25-أكتوبر-2019

عادت السلطة لتمارس ضغوطات على وسائل الإعلام بهدف منعها من تغطية الاحتجاجات (فيسبوك)

الترا عراق - فريق التحرير

على مدى أسابيع ظلت السلطة تطلق وعدًا بحماية المتظاهرين وتنفي مسؤولية قياداتها العليا عما حصل مطلع تشرين، لكن مع أولى ساعات الجولة الثانية من الاحتجاجات عادت قواتها لتواجه المتظاهرين بالعنف المفرط حتى سقط قتيل واحد ومئات الجرحى على أقل تقدير، فيما تستمر الحصيلة بالارتفاع.

بغداد.. غضب عارم وعنف!

في بغداد، استبق المتظاهرون موعد الاحتجاجات واقتحموا المنطقة الخضراء مع ساعات الفجر الأولى من يوم الجمعة 25 تشرين الأول/أكتوبر، ثم انسحبوا منها متأثرين بقنابل الغاز المسيل للدموع، ثم أعادوا الكرة صباحًا لتواجهم القوات الأمنية بالرصاص المطاطي والمياه الحارة، قرب بوابة وزارة التخطيط.

سقط قتيل واحد ومئات الجرحى على أقل تقدير في الساعات الأولى من احتجاجات 25 تشرين غالبيتهم في بغداد

أظهرت الصور سقوط متظاهر أصيب بقنبلة غاز مباشرة في رأسه عند ساحة التحرير، وفق شهود عيان، فيما قالت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في إحصائيتها الأولية، إنها وثقت "استشهاد متظاهر وإصابة 227 شخصًا، منهم 224 في العاصمة، نتيجة استخدام الغازات المسيلة للدموع  واالقنابل الصوتية والمياه الساخنة، أثناء المواجهات بين المتظاهرين والقوات الامنية بعضها عند مداخل المنطقة الخضراء".

اقرأ/ي أيضًا: شارع غاضب وسلطة مرتبكة.. ثلاثة سيناريوهات ميدانية محتملة لتظاهرات الجمعة

كما وثقت المفوضية إصابة مراسل قناتي "السومرية" و"التغيير" والاعتداء على كادر التلفزيون الألماني، مشيرة إلى تعرض فريقها في ساحة التحرير إلى إصابات بقنابل الغاز، واتهمت دوائر وزارة الصحة، بالامتناع عن تسهيل مهام فرقها الرصدية وتزويدهم بالإحصائيات الرسمية، مع تأكيد تسلم شكاوى من المتظاهرين بالتعرض للاعتداءات والانتهاكات.

وكشف تسجيل مسرب حصل عليه "الترا عراق"، عن توجيه من وزارة الصحة إلى مستشفياتها ودوائرها يحظر بشكل بات إعلان حصيلة ضحايا التظاهرات أو أي معلومات عنهم إلى أي جهة كانت.

وعادت السلطات لتمارس ضغوطات كبيرة على وسائل الإعلام لإيقاف تغطية التظاهرات، حيث اضطرت قناة "دجلة" إلى إيقاف البث بعد ساعات من التغطية من ساحة التحرير، كما تلقى العاملون في قنوات أخرى ذات متابعة عالية بخفض مستوى التغطيات الخاصة بالتظاهرات إلى الحد الأدنى، وفق ما أبلغ بعض العاملين فيها "الترا عراق".

من جانبها قالت إدارة قناة "دجلة"، إنها تلقت تهديدًا من هيئة الإعلام والاتصالات بإجراءات قانوينة، بتهمة "مخالفة الضوابط المهنية الواردة في لائحة معايير الخطاب الإعلامي واعتماد الخطاب الإعلامي الملتزم بالمسؤولية  الاجتماعية والوطنية"، ما اضطرها إلى إيقاف البث.

المحافظات.. جولة غاضبة

إلى جانب بغداد، خرج الآلاف مبكرًا في محافظات النجف والديوانية وذي قار والمثنى وميسان وغيرها واستمرت تظاهراتهم مع ارتفاع الأعداد، مع التشديد على مطالبهم بـ "إسقاط الحكومة".

عادت السلطة لتمارس ضغوطات على وسائل الإعلام بهدف منعها من تغطية الاحتجاجات مع حظر كشف المعلومات عن عدد الضحايا

واقتحم المتظاهرون في محافظة المثنى، مبنى المحافظة، فيما أحرق آخرون غاضبون مقري تيار الحكمة وعصائب أهل الحق، مع حلول ظهر الجمعة، كما أصيب متظاهر في محاولة لاقتحام مقر العصائب في محافظة ميسان.

على صعيد متصل، اتخذت القوات الأمنية إجراءات مشددة حول المقرات الرسمية والمباني الحزبية في عدد من المحافظات من بينها البصرة وكركوك، وفق مصادر أبلغت "الترا عراق".

هل منح السيستاني ضوءًا أخضر جديد للسلطة؟

بعد منتصف ليل الخميس 24 تشرين الأول/أكتوبر، كان رئيس الحكومة عادل عبد المهدي قد ظهر في خطاب طويل بدأه بإعلان سلسلة من الوعود الجديدة بالإصلاح تصل حد تعديل قانون الانتخابات وإعادة النظر بالمفوضية وإجراء تعديلات دستورية.

لكن ما يلفت في الخطاب، كان فتح النار على الحكومات السابقة والتذكير بما وقع من أحداث خلال فترة مسؤوليتها، كسقوط الموصل والرمادي، وحادثة سبايكر وقتل المحتجين في قضاء الحويجة، وغيرها، دون محاسبتها، وقال "يؤسفني أن أرى الكثيرين من الذين كانوا يرفضون دعواتنا للاصلاح بحجة وجود مؤامرات يقفون اليوم على رأس المطالبين باستقالة الحكومة دون أن يحملوا أنفسهم مسؤولية دفع الأمور إلى هذه المستويات من نقص الخدمات والفساد واحتكار السلطة".

حذر عبد المهدي أيضًا من "الفوضى" في حال إسقاط حكومته على الرغم من "إقراره بأن الدعوات إلى ذلك، حق شرعي لكن يجب أن تجري وفق الدستور والقوانين"، ووصف الضغط والدعوات خارج ذلك بـ "المغامرات التي عانى العراق منها طويلًا".

في الشارع، كان العشرات من المتظاهرين يعبرون جسر الجمهورية نحو المنطقة الخضراء بعد أن ألقوا الحواجز الحديدية في نهر دجلة، بالتزامن مع الخطاب.

اقرأ/ي أيضًا: نتائجها تخفي الآمر و"القنّاص".. عبد المهدي ينفرد بمدح لجنته!

ظهر الجمعة، ظهر عبد المهدي الكربلائي وهو يتلو رسالة المرجع الديني الأعلى علي السيستاني، في وقت تواصل القوات الأمنية العنف ضد المحتجين ما أسفر سقوط قتيل في ساحة التحرير، تبنت الرسالة ذات التحذيرات التي أطلقها رئيس الحكومة وحملت مخاوف "من انزلاق البلاد إلى العنف وتعرضه إلى تدخلات إقليمية ودولية"، كما شددت على ضرورة "إبقاء الاحتجاجات سلمية وعدم الاعتداء على القوات الأمنية والمتظاهرين".

رأى مراقبون في خطاب السيستاني بالتزامن مع موجة الاحتجاجات الجديدة ضوء أخضر لبقاء عبد المهدي في السلطة وربما قمع التظاهرات

قال مراقبون، إن "رسالة السيستاني تعني تأييدها لبقاء عبد المهدي في السلطة، وربما لا تختلف كثيرًا عن خطبة الجمعة الأولى من تشرين، والتي وصفت بضوء أخضر لقمع الاحتجاجات تلتها أعمال عنف وإطلاق نار وقنص للمتظاهرين".

 

اقرأ/ي أيضًا:

هتافات تحت الرصاص.. هل منح السيستاني الضوء الأخضر لـ "البطش" بالمتظاهرين؟

ثقافة الاستقالة في العراق.. من العهد الملكي حتى عبد المهدي