25-مايو-2023
مقتدى الصدر

قرار الصدر بالمقاطعة ينذر بفقدان المناصب (فيسبوك)

بالتزامن مع إحياء ذكرى اغتيال والده "محمد محمد صادق الصدر"، يبدو أن لا عودة قريبة على ما يبدو لزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بعد أن غادر العملية السياسية العام الماضي. فأقرب المواعيد التي كان من المحتمل أن يعود من خلالها الصدر، وهي الانتخابات المحلية، باتت غير مؤكدة، بعد أن تحدث مقربون من الصدريين عن "عدم اشتراك التيار الصدري في تلك الانتخابات بموعدها الحالي".

يتحدث مراقبون عن معلومات تشير إلى وجود خيار بتأجيل الانتخابات المحلية إلى العام المقبل

وقرار عدم الاشتراك في العملية الانتخابية، جاء وفق مصدر، من خلال إبلاغ الصدر لمقربين منه بـ "عدم خوض التيار انتخابات مجالس المحافظات بأي قائمة مدعومة منه بشكل مباشر أو غير مباشر"، كما لم يوضح المصدر القريب من الصدر، ما إذا كان قرار عدم المشاركة سيشمل الانتخابات البرلمانية المقبلة.

وأحيا الصدر ليلة اغتيال والده بزيارة مرقده في النجف، المغلق أمام الزوار، كما علق الصدر على الذكرى بتغريدة على توتير ذكر فيها، "نسأل الله أن يحرر العراق من الفساد والتبعية والرذيلة والتطبيع".

ومن المقرر أن تجرى الانتخابات المحلية العراقية في تشرين الثاني/نوفمبر باتفاق حصل بين ائتلاف "إدارة الدولة" الذي يجمع الإطار التنسيقي وما يسمى بـ"القوى السنية والكردية"، مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لكن ملامح مشاركة التيار الصدري في هذه الانتخابات لا تبدو واضحة المعالم لغاية الآن.

وعلى الرغم من التكهنات بقرب عودة الصدريين إلى العملية السياسية أو الحراك الاحتجاجي، فلا تزال توجهات الصدر السياسية يكتنفها الغموض، بينما يرجح محللون سياسيون أن يكون صمت الصدر سببه مراقبته لـ"أداء حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ومنحها الفرصة الكافية لتنفيذ برنامجها الوزاري".

مقتدى الصدر

ولم يشترك التيار الصدري في الحكومة الحالية التي شكلها الإطار التنسيقي وحلفائه في ائتلاف "إدارة الدولة"، لكنه لم يظهر معارضة أو تأييد لها، حتى الآن. 

وسبق للتيار قد أرسل رسائل غير مباشرة إلى خصوم الصدر السياسيين وحذرهم من "استغفال التيار"، خلال خطبة الجمعة في الكوفة يوم الجمعة 5 أيار/مايو، التي حذر خلالها من ما وصفه بـ"غضب الحليم"، في إشارة الى الصدر.

ترجيح بتأجيل الانتخابات

ولم يُصرّح أي قيادي أو عضو في التيار الصدري بشأن هذا القرار، لكن مقربين من التيار يؤكدون صحة قرار مقاطعة الانتخابات المحلية، كما يرجحون تأجيل تلك الانتخابات إلى موعد آخر قد تفتح احتمالات أخرى لمشاركة التيار فيها.

والصدر قام بتجميد التيار الصدري لمدة عام منذ نحو شهرين، وهذا يعني بالنسبة للمحلل السياسي المقرب من التيار الصدري مجاشع التميمي، أنّ "التيار لن يشترك في انتخابات مجالس المحافظات المقبلة التي من المزمع أن تجرى نهاية العام".

وفي حديثه لـ"ألترا عراق"، يكشف التميمي عن معلومات تشير إلى "وجود خيار بتأجيل الانتخابات المحلية إلى العام المقبل، وهذا الأمر قد يفتح احتمالات أخرى حول مشاركة التيار فيها".

ويقول التميمي إنّ "قيادة التيار الصدري مركزية بيد الصدر والأخير لم يعدل عن قرار عدم المشاركة بالانتخابات وملتزم السكون وعدم المشاركة في العملية السياسية، بعد أن انسحب منها بسبب خيبة أمله في بعض الشركاء السياسيين الذين وقفوا ضد مشروع الإصلاح".

ووفقًا للتميمي، فإنّ "جمهور التيار الصدري معروف ولن يعطي صوته إلا للمرشح الصدري حصرًا أو لمن يزكيه الصدر"، كما بيّن أن "جمهور التيار الصدري يعتبر الأكبر في الساحة السياسية وعدم مشاركتهم في الانتخابات يعني لن تكون هناك نسبة مشاركة كبيرة فيها".

ولا يمتلك التيار الصدري الآن، سوى محافظين اثنين فقط، بحسب التميمي الذي يؤكد "إذا ما جرت الانتخابات المحلية فقد يتم استبدالهم أو بقائهم".

رفض عودة المجالس المحلية

رئيس المركز الإقليمي للدراسات علي الصاحب، يرى أن هناك رفض صدري لعودة مجالس المحافظات التي ألغيت إبان احتجاجات تشرين 2019، كما يعتبرها "حلقة زائدة وبوابة للفساد".

وقبل أن ينقلب عليها، كان التيار الصدري أحد أبرز المشاركين في الاحتجاجات التي أدت إلى إسقاط حكومة رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي. 

ويقول الصاحب خلال حديثه لـ"ألترا عراق"، إنّ "مجالس المحافظات التي ألغيت بعد مطالب المتظاهرين في تشرين، وكذلك كونها حلقة زائدة وبوابة للفساد المالي الذي تستفاد منه الأحزاب والكتل الكبيرة، عادت إلى الواجهة من جديد بضغط من الإطار التنسيقي ودعم من تحالف إدارة الدولة كونه مادة دستورية".

وبالنسبة للصاحب، فإنّ "الكل يعرف أن التيار الصدري كان من الداعمين لإلغاء مجالس المحافظات، وبالتالي هو غير قابل على عودتها حتى وإن ضمن الفوز بالانتخابات المحلية كونه يملك الجمهور العقائدي".

وعن غياب الصدر عن الانتخابات المحلية، يقول الصاحب أنه "لا أحد يستفيد من هذا الغياب في ظل عزوف شبه عام عن المشاركة في الانتخابات، بل أن المختلفين مع التيار وأقصد الإطار تحديدًا، أيضًا لم ينتفعوا من غياب الصدر وإفراغ الساحة، لأن كانت هناك معادلة كل من يختلف مع التيار أو يتقاطع معه سيذهب لانتخاب مرشحي الإطار ومن باب عدو عدوي صديقي".

ويرى الصاحب أنّ "التكهن بحصول الانتخابات أصلًا قد يكون صعبًا لأن إقامة الانتخابات المحلية سيمهد لإقامة الانتخابات البرلمانية التي تعمل قوى كبيرة على إلغائها أو تأجيلها".

تقاطعات سياسية

أما الباحث في الشأن السياسي، حمزة مصطفى، فيرى أنّ هناك تقاطعات سياسية قد تحصل مستقبلًا دفعت الصدر إلى عدم الدخول فيها ومنع التيار من المشاركة في الانتخابات المحلية التي "تسيطر الأحزاب عليها".

ويعتقد مصطفى أنّ "موقف الصدر من المشاركة في العملية السياسية أصبح واضحًا وثابتًا بعد الإفصاح عن عدم مشاركته في انتخابات مجالس المحافظات".

ويريد الصدر ـ والكلام لمصطفى ـ أن يبعد التيار الصدري عن العملية السياسية، لكونه "لديه ملاحظات حولها وحتى تتحمل القوى الحالية في العملية مسؤولية أي إخفاق قد يحصل".

ويتوقع الصدر بأن "العملية السياسية ذاهبة نحو التقاطعات وتشكيل تحالفات جديدة، وبالتالي ستعمل تلك التحالفات على المصالح الحزبية والمحاصصة وهو لا يريد أن يكون طرفًا بها"، بحسب  مصطفى. 

تريد الأحزاب المهيمنة في العراق أن تبقي هيمنتها على مجالس المحافظات

وبدأت هذه التقاطعات بإعلان تشكيل تحالف جديد يرأسه خميس الخنجر رئيس تحالف السيادة، مع تفكك تحالف رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، بالإضافة إلى الحديث عن وجود خلافات داخل الإطار التنسيقي قد تتسبب بتفككه مع ائتلاف "إدارة الدولة" بسبب الخلاف على موضوع الموازنة، وبعض القرارات الحكومية التي يتخذها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني دون العودة للإطار بها.

مجيرة للأحزاب

ويلفت حمزة مصطفى إلى أنّ "انتخابات مجالس المحافظات المقبلة وما سينتج عنها، سيكون مجيّرًا للأحزاب التي تريد أن تبقي هيمنتها على تلك المجالس وتستخدمها لمصالحها".

وقال أيضًا إنّ "القادة والزعماء السياسيين لم يستوعبوا الدرس من مغادرة الصدر للعملية السياسية التي ستكون تحت مراقبة التيار وبالتالي أي إخفاق أو فشل سيعيد التيار الصدري إلى الشارع".

لا يستبعد مراقبون عودة التيار الصدري إلى الشارع في أي لحظة 

وختم مصطفى بالقول إنّ "جمهور وقيادات التيار الصدري يلتزمون بكلام الصدر ويحترمون القرار الخاص بعدم المشاركة في الانتخابات المحلية".