02-أغسطس-2019

يتهم سياسيون عبد المهدي بالضعف تجاه الملفات الحساسة ومنها ملف سهل نينوى (Reuters)

الترا عراق - فريق التحرير

في الطريق إلى مدينة الموصل من جهة الشرق، حيث إقليم كردستان لا يمكن أن تصل مركز المدينة من دون المرور بسهل نينوى، وهو عبارة عن أقضية ونواحي وقرى تتبع بعضها الموصل في الأساس.

تخضع مناطق سهل نينوى شرقي الموصل إلى سيطرة الحشد الشبكي "اللواء 30" وسط اتهامات له بارتكاب أعمال خطف وابتزاز

وتخضع هذه المنطقة ذات المروج الخضراء والجبال المتوجة، منذ فترة إلى سيطرة قوة من 1500 شخص ضمن لواء الشبك أو المعروف باللواء الـ 30 في الحشد الشعبي. يقول قادة اللواء إن هناك اتهامات "ملفقة" للدفع نحو تفكيكه، وعودة مناطق شرق الموصل إلى "سنوات الدمار" التي قتل فيها المئات من الشبك، وغيرهم من سكان تلك المناطق.

إتاوات وخطف!

بالمقابل تقول مصادر الاتهامات، إن تلك القوة بممارسة عمليات خطف ومساومة وابتزاز. حيث أوضح متحدثان لـ "الترا عراق" أحدهما عماد باجلان عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، والآخر ناشط مدني من سهل نينوى، إن "اللواء 30 يفرض إتاوات على شاحنات البضائع المارة عبر مناطق سيطرته إلى الموصل تتراوح بين 3 إلى 25 آلف دولار حسب نوع البضاعة، فضلًا عن عمليات خطف ومساومات ومضايقات تطال المارين من تلك المناطق في نقاط تفتيش خاصة".

اقرأ/ي أيضًا: من "تنمر" الجيش إلى "داعش" والميليشيات.. تسع عوائل مسيحية فقط في الموصل!

يشار إلى أن المهلة التي حددها القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي، للفصائل المسلحة والتي تتعلق بتنظيم أوضاعها وإغلاق مقراتها في المحافظات ضمن الأمر الديواني 237، الذي أثار حفيظة بعضها ومن بينه الحشد الشبكي، قد انتهت في 31 تموز/يوليو 2019، دون أي بوادر واضحة لتطبيقه، حيث طلب رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض مهلة شهرين آخرين على أقل تقدير لتنفيذ توجيهات الأمر.

بالمقابل، يقول مصدر مسؤول في لواء 30 الذي يقوده السياسي الشبكي حنين قدو وثمانية آخرين من أفراد عائلته من بينهم وعد قدو المشمول بالعقوبات الأمريكية الأخيرة، لـ "لترا عراق"، إن "الاتهامات الموجهة إلى اللواء تأتي من دوافع طائفية وقومية، لأن اللواء يتواجد في نينوى التي يكثر فيها العرب السنة والكرد، وهو الأمر الذي يزعج قادة هاتين الجهتين".

يقول الحشد الشبكي إن مهمته هي "حماية" الأقليات فيما ينفي التهم المنسوبة له ويعدها "ادعاءات" من أطراف سنية وكردية "منزعجة"

يضيف، أن "الشبك تعرضوا لعمليات تطهير عرقي في السنوات التي سبقت احتلال داعش، وبلغت ذروتها في 2014 حيث قتل المئات من الرجال والنساء وهجروا من قراهم ومناطقهم، واللواء موجود لحماية الناس الذين عادوا ووفر ملاذًا آمنًا لباقي الأقليات للعودة إلى سهل نينوى مع ضمان أمن المدخل الشرقي للموصل"، عادًا أن "سحب اللواء يعني ضرب الأمن وتفكيك الحشد، وهو ما ترفضه جميع قيادات الحشد الشعبي وفصائله، ويرفضه حتى السكان المحليين الذين أظهروا حاجتهم لبقاء اللواء".

لكن المتحدث باسم الحشد الشعبي محور الشمال أكد لوسائل إعلام محلية، تراجع عبدالمهدي عن قرار سحب لواء 30 من سهل نينوى لـ "ضرورات أمنية". وقال إن "قرار رئيس الوزراء حصل بضغوط سياسية واتهامات باطلة من بعض الجهات السياسية التي لا تريد استقرار البلاد"، لافتا إلى أن "أمر التريث حصل لدراسة سحب القوات عن كثب".

كان العشرات من الشبك قد نزلوا الى الشارع يوم الجمعة 26 تموز/يوليو، للتنديد بقرار رئيس الوزراء الذي جاء عقب العقوبات الأمريكية ضد قدو بتهمة ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، وقطعوا طريقًا مهمًا يربط الموصل بإقليم كردستان لساعات، وسط إجراءات أمنية مشددة.

بدوره، أبلغ مصدر أمني في الموصل "الترا عراق"، أن "عناصر الحشد الشبكي أجبروا مسيحيين وكردًا أو عربًا سنة، على الخروج في التظاهرة، بعد التهديد بتهجيرهم من المناطق التي يقطنونها".

ضعف الحكومة

ويتهم السياسي محمد نوري العبد ربه، الحكومة المركزية بالضعف تجاه "القضايا الحساسة"، مؤكدًا أن "الجميع يعرف أن انتهاكات اللواء 30 موجودة فعلًا في أطراف الموصل الشرقية وتأثير ذلك على الوضع العام، ولكن الحكومة لا تستطيع أخذ أي قرار هام بسبب ضعفها".

قرر عبد المهدي سحب لواء الشبك بعد قرار العقوبات الأمريكية التي شملت أحد قياداته لكنه تراجع عن القرار بسرعة بالتزامن مع انتهاء المهلة الممنوحة للميليشيات!

يقول العبدر ربه لـ "الترا عراق"، إن "من غير المعقول أن يكون في الموصل وأطرافها لواءان من الحشد الشعبي هم 30 للشبك و 50 للمسيحيين، ولا يوجد أصلًا لواء للعرب السنة وحتى الكرد، كما لا يوجد انتشار لهم على الأرض، وهو ما يضعف مكونات لحساب أخرى في المحافظة، ويفاقم الوضع".

يشار إلى أن غالبية الأقليات التي تسكن سهل نينوى وبعض المناطق المتنازع عليها، كونت ميليشيات ضمن صفوف الحشد الشعبي بحجة الدفاع عنهم بعد ما طالهم على يد تنظيم "داعش" المتطرف إثر انهيار الجيش وانسحاب قوات البيشمركة، حيث وجدوا أنفسهم في قبضة التنظيم دون وجود أي قوات أو إمكانية للدفاع عن أنفسهم.

اقرأ/ي أيضًا: مأزق عبد المهدي و"الميليشيات".. قرارات على الورق ورد بالصواريخ!

لكن تلك الميليشيات فتحت حلقة أخرى من العنف وعدم الاستقرار في تلك المناطق إثر الصراع الكبير بينها على النفوذ، ما يعرقل عودة شاملة لأبناء تلك المناطق من الإيزيديين وغيرهم، وهو ما أشارت إليه الناشطة الإيزيدية نادية مراد خلال حديث مباشر مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طالبه فيه بالضغط على الحكومتين في بغداد وأربيل لتسهيل عودة النازحين، قبل ساعات من صدور قرار العقوبات الأمريكية ضد أربع شخصيات ترتبط جميعها بالمناطق المحررة بتهمتي الفساد وارتكاب الانتهاكات.

من هم الشبك؟

ينحدر الشبك وفق مصادر موصلية من عشائر كردية، لكنهم حصلوا على تمويل من تركيا، خلال الفترة التي كانت فيها سلطات إقليم كردستان على خلاف مع أنقرة.

يقول أحد تلك المصادر لـ "الترا عراق"، إن "الشبك معروفون بانتمائهم العشائري للكرد لكنهم، بعدما حصلوا على التمويل التركي، غيروا من مواقفهم وأصبحوا أقرب إلى الموقف التركي ضد الكرد، قبل أن تدعمهم الحكومة المركزية، حيث أصبحوا فيما بعد أقرب إلى الطائفة الشيعية خاصةً بعد تشكيل الحشد الشعبي"، مبينًا أن "هناك البعض منهم يقولون إنهم عرب سنة".

جاء تشكيل الفصائل المسلحة للأقليات كردة فعل بعد اجتياح "داعش" في 2014 لكنه فتح بابًا جديدًا من التوتر والصراعات وحال دون عودة النازحين

وبشكل ظاهر للعيان يمكن أن تشاهد الرايات التي ترفعها الفصائل الشيعية المسلحة في طرقات سهل نينوى منذ تحرير الموصل في 2017، وسط استياء ورفض من قبل سياسيين سريان يسكنون تلك المناطق، واتهامات للشبك ومن يدعمهم بارتكاب عمليات "تغيير ديموغرافي".

كما ترتفع صور قتلى الحشد الشبكي في برطلة وبازاويا وكوكجلي، وهي أجزاء من سهل نينوى والموصل، إضافة إلى قرى أخرى في المحيط، بشكل ملحوظ أيضًا. ويرتدي غالبية عناصر الحشد الشبكي اللواء 30، زيًا عسكريًا يشبه بشكل عام ما يرتديه مقاتلو الحشد الشعبي.

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

الحشد يتدرع بـ"البرلمان": من القادم على لائحة العقوبات الأمريكية؟

فساد "أبو مازن" والعاكوب وانتهاكات "الميليشيات" يحركان واشنطن.. وبغداد ساكنة!