25-نوفمبر-2019

يرى متظاهرون ضرورة البدء بتعديلات دستورية كبرى (فيسبوك)

مع ازدياد الضغط الشعبي في بغداد والجنوب عبر الاحتجاجات التي بدأت في مطلع تشرين الأول/أكتوبر يجري الحديث الفعلي عن تعديلات دستورية، حيث خوّل البرلمان العراقي لجنة خاصة للبحث في آلية التعديل، ليشمل عددًا من المواد الدستورية المختلف عليها، لكن هذا يصطدم مع القوى الكردية السياسية التي تتحفظ على بعض المواد الدستورية وتؤكد على عدم المساس بها.

يرى متظاهرون ضرورة البدء بتعديلات دستورية كبرى لكون الدستور هو جذر أساسي في بعض الأزمات التي يعاني منها العراق

يرى متظاهرون في الشوارع وساحات الاحتجاج العراقية ضرورة أن تجري تعديلات دستورية كبرى، ويقول البرلمان العراقي إن "المنظمات والقانونيين وممثلي الأحزاب السياسية والأقليات لا بدّ أن يحضروا في اجتماعات بحث تعديل الدستور العراقي المصوت عليه في 2005 خلال استفتاء شعبي".

اقرأ/ي أيضًا: أربيل تمنع التضامن الوطني مع تظاهرات بغداد وتسمح بالتظاهر العرقي فقط

وفي العودة إلى ما قبل 14 عامًا، حيث كان السنة يرفضون منح الدستور العراقي الثقة، كان الكرد والشيعة يؤيدانه، لكن الدستور حصل في الاستفتاء الشعبي على القبول، وكان السنة يعتبرون أن أمريكا التي كانت محتلة للعراق هي التي كتبت بنود الدستور التي يصفونها بـ"الملغومة"، قبل أن يتراجع الحزب الإسلامي الممثل الأكبر للسنة حينها عشية الاستفتاء عن قرار رفض الدستور، وطلب من السنة النزول للتصويت لصالحه.

ظلت بعض المواد الدستورية معلقة، بينما ظل الكرد يطالبون بها، وهم يشكلون إقليمًا في شمال العراق، وأبرزها المادة 140 التي تخص المناطق المتنازع عليها بين بغداد عاصمة العراق الاتحادية وأربيل عاصمة إقليم كردستان.

يقول المحلل السياسي من أربيل هوكر جتو إن "مادتين يعتبرها الكرد نقاط تحفظ في الدستور العراقي يجب عدم المساس بها، وهي المادة رقم واحد والمادة رقم 140 بالإضافة إلى عدد من المواد الدستورية من 110 إلى 126 مجتمعة".

أوضح هوكر جتو لـ"ألترا عراق، أن "تلك المواد تمثل صلاحيات إقليم كردستان في العراق الاتحادي، وتفصل التعامل بين الإقليم والعاصمة والمحافظات، وهي لا تخص إقليم كردستان وحده، وإنما العراق بمجمله، وفي حال وقع أي تعديل دستوري يرفض الكرد أن يشمل تلك المواد".

فيما يرى عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني عماد باجلان أن "هناك محاولة لتصدير أزمة من قبل بعض الأحزاب باتجاه إقليم كردستان العراق لجرها للأحداث التي تجري في الجنوب وبغداد، والحديث عن تعديلات دستورية هو ضحك على الذقون".

بيّن باجلان لـ"ألترا عراق" أن "المواد الدستورية التي يتمسك بها الكرد في الأساس هي مواد عمومية وهناك مواد في الدستور هي التي يجب أن تعدل، ولكن بطريقة أكثر حنكة وبشكل توافقي".

مادتان يعتبرها الكرد نقاط تحفظ في الدستور العراقي، وهي المادة رقم واحد والمادة رقم 140 بالإضافة إلى عدد من المواد الدستورية من 110 إلى 126 مجتمعة

في العودة إلى المادة رقم واحد ينص الدستور العراقي على أن "جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي. وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق".

يقول جتو إن "هذه المادة تمثل تطلعات الكرد في النظام النيابي البرلماني".

اقرأ/ي أيضًا: خيارات كردستان إزاء الاحتجاجات.. هل يضحي الكرد بعبدالمهدي لتجنب خسائر أفدح؟

أما المادة 140 الدستورية تقول "أولًا: تتولى السلطة التنفيذية اتخاذ الخطوات اللازمة لاستكمال تنفيذ متطلبات المادة (58) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية بكل فقراتها.

ثانيًا: المسؤولية الملقاة على السلطة التنفيذية في الحكومة الانتقالية والمنصوص عليها في المادة (58) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية تمتد وتستمر إلى السلطة التنفيذية المنتخبة بموجب هذا الدستور على ان تنجز كاملة (التطبيع، الإحصاء، وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها لتحديد إرادة مواطنيها) في مدة أقصاها إلى 31 كانون الأول/ديسمبر 2007.

ما هي المناطق المتنازع عليها؟

تمتد المناطق المتنازع عليها بمساحة واسعة بمحيط إقليم كردستان ومناطق شمال ووسط العراق، وهي محافظة كركوك النفطية كاملة، ومنطقة مخمور وكوير وزمار وربيعة وسهل نينوى وبعشيقة وسنجار في محافظة نينوى، ثاني أكبر محافظات العراق، وخانقين وجلولاء ومندلي في محافظة ديالى وطوزخورماتو في محافظة صلاح الدين.

تقول المحللة السياسية جوان ارمان إن "العراق سمح بتطبيع الأوضاع في 2007 وعوض المتضررين في المناطق المتنازع عليها، حيث منح مبالغ مادية للأشخاص القادمين من خارج تلك المناطق وقاموا بالمغادرة، وسمح للكرد بالعودة من المناطق التي خرجوا منها في زمن النظام السابق، لكن فقرتي الإحصاء والاستفتاء لم يقم العراق بهما".

أضافت أرمان لـ"ألترا عراق"، أن "إقليم كردستان شرع بإجراء استفتاء على الاستقلال في مناطق الإقليم والمناطق المتنازع عليها في عهد رئيس الوزراء حيدر العبادي، مستدركة "لكن الظرف القائم قبل عامين عطل تلك النتائج الصادرة عن الاستفتاء، رغم أن المناطق المتنازع عليها خضعت لصالح القوى الكردية بعدما توسع تنظيم "داعش" في الشمال، لكنها عادت تحت سيطرة كاملة للسلطة الاتحادية".

يسكن تلك المناطق خليط من الكرد والتركمان والعرب من السنة والشيعة، إضافة إلى أقلية من الكلدان والآشوريين والكاكائيين والإيزديين، وتدار المناطق بشكل توافقي بين المكونات المحلية.

يقول الكرد إن "صدام حسين قام باشتقاق تلك المناطق من المحافظات الكردية، أو قام بشكل أو بآخر بترحيل الكرد إلى مناطق أخرى في داخل محافظات الإقليم؛ أربيل ودهوك والسليمانية، والحدود الإيرانية".

16 مادة

وعند امتداد المواد من 110 إلى 126 يشير الدستور في المادة 110 إلى أن "تختص السلطات الاتحادية بالاختصاصات الحصرية التي تضمن السياسيات الخارجية وسياسية الأمن الوطني والسياسيات المالية وتنظيم أمور المقاييس والمكاييل والأوزان وأمور الجنسية والتجنس والإقامة وحق اللجوء السياسي و سياسة الترددات البثية والبريد ومشروع الموازنة العامة والاستثمارية، وملف المياه والإحصاء والتعداد السكاني".

تقف الأحزاب الكردية ضدّ أي تغييرات دستورية في العراق حتى لو كانت مطالب شعبية لأنها لا تتلاءم مع مصالح المكوّن 

وفي المادة 111 يفتح الملف المهم للكرد وهو النفط والطاقة، وفي 112 يقول الدستور إن "الحكومة تدير الأعمال النفطية، مع حكومة الإقليم المستخرج من إقليم كردستان،  وفي 113 يتوضح أكثر ملف إدارة الآثار بين الحكومة والإقليم، و في 114 ينص الدستور على اختصاصات مشتركة مع الإقليم في إدارة الجمارك ومصادر الطاقة الكهربائية ورسم السياسة البيئية ورسم سياسات التنمية ورسم السياسة الصحية العامة والسياسة التعليمية والتربوية وسياسة الموارد المائية الداخلية".

وفي المادة 115 نص الدستور على أن "كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية يكون من صلاحية الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم".

اقرأ/ي أيضًا: موقف الإقليم من تغيير عبد المهدي.. الأحزاب مع الصديق القديم ضدّ الاحتجاجات!

ونصت المادة 116 على أن يتكون النظام الاتحادي في جمهورية العراق من عاصمة وأقاليم ومحافظات لامركزية وإدارات محلية، وفي المادة 117 يقر الدستور عند نفاذه إقليم كردستان، وسلطاته القائمة إقليمًا اتحاديًا وفي 118 يسن مجلس النواب في مدة لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ أول جلسة له، قانونًا يحدد الإجراءات التنفيذية الخاصة بتكوين الأقاليم بالأغلبية البسيطة للأعضاء الحاضرين، وفي 119 يحق لكل محافظة أو أكثر تكوين إقليمًا بناء على طلب بالاستفتاء عليه، وفي 120، يقوم الإقليم بوضع دستور له، يحدّد هيكل سلطات الإقليم، وصلاحياته، وآليات ممارسة تلك الصلاحيات، على أن لا يتعارض مع هذا الدستور.

وفي المادة 121 يحق لسلطات الأقاليم ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ويحق لسلطة الإقليم تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الإقليم، وتخصص للأقاليم والمحافظات حصة عادلة من الإيرادات المحصلة اتحاديًا، ويسمح بتأسيس مكاتب للأقاليم والمحافظات في السفارات والبعثات الدبلوماسية لمتابعة الشؤون الثقافية والاجتماعية والإنمائية.

أما في المادة 122 يشرح الدستور النقاط التي تخص المحافظات غير المنتظمة بإقليم، وفي المادة 123 يجيز الدستور تفويض سلطات الحكومة الاتحادية للمحافظات أو بالعكس، بموافقة الطرفين، وفي المادة 124 تعتبر بغداد بحدودها البلدية عاصمة جمهورية العراق، وتمثل بحدودها الإدارية محافظة بغداد، وفي المادة 125 يضمن الدستور الحقوق الإدارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان، والكلدان والآشوريين، وسائر المكونات الأخرى، وينظم ذلك بقانون.

وفي المادة 126  ينص الدستور على أن لرئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعين أو لخمس (5/1) أعضاء مجلس النواب، اقتراح تعديل الدستور.

ثانيًا: لا يجوز تعديل المبادئ الأساسية الواردة في الباب الأول والحقوق والحريات الواردة في الباب الثاني من الدستور، إلا بعد دورتين انتخابيتين متعاقبتين، وبناء على موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب عليه، وموافقة الشعب بالاستفتاء العام ومصادقة رئيس الجمهورية خلال سبعة أيام.

ثالثًا: لا يجوز تعديل المواد الأخرى غير المنصوص عليها في البند (ثانيًا) من هذه المادة إلا بعد موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب عليه، وموافقة الشعب بالاستفتاء العام، ومصادقة رئيس الجمهورية خلال سبعة أيام.

رابعًا: لا يجوز إجراء أي تعديل على مواد الدستور من شأنه أن ينتقص من صلاحيات الأقاليم التي لا تكون داخلة ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية إلا بموافقة السلطة التشريعية في الإقليم المعني وموافقة أغلبية سكانه باستفتاء عام.

 خامسًا: أ ـ يعد التعديل مصادقًا عليه من قبل رئيس الجمهورية بعد انتهاء المدة المنصوص عليها في البند (ثانيًا) و(ثالثًا) من هذه المادة في حالة عدم تصديقه. ب ـ يعد التعديل نافذًا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.

نظرة على دستور إقليم كردستان

وبما أن إقليم كردستان التي حصلت على حكم ذاتي في 1992 عندما وضع المجتمع الدولي منطقة حظر طيران على المناطق الكردية في العراق إبان حكم نظام صدام حسين، حصلت على حقوق دستورية في دستور العراق الجديد، لكن دستور الإقليم لم يصدر بعد.

الخلافات بين الأحزاب الكردية أعاقت منذ 2007 وبعدها في 2015 إنشاء دستور للإقليم وفق الدستور العراقي، لكن هناك نية الآن من قبل البرلمان لإقرار دستور جديد

حيث يؤكد عضو في الاتحاد الوطني الكردستاني طلب عدم نشر اسمه لـ"ألترا عراق" أن "الخلافات بين الأحزاب الكردية أعاقت منذ 2007 وبعدها في 2015 إنشاء دستور للإقليم وفق الدستور العراقي، لكن هناك نية الآن من قبل البرلمان لإقرار دستور جديد يصوت عليه سكان الإقليم على أن لا يتخالف مع الدستور العراقي".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

كواليس اجتماع منزل الحكيم.. النظام "خط أحمر" والشارع غاضب!

تقدير موقف: استفتاء كردستان العراق.. تداعياته ومستقبل الأزمة