أبرمت وزارة النفط وشركة توتال الفرنسية اتفاقية لإقامة أربعة مشاريع في قطاعات النفط والغاز والطاقةِ الشمسية، وفي مقدمتِها جمع وتكرير الغاز من كل الحقول خارج اتفاقية غاز البصرة، في خطوات من شأنها استثمار الكميات الكبيرة من الغاز المحروق، والذي يقدر بأكثر من 17 مليار متر مكعب في جميع الحقول.
في العراق، هناك حقول تحتوي على نسب عالية من الغاز الطبيعي لكنه يُهدر في الهواء يوميًا
وتشير القراءات الاقتصادية إلى أن الالتزام والجدية في تنفيذ هذه المشاريع التنموية، سيغني العراق عن استيراد الغاز من الجارة إيران التي بلغ ضخها للغاز 22 مليون متر مكعب قياسي تشغل محطات الكهرباء في العراق، إضافةً إلى تعظيمِ إمدادات الغاز، واستثمار كامل الكمية من الحقول التي تحتوي على نسب عالية من إنتاج الغازِ الطبيعي المهدور في الهواء يوميًا.
اقرأ/ي أيضًا: تفاهم بين العراق و"توتال" الفرنسية: مشاريع ضخمة في مجال النفط والطاقة
ويقول الخبير الاقتصادي نبيل التميمي، إنه "في كل اتفاقية أو عقد بين طرفين حول هكذا مشاريع كبرى من الضروري التركيز على الكلف والجدوى الاقتصادية ومدة التنفيذ، لافتًا إلى "وجود اتفاقيات سابقة تم توقيعها بهذا الجانب، فيجب معرفة هل الجديدة مساوية للقديمة وما هو الفرق بينها، ولماذا لم تقدم الاستثمارات القديمة تلك الفائدة المرجوة منها حتى تقدم الشركات الجديدة".
ويشير التميمي في حديث لـ"ألترا عراق"، إلى "عروض عالمية تم تقديمها للعراق لاستثمار الغاز الطبيعي ومنع إهداره، ولكن بأرقام متفاوتة، حيث بقيت موافقة الجانب العراقي مبهمة حول الشروط التي من الممكن أن يطبقها المستثمر للموافقة عليه أو مبالغ التكاليف أو الفائدة من هذه المشاريع، لدعم خزينة الدولة وتطوير قطاع الكهرباء وسد حاجته خاصة، ونحن نسمع عن التنافس العالمي للظفر باستثمار الغاز في العراق منذ عام 2018، ولكن دون معرفة الجهات بمسمياتها".
وتتضمن الاتفاقية مشاريع اقتصادية وتنموية أخرى، منها إنشاء مجمعات ووحدات لمعالجة الغاز المصاحب واستثماره على مرحلتين، بطاقة 600 مليون قدم مكعب ومشروع ماء البحر، إضافة إلى إنشاء مشروع الطاقة الشمسية لصالح وزارة الكهرباء بطاقة 1000 ميغاواط.
ويعلّق الخبير النفطي علاء محمد حول التوقيع مع توتال، قائلًا إنها "تعد من أكبر الشركات في العالم وتصنيفها بين شركات النفط السادس عالميًا، ومؤهلة للقيام بالمشاريع التنموية والاستثمارية في العراق والبلدان الأخرى، فضلًا عن كونها تعمل في العراق منذ عشرينات القرن الماضي، مبينًا أنها "تعرف جيدًا ظروف البلاد ومكامن النفط فيه، وهي من أوائل المستثمرين في شركة نفط العراق ITT".
ويوضح محمد في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "جمع وتكرير الغاز سيكون بكافة الحقول لكن خارج اتفاقية غاز البصرة، لكون هناك شركة مختصة في المحافظة بمسمى (غاز البصرة) تأسست من قبل وزارة النفط عام 2013، وهي تحتوي على حصص لشركة شل الهولندية وشركة ميتسوبيشي اليابانية، والمستثمر الأكبر فيها هي شركة غاز الجنوب العراقية، ولذلك كي لا يحصل التعارض في العمل مع توتل التي ستفتح شركة جديدة، إذ يعني فتح الباب الجديد للتعيينات والوظائف لإكمال كوادر تنفيذ الاتفاقية".
يقول خبير نفطي إن العراق ينتج نحو 3 آلاف مقمق غاز يوميًا، لكن نصف هذه الكمية تحترق
وتابع محمد، أنه "سيكون العمل حسب التقديرات هو معالجة 40 % كم من الغاز المحترق، مشيرًا إلى أن "الأهمية الاقتصادية للعراق تكمن بتحويل الغاز المصاحب إلى وقود للتورباينات لتوليد الطاقة الكهربائية بأسعار أرخص من المستورد من دول الجوار، مبينًا أن "العراق ينتج نحو 3 آلاف مقمق غاز يوميًا نصفها تحترق".
اقرأ/ي أيضًا: لماذا لا تستطيع بغداد التخلي عن شراء الغاز الإيراني؟
ولفت محمد، إلى أن "ما هو ضمن الاتفاقية مشروع ماء البحر المتكامل المتأخر منذ أكثر من 10 سنوات، والذي كانت شركة هيونداي تحاول الحصول عليه وحاول الدخول لمعرفة تفاصيله وتنفيذه، بالإضافة لشركة أكسون موبيل التي حاولت على مدى 16 عامًا الظفر به، ولكنها لم تستطع، كونه من المشاريع التنموية لأنه سيستخرج مياه البحر المالحة وتحويلها لمياه صالحة للاستخدام تضخ للآبار النفطية، ولكي تدفع في الحقول ويتم رفع النفط فيها، حيث حاليًا يستخدم المياه الصالحة للشرب ومياه الأنهار والبحيرات، وسيجعل من رفع الطاقة التصديرية للنفط العراقي بما يقارب 2.5 مليون برميل، فيما أشار إلى أن "شمول حقل أرطاوي بالاتفاقية سيرفع طاقته الإنتاجية من 60 ألف برميل نفط إلى 200 ألف برميل".
وستلحق تلك المشاريع، عقود أخرى مستقبلًا لاستثمار الغاز في محافظات ميسان ومحافظة ذي قار وعكاز في الأنبار والمنصورية في ديالى، وفقًا لبيان صادر عن وزارة النفط.
لكن المحلل اقتصادي بمعهد الحزام والطريق في السويد ومعهد شيللر الدولي، حسين العسكري، يرى أن "طبيعة الحال في استثمار الغاز العراقي مهما بلغ من ثمن مفيد على المدى المتوسط والبعيد، لكن شروط التعاقد مع الشركات الأجنبية يجب التدقيق فيها".
ويؤكد العسكري في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "الشركات الأجنبية من المفترض أن تقدم مبدئيًا خدمات تقنية وإنشاءات مقابل أجر، وليس حصصًا في الإنتاج، مضيفًا أن "شركة النفط الوطنية هي التي يفترض تكون مسؤولة عن الإنتاج والتسويق، كما أن العراق يحتاج لتحقيق الاكتفاء الذاتي التام، ويبدأ بتصدير المواد البتروكيمياوية مثل الأسمدة والكيمياويات".
وكان وزير النفط إحسان عبد الجبار، قد توقع في تصريحات نقلتها وكالة بلومبيرغ، أن يتم الانتهاء من العقد قبل شهر تموز/يوليو، قائلًا إنه "سوف تقوم العلاقة مع توتال على استهداف الصناعة منخفضة الكربون والاستيلاء على جميع الغاز المشتعل بحجم استثمار يتجاوز 7 مليارات دولار، فيما أشار إلى أن "العراق سيخفض وارداته من البنزين وأويل الغاز بنسبة 50% في عام 2021، و90% في عام 2022، حيث يقوم العراق حاليًا بشراء الغاز من إيران ويحاول تنويع الواردات من قطر وكازاخستان ومنتجين آخرين".
اقرأ/ي أيضًا:
الكهرباء تكشف أسباب تلكؤ إيران بتجهيز الغاز للعراق
الكهرباء تتحدث عن خطة لإنهاء أزمة تجهيز الطاقة.. هل هناك غير الغاز الإيراني؟