09-يونيو-2020

(د.عاصم فرمان)

إلى جعفر أسامة غالي

لو أننا متنا هناكَ كفكرةٍ، قبل ارتماء الكونِ بينَ سنابل النسيانِ، لو متنا بصمتٍ قبل أن يتفتقَ العاقولُ في كتبِ البلاغةِ، قبل أن تتدفقَ الأحزانُ في الأجسادِ، قبل قيامةِ الأسماءِ...

لو متنا كحلمٍ في خيالِ اللهِ، وانطفأ الوجودُ، غوايةُ الشيطانِ

آهٍ يا بني، تعالَ نرتكب الجديدَ من المتاعبِ، نترك الأفلاكَ، والسحبَ الكئيبةَ، دورةَ الأرضِ الحرامِ، وكلَّ أسلافِ التنبؤ من أرسطو لآخر الأنوارِ، آخر فتيةِ البترولِ..

متنا يا بني على حدود الصبرِ، في سوقِ المعاركِ، في اشتهاءِ اللهِ، أنْ نرثَ الفراديسَ الجنونَ، ونستعينَ على الصلاةِ بفكرةِ الماعونِ، والخجلِ الجريء، ويقظةِ النُدمانِ..

تكبرُ يا بني، ترى الحياةَ خسارةً، والعمرَ لعبَ النردِ، قلْ ما شئتَ، وامضِ في طريقكَ واحدًا، واترك كثيركَ للرياحِ...

ولا تبالغ في امتداحِ النهرِ، يسقي تارةً، لكنه خدّاعُ حينَ تشاكسُ الأمواجَ، قلْ ما شئتَ وامضِ؛ فالطريقُ طويلةٌ، واخفض جناحكَ للنهارِ، ليصطفيكَ الضوءُ، ما مسَّ الظلامُ براءةَ الفلاحِ، يزرعُ للطيورِ بلا عناءِ الهجرِ، قلْ ما شئتَ وامضِ، واترك الحلفاءَ، والخلفاءَ في فيتو قريشِ، وغادر الندماءَ والأعداءَ في مقهى السقيفةِ، وانتظر قربَ النهايةِ عابدًا ليحزَ رأسكْ..

كاتبًا؛ ليدينَ حدسَكْ

شاعرًا؛ ليلصَ يأسَكْ

لا تبالغ في امتداحِ النصِ،

نامَ الأنبياءُ على ترابِ الهجرِ، والأبدالُ، والأقطابُ، ناموا كلّهم في حجرةِ التاريخِ، وارتشفَ المديحُ دماءهم، ليمررَ الذكرى بنثرٍ باردٍ، وليفرضَ الربَ الجديدَ بقوةِ الإعجازِ، متنا يا بني على ركامِ الهجرِ

فوهةُ البلادِ على شفاهِ الطينِ، والنهرُ الإلهُ مقيدٌ بالريحِ، والروحُ الشريدةُ مثل آثارِ المواقدِ

ربما سنبايعُ النسيانَ في دنيا قريشِ إذا أطالَ النبضُ في رئةِ الهواءِ، كما أطالَ الطفُ في دمعِ الحسينِ

وارغمتهُ الشائعاتُ على مبايعةِ الرسائلْ

لو أننا متنا هناكَ كدمعةٍ

ماكانَ ارغمنا المكوثُ على مقايضةِ السلاسلْ

لو أننا متنا هناكَ كخفقةٍ في قلبِ زينبْ

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

حكمة الصوفيّ: أن تمضي وحيدًا

تعليقات رامبو على كتاب السهروردي

دلالات: