13-ديسمبر-2021

تظهر الأرقام توازنًا تجاريًا بين بغداد وأنقرة (Getty)

مع هيمنة إيران وتركيا على السوق في العراق، يشيع بين الأوساط الشعبية والإعلامية تفوق أنقرة بالمقارنة مع حجم التجارة الإيرانية الموجهة إلى البلاد، وهي حجة تطرح عادةً لنفي اتهام طهران باستغلال العراق تجاريًا، إلاّ أن الأرقام تؤكد عكس ذلك.

تستغل إيران العراق كسوق لـ 20% من الحجم الكليّ لتجارتها العالمية 

ويبلغ حجم التبادل التجاري بين العراق وإيران في الظرف الطبيعي قرابة 13 مليار دولار، مقابل نحو 20 مليار دولار سنويًا مع تركيا، في فارق كبير.

لكن مراجعة الميزان التجاري تكشف بعض الحقائق المثيرة، حيث يتصدر العراق بيانات زبائن إيران مع غياب تام عن قائمة المصدرين الكبار، بينما تشير الأرقام إلى أنّ بغداد استطاعت موازنة المعادلة التجارية مع أنقرة، وهو أمر مستغرب يطرح تساؤلات حول نوع الصادرات العراقية.

إيران.. مليارات باتجاه واحد!

ويكشف الميزان التجاري الإيراني لثمانية أشهر من السنة المالية الإيرانية، 21 اذار/مارس الماضي - 20 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أنّ إيران صدرت بضائع بقيمة 31.1 مليار دولار، فيما استوردت بالمقابل بضائع بقيمة 32 مليار دولار.

حصة العراق من الصادرات الإيرانية خلال هذه المدة بلغت، وفق تقرير مصلحة الجمارك، 6.1 مليار دولار بمعدل 20% من حجم التجارة العالمية لطهران.

اقرأ/ي أيضًا: 

وتقاسمت الصادرات الايرانية كل من؛ الصين التي استوردت بضائع بقيمة 9.1 مليار دولار، العراق بـ 6.1 مليار دولار، تركيا بـ 3.8 مليار دولار والامارات بمبلغ 2.9 مليار دولار.

بالمقابل، حافظت الدول ذاتها على تبادل متوازن عبر احتلال قائمة أكبر المصدرين إلى إيران، باستثناء العراق الذي غاب تمامًا عن بيانات كبار المصدرين على الرغم من التماس المباشر عبر المنافذ البرية والبحرية.

وتصدرت الإمارات الدول المصدرة إلى إيران بقيمة 10.1 مليار دولار، تلتها الصين بـ 7.2 مليار دولار وتركيا بـ 3.2 مليار دولار، فضلاً عن ألمانيا التي وردت بضائع إلى طهران بقيمة 1.2 مليار دولار وسويسرا بـ 1.1 مليار دولار.

وتوضح هذه البيانات، أنّ حجم التبادل التجاري كان لصالح إيران تمامًا، في وقت يرجح فيه أن يرتفع حجم الصادرات الايرانية إلى العراق مع اكتمال العام الايراني في آذار المقبل، إلى أكثر من 10 مليارات دولار. 

صادرات ضخمة إلى تركيا

وعلى العكس تمامًا من العلاقة مع إيران، تظهر الأرقام توازنًا تجاريًا بين بغداد وأنقرة، وهو أمر قد يبدو محيرًا إلاّ أن الأرقام تثبت ذلك.

وتشير بيانات وتقارير رسمية، إلى أنّ العراق كان من بين أكبر مستوردي البضائع التركية في عام 2020، مقابل موقع متميز في قائمة المصدرين الكبار.

وتجاوز حجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا في 2020 حاجز 20 مليار دولار، إلاّ أن المفاجئة تكمن في أنّ صادرات تركيا إلى العراق بلغت 9.1 مليار دولار فقط، كما تؤكد دراسة سابقة للخبير الاقتصادي منار العبيدي، ما يعني أن العراق صدر بضائع إلى تركيا بقيمة أكثر من 10 مليار دولار.

بدوره، أكّد السفير التركي علي رضا غوناي هذه البيانات، مشيرًا إلى أنّ عام 2020 شهد صادرات إلى العراق بقيمة 9 مليارات دولار مقابل استيراد بحجم 11 مليار دولار، نافيًا أن تكون العلاقة التجارية بين البلدين "استغلالية".

وحل العراق في تموز/يوليو من العام الماضي، كرابع أكبر مستورد للبضائع التركية بواقع 743 مليون دولار، بينما جاء بالمرتبة الخامسة ضمن قائمة المصدرين الكبار لذات الشهر بمبلغ 962 مليون دولار، ما يعني أن الميزان التجاري كان لصالح العراق.

وفي كانون الأول/يناير من هذا العام، غاب العراق عن قائمة أكثر الدول استيرادًا من تركيا، فيما حل كثالث أكبر المصدرين بـ 809 ملايين دولار.

وفي 2019، بلغ التبادل التجاري بين العراق وتركيا 15 مليارًا و800 مليون دولار، بحجم استيراد بلغ 9 مليارات فقط وصادرات بقيمة نحو 7 مليار دولار.

ماذا يصدر العراق إلى تركيا؟

وبعد استعراض الأرقام الهائلة من الصادرات العراقية إلى تركيا، والتي توازن بل وتفوق أحيانًا حجم الاستيراد، تجدر الإجابة عن نوع الصادرات العراقية إلى تركيا.

وهنا يتبادر النفط إلى الذهن أولاً، لكن مراجعة حجم صادرات العراق النفطية شهريًا عبر ميناء جيهان في تركيا من نفط كركوك يظهر أنّ الخام المتدفق لا يتجاوز 3 ملايين برميل شهريًا، أي نحو 36 مليون برميل سنويًا فقط، بقيمة 2.5 مليار دولار وفق معدل بيع بسعر 70 دولارًا.

وتثبت بيانات العام الماضي، أنّ من غير المنطقي أبدًا حصر النشاط العراقي إلى تركيا بالخام، إذ بلغ حجم الصادرات 11 مليار دولار ما يعادل أكثر من 26% من إجمالي عائدات النفط التي بلغت 42 مليار دولار.

ولما تقدم، لابد من استبعاد فكرة الصادرات العراقية "الرسمية" من النفط إلى تركيا، والأخذ بنظر الاعتبار صادرات النفط من إقليم كردستان، والذي ربما يكون بكميات كبيرة غير مدونة ضمن تقارير شركة توزيع النفط "سومو".

وتشير التقديرات، إلى أنّ صادرات النفط من إقليم كردستان خارج "سومو" تبلغ قرابة 430 ألف برميل يوميًا.

لكن المتحدث باسم "سومو" حيدر الكعبي، ينفي إمكانية تحقق كردستان 10 مليارات دولار من تركيا عبر صادرات النفط.

ويقول الكعبي في حديث لـ "الترا عراق"، إنّ "صادرات العراق الرسمية عبر سومو من النفط إلى ميناء جيهان التركي لا تتجاوز 100 ألف برميل يوميًا من كركوك، أو 3 ملايين برميل شهريًا، وهو لا يحقق هذا المبلغ الكبير الذي يصل إلى 10 مليارات دولار".

ويقرّ الكعبي، بتصدير كردستان كميات من النفط إلى تركيا خارج حسابات "سومو"، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أنّ "جزءًا محدودًا من تلك الصادرات يباع لصالح تركيا مقابل كميات إلى دول أخرى".

ولا يمتلك الكعبي رقمًا دقيقًا عن الكميات التي يصدرها الإقليم من النفط عبر ميناء جيهان.

ومع غياب البيانات الرسمية عن نوع الصادرات العراقية إلى تركيا، يرى أستاذ الاقتصاد والنفط نبيل المرسومي أنّ اللغز يكمن في حجم الصادرات النفطية عبر كردستان.

تقرّ شركة "سومو" بتصدير  كردستان كميات من النفط إلى تركيا خارج حسابات الرسمية للعراق

ويقول المرسومي في حديث لـ "الترا عراق"، إن "صادرات العراق إلى تركيا للسلع غير النفطية خلال 2020 بلغت فقط مليون و600 ألف دولار، فضلاً عما يصدره العراق من نفط كركوك إلى ميناء جيهان بنحو 97 ألف برميل يوميًا أي أقلّ من 3 ملايين برميل شهريًا".

ويوضح المرسومي، أنّ "إقليم كردستان يصدر عبر ميناء جيهان بين 470 - 500 ألف برميل يوميًا، دون بيانات واضحة عن الجهات المستفيدة".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

التهريب عبر منافذ إقليم كردستان.. خسائر باهظة وفيروسات تضرب ثروات العراق

المجمعات الاستثمارية ليست لأزمة السكن.. من يشتري "الشقق" ذات الأسعار الخيالية؟