلة مرعبة: زوجة الأب المجرم الأول.. وارتفاع حالات اغتصاب آباء لبناتهم!

أضافت مصطفى لـ"ألترا عراق"، كذلك "عدم السماح لأحد أن يُقبّل أو يحتضن الطفل عنوة دون رغبته، مؤكدة "حتى أهله أنفسهم، ولو لمجرّد اللعب ما دام يتضرر ولا يريد ذلك، بالإضافة إلى عدم المساومة على الحلوى، أو شيء يريده الطفل مقابل حضنه أو تقبيله"، لافتة إلى أنه "هكذا يتعلم الطفل المساومة على الأشياء وانتزاع الأحضان والقبلات منه قسرًا، فكيف سيستطيع حماية نفسه ووضع حدوده الآمنة؟".

العديد من حالات الاعتداء على الأطفال والتحرّش بهم من قبل أشخاص، كان أغلبهم من المقربين بمختلف أنواع القرابة مثل الجيران، أو المدرسة، أو الأكبر منهم بالعمر، أو الأقرباء من الأهل، بحسب شهادات جمعها "ألترا عراق"، أثناء تقريره عن الظاهرة.

ندى هي الأخرى إحدى ضحايا التحرّش من قبل الأقارب، تبكي وهي تذكر تفاصيل استغلال زوج عمتها بحكم صلة القرابة، وعدم الشك في هذا الشخص، تقول "كنت في العاشرة من العمر عندما كان يأخذني للعب وشراء الحلوى، ثم يتقرّب مني في كل مرة، ولا أستطيع صده لعدم تفهمي وخوفي في البداية من أن يتم إلقاء اللوم عليّ، إلا أنني كنت محظوظة لشجاعة التكلم حول الأمر مع والدتي التي استطاعت تفهمي وفضح المتحرّش بالرغم من استمراره بالتعرّض لي حتى بعد أن كبرت".

الباحث النفسي مصطفى عباس قال إن "من الحالات التي أعالجها لطفل لم يتجاوز عمره 9 سنوات يعاني من بعض الأعراض المرضية، مثل التبوّل اللاإرادي، والتأخر الدراسي، مبينًا "حيث بدأ في الانعزال عن الأسرة، وقد أحضره والداه للوقوف على أسباب المشاكل التي يعاني منها، والتي بدأت معه بشكل مفاجئ، لافتًا إلى أنه "بعد ثلاث جلسات وعقد علاقة طيبة مع الطفل، بدأ يروي لي  كيف أن عمه اعتدى عليه جنسيًا".

العديد من حالات الاعتداء على الأطفال والتحرّش بهم من قبل أشخاص، كان أغلبها من المقربين بمختلف أنواع القرابة مثل الجيران، أو المدرسة، أو الأكبر منهم بالعمر

لا يتم إبلاغ الجهات الأمنية المختصة عن اغتصاب الأطفال في أغلب الحالات بسبب "الفضيحة" وانتشارها بين الناس، بحسب اللواء خالد المحنا من الشرطة المجتمعية، والذي أضاف أنه "من خلال عملي أجد أن التحرش منتشر، ولكنه لا يبلغ عنه للشرطة، ويتم في بعض الحالات إصلاح المشكلة وديًا بين أفراد العائلة تجنبًا للفضيحة، مبينًا "خاصة إذا كان المعتدى عليها فتاة، وأحيانًا يؤخذ بعين الاعتبار بأنها حالة عابرة أو أنها عملية غير مقصودة".

استدرك المحنا في حديثه لـ"ألترا عراق"، "لكن التحرش بالأطفال فيه ازدياد وله أسباب، منها الانتقام أو إشباع رغبة جنسية، وهناك أسر تعاني مع أبنائهم، وخصوصًا بعدما يكبر من اعتدى عليهم، فهم يفكرون بعدوانية، وتصبح ميولهم انتقامية، والتحرش أسوة بما حدث معهم، وهنا الظاهرة تتحول إلى مشكلة وتؤثر على المجتمع".

اقرأ/ي أيضًا: ذكرى فتاة مغتَصَبَة

غالبًا تكذب الطفلة أو أنها تخاف من التحدّث بأنها تتعرّض للاغتصاب من قبل قريبها، خاصة في بيئة عشائرية.. الأمر الذي ترويه سما، وهي إحدى ضحايا التحرّش منذ الطفولة، تقول لـ"ألترا عراق"، "عانيت من عدة قضايا تحرش في طفولتي في سن الثامنة، أكثر شخص عانيت منه كان عمي، حيث كان الليل يمثل كابوسًا بالنسبة لي، مضيفةً "كلما استيقظت وجدته يحاول التحرّش، الخوف وإحساس القرف كانا يسيطران على كل مشاعري مع الخوف من التحرّك أو حتى فتح عيني، مشيرة إلى أنه "في كل مرة كنت أبقى ساكنة في مكاني إلى أن ينتهي من تحرشه ويذهب".

تقول سما "الآن أنا في الثلاثين من العمر، أشعر بالندم لعدم فضح المتحرش والتحدث لعائلتي، خاصة بعد اكتشافي أنه كان يتحرش بابنة عمي أيضًا".

بعد سنوات، أصبحت فاتن تكره الرجال وليس لها ثقة بهم بسبب ما تعرّضت له من ابن عمها الذي تحرّش بها وهي في عمر الحادية عشرة، تقول "فهمت ذلك بعد فترة طويلة، والآن اتجهت إلى تعلّم فنون القتال للدفاع عن نفسي والتخلص من الأذى الذي كان يسببه لي هذا الحادث، تختم فاتن حديثها لـ"ألترا عراق"، أنا الآن "أصبحت قوية ولا يتقرّب لي أحد".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

من عنف العوائل إلى "شبكات الدعارة": فتيات في شباك منظّمات مجتمع مدني!

الابتزاز الإلكتروني.. الجنس والأموال مقابل التستر على "الفضائح"!