05-أغسطس-2019

يُعد الشيوعي العراقي من أقدم الأحزاب التي لا زالت تُمارس العمل السياسي (Getty)

يُصنّف الحزب الشيوعي العراقي من أقدم الأحزاب التي لا زالت تُمارس العمل السياسي في البلاد. يعود تأسيسه إلى آذار/مارس 1934، إذ اجتمع شيوعيون متأثرون بالفكر الماركسي وأسسوا تنظيمًا مركزيًا باسم "لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار"، ثم استبدل باسم الحزب الشيوعي العراقي في السنة التالية.

كانت أبرز محطات الحزب الشيوعي هي لحظة وصول عبد الكريم قاسم إلى السلطة بانقلاب عسكري على الدولة الملكية الحليفة للبريطانيين عام 1958

كانت أبرز محطات الحزب الشيوعي هي لحظة وصول عبد الكريم قاسم إلى السلطة بانقلاب عسكري على الدولة الملكية الحليفة للبريطانيين عام 1958. وتوسعت القاعدة الجماهيرية للحزب الداعم للانقلاب حتى بات من أهم اللاعبين السياسيين على الأرض إلى جانب الحركات القومية الناشئة، والحركات الوطنية الأخرى. ولعل الحدث الأبرز حينها هو ما عُرف بـ"حركة الشواف"، المدعومة من الرئيس المصري جمال عبد الناصر، والتي كانت تحاول الانقلاب على حكومة قاسم، إلا أنها فشلت، وتبع ذلك مجازر في الموصل وكركوك، اتهم الحزب الشيوعي بارتكابها، وذهب بعض كتّاب التاريخ إلى أن تلك المجازر بالإضافة إلى سعي الحزب للوصول إلى السلطة، كانت سببًا في شرخ العلاقة بين عبد الكريم قاسم والشيوعيين، إلا أنه لا زال الأقرب إليهم بين الرؤساء المتعاقبين.

اقرأ/ي أيضًا: ميلاد اليسار العراقي

جرت ملاحقة أعضاء الحزب بعد انقلاب 1963 والإطاحة بعبد الكريم قاسم، وعُذّب وصُفّي الكثير، من بينهم سكرتير الحزب المعروف باسم سلام عادل. وبدأ الحزب بالاختفاء تدريجيًا من العمل السياسي العلني، عدا العمليات العسكرية التي كان ينفذها ضد النظام تحديدًا في مناطق شمال العراق، حيث يعقد مؤتمراته الحزبية كذلك. وحُظِر الحزب حتى عام 2003.

مقعدان في أول انتخابات

كان الحزب الشيوعي العراقي من أوائل المشاركين في العملية السياسية التي تلت سقوط نظام صدام حسين والاحتلال الأمريكي للعراق. وحصل على مقعدين برلمانيين لكل من: حميد مجيد موسى، ومفيد الجزائري. والأول هو سكرتير الحزب منذ عام 1993 حتى 2016. أما الجزائري فقد تسنّم منصب وزير الثقافة في الحكومة المؤقتة إبان مجلس الحكم الذي شكله الحاكم الأمريكي بول بريمر.

خسارة المقاعد والدخول في الاحتجاجات

شارك الحزب الشيوعي في انتخابات عام 2010 مع شخصيات يسارية في قائمة سُميت بـ"اتحاد الشعب"، لكنه لم يحصل على أي مقعد نيابي. يقول عضو الحزب علي الجاف "رغم الخسارة التي مني بها الحزب في هذه الانتخابات، إلا أنه كان ذا رأي مطلوب لأسباب كثيرة".

أشار الجاف لـ"ألترا عراق" إلى أن "الحزب التقى بالمالكي أوائل شباط/فبراير عام 2010 عن طريق وفد رفيع، كان هذا ضمن سلسلة لقاءات طلبها المالكي، أكبر المتسيدين في مجلس المحافظات والبرلمان آنذاك" برأي الجاف، ويضيف: "نصح الحزب الشيوعي رئيس الوزراء المالكي بأن يجمع الفرقاء حوله لأنه الأكبر ثقلًا، إلا أن الأخير كان يَتهم كل مناوئ له بأنه بعثي، والكرد بـ"الانفصاليين".

في تظاهرات شباط 2011 سأل نوري المالكي وفد الشيوعيين "هل ستخرجون في 25 شباط؟ أنا لا أحترم هذه التظاهرة ومن يروج لها ومن سيخرج فيها"

يُكمل الجاف: سأل المالكي وفد الشيوعيين في نهاية اللقاء: "هل ستخرجون في 25 شباط؟ أنا لا أحترم هذه التظاهرة ومن يروج لها ومن سيخرج فيها" وبحسب الجاف، فأن سكرتير اللجنة المركزية آنذاك حميد مجيد موسى رد بالقول: "أبو إسراء، سنخرج وسنكون في طليعة المتظاهرين".

الموقف من الثورات العربية

مثل العديد من القوى الاجتماعية التي سحرتها الثورات العربية، حيث كان التفاعل بالغًا في العراق خصوصًا مع الثورتين المصرية والتونسية، أصدر الحزب الشيوعي في 15 كانون الثاني/يناير 2011 بيانًا عبر فيه عن "تضامنٍ راسخ مع جماهير الانتفاضة التونسية وقواها الوطنية والديمقراطية، ومشاركتها فرحتها بالانتصار الكبير الذي حققته"، داعيًا إلى "مواصلة النضال حتى إسقاط نظام بن علي الاستبدادي بقضه وقضيضه".

اقرأ/ي أيضًا: من موسكو إلى بكين.. تيه اليسار المصري

الحزب الشيوعي العراقي عدّ ما حصل في تونس "أمثولة لشعوبنا العربية المناضلة، ولكل الشعوب المناضلة في سبيل حريتها وخبزها وسعادتها وتحقيق طموحاتها في إقامة نظام ديمقراطي".

وبين الرابع عشر من كانون الثاني/يناير، والخامس والعشرين منه، جاءت الثورة المصرية التي أطاحت برأس النظام المصري حسني مبارك، وأصدر الحزب بيانًا حيّا فيه "ثورة الشعب المصري واللحمة الثورية بين الجيش والشعب، واكتسابها الشرعية الثورية التي تعيد بنا بالذاكرة إلى ثورة يوليو 1952".

خلص البيان مخاطبًا الشعب المصري بالقول، إن "ثقتنا عالية بكم وبقيادتكم التي سيأخذ شعبنا بها كتجربة ثورية للاهتداء بها، وسنأخذ من المكان والزمان المحددين لثورتكم المجيدة، وستكون ساحة التحرير (ميدان التحرير) في بغداد مكانًا لانطلاق ثورتنا الشعبية السلمية وسيكون التاريخ 25 شباط/فبراير الجاري تاريخًا لها". وقد كان.

تأثرًا بالثورات العربية: 25 شباط للإصلاح

كانت المشاعر العربية المتضامنة قد خلقت حالة ثورية لدى الأوساط الشبابية، وسط تخوّف غالبية القوى السياسية من وصول عدوى الثورات العربية إلى العراق في ظل نظامٍ أخذ منه الفساد مأخذًا. يقول علي الجاف "رغم كل الدعوات التي روج لها البعثيون بمواقعهم الإلكترونية في شباط/فبراير 2011 عن إسقاط النظام، كان رأي الحزب الشيوعي المشاركة بقوة لإعلاء شعار إصلاح النظام".

خرجت تظاهرات شباط/فبراير 2011 تأثرًا بالثورات العربية في تونس ومصر، وطالب المتظاهرون العراقيون بإصلاح النظام ومحاربة الفساد، واستخدموا شعارات شبيهة بالشعارات العربية، وأطلقوا تسميات على جُمع التظاهرات، الأولى التي قمعها المالكي بشراسة، والثانية التي لم تكن بحجم الأولى بسبب القمع، واعتقال العديد من الناشطين في التظاهرة الأولى، ومن بينهم المنتمون للحزب الشيوعي.

قمعت تظاهرات 2011 في العراق من قبل سلطة نوري المالكي آنذاك (New York Times)

أوضح الجاف لـ"ألترا عراق"، أن "بروز دور الشيوعيين في هذه التظاهرات سببه أنهم الأكثر تنظيمًا وتوحيدًا للشعارات، ولهذا داهمت القوات الأمنية من فوج مكتب المالكي مقر الحزب في ساحة الأندلس، ومقر جريدة طريق الشعب التابعة للحزب في بغداد".

2015.. عام حاسم

خرجت عدة تظاهرات واحتجاجات في العراق منها احتجاجات الكهرباء في الناصرية 2008، واحتجاجات الحريات العامة في 2010، وتظاهرات شباط/فبراير 2011، وتظاهرات 2013 المطالِبة بتقليل امتيازات أعضاء البرلمان، يقول عضو الحزب الشيوعي علي الجاف إن "للحزب دورٌ في التنظيم والتحشيد والمشاركة في جميع الحركات الاحتجاجية هذه".

في الواحد والثلاثين من شهر تموز/يوليو في ذلك العام، انطلقت احتجاجات شعبية كانت حاسمة بالنسبة للتنظيمات المدنية، في عدد من المحافظات العراقية أبرزها بغداد، ضد الفساد وتدهور الخدمات وتفشي البطالة.

تتميز احتجاجات ما بعد تموز 2015، بحسب الدكتور علي طاهر الحمود، أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة بغداد، بثلاث خصال من حيث نوعية المُشاركين فيها: أنهم شباب، من الطبقة الوسطى، ومن الطبقة المتعلمة.

تظاهرات 2015 في بغداد

يقول علي الجاف إن "الحزب الشيوعي ساهم في احتجاجات ما عُرف بـ (طفي الكـَيزر) عبر شعارات واضحة تحمل طابع العدالة الاجتماعية. لكن الدكتور الحمود يُشير لـ"ألترا عراق" إلى أن "الشعارات التي رفعها قادة التظاهرات من الحزب الشيوعي لم تكن تتناسب مع الطبيعة الاجتماعية للاحتجاجات".

الحمود: الشعارات التي رفعها قادة التظاهرات من الحزب الشيوعي في 2015 لم تكن تتناسب مع الطبيعة الاجتماعية للاحتجاجات

أضاف الحمود "ارتكب الحزب الشيوعي خطأً كارثيًا حين سوّق لشعارات لا تنتمي للمجتمع المحتج، مثل شعار (خبز حرية دولة مدنية)، الذي يعني مساعدة الفقراء"، لم يكن هذا الشعار في خلد أحد من المحتجين، يقول الحمود. ويضيف "الفقراء لم يكونوا بين المحتجين في الأسابيع الأولى الحاسمة من التظاهرات".

اقرأ/ي أيضًا: 12 "حقيقة عن المكارثية.. الاستثمار القذر لـ"الخطر الشيوعي"

القيادي البارز في الحزب الشيوعي، جاسم الحلفي، يُحدد "الفوارق الاجتماعية الحاصلة بفعل الاستقطاب الكبير في توزيع الدخل والثروة" بأنها أهم أزمة ساهمت في تشكيل الحركة الاحتجاجية في العراق. وأن "الاحتجاجات هي أبرز صورة لرفض الأوضاع المزرية التي يقبع العراقيون تحت نيرها".

أضاف الحلفي لـ"ألترا عراق"، "من أجل أن يؤثر الحراك الجماهيري، يجب أن يتسع ليشمل مئات الآلاف والملايين، وهذا لا يحصل بتضييق حلقة المساهمين، أو بافتعال الصراعات أو التمايزات، وكان يجب أن ننطلق من حقيقة أن البلد يذهب إلى الهاوية، ونحن نتحمل مهمة وطنية تاريخية طبقية وسياسية، ولا يمكن وضع محرمات فكرية مسبقة، ولا يجوز أن نتكتل لوحدنا، يجب أن نندمج مع الآخرين من موقفنا الفكري والسياسي، ولدينا الثقة بأنفسنا".

فشل في القيادة أم نجاح في الانفتاح؟

يتحدث الدكتور الحمود عن أخطاء استراتيجية ارتكبها الحزب الشيوعي، وأدت إلى حرف مسار الاحتجاجات منها "قيادته للاحتجاج بالسر، وعدم تسمية متحدث باسم الاحتجاجات".

يقول الحمود لـ"ألترا عراق" إن "نجاح الاحتجاجات بحاجة إلى ثلاثة أمور فشلت فيها قيادات الحزب الشيوعي، أول تلك الأمور هي القيادة، وذلك برفضهم أن تكون للاحتجاجات قيادة واضحة، لأنهم أرادوا الاستحواذ عليها من وراء الكواليس، والفشل الثاني هو في تنظيم الاحتجاجات بين بغداد، والمحافظات من حيث الشعارات والمطالب، والفشل الثالث هو في صياغة برنامج قابل للتنفيذ والرقابة"، مضيفًا "لم يحدث إصلاحًا حقيقيًا بسبب رفض الحزب الشيوعي لعوامل نجاح الاحتجاجات".

الحلفي: الاحتجاجات ليست حكرًا على الشيوعيين، وانفتحنا على الجميع، مدنيين، ديمقراطيين، علمانيين، دينيين معتدلين، تحت لواء التغيير والإصلاح ضد المحاصصة

فيما يقول الحلفي إن "الاحتجاجات ليست حكرًا على الشيوعيين، وانفتحنا على الجميع، مدنيين، ديمقراطيين، علمانيين، دينيين معتدلين، من كل الطوائف والقوميات، تحت لواء التغيير والإصلاح ضد المحاصصة، من أجل المواطنة، ضد الفساد، من أجل خدمات أفضل، ومن أجل حياة إنسانية كريمة للعراقيين"، لافتًا إلى أن "المؤشر الإيجابي على نضوج الحراك الجماهيري هو التمسك بالشعارات الوطنية العامة، العلم العراقي، الإصلاح، المواطنة، نبذ المحاصصة والفساد".

إسلاميون وشيوعيون في ساحة التحرير

بدأت الاحتجاجات التي رفعت شعار "باسم الدين باكونا (سرقونا) الحرامية" بالانحسار بعد دخول عصائب أهل الحق إلى الساحة التحرير، ثم أدى دخول التيار الصدري بثقله الجماهيري إلى إحداث شرخ واسع بين القوى المدنية، بين مؤيد للتحالف مع الصدريين، ومعارض للتحالف مع قوى إسلامية مُشاركة في السلطة ذهب بهذه الحُجة إلى بيته. يقول الحمود عن هذه الحالة "بعد أن كانت الاحتجاجات تضم من هم غير منتمين لأحزاب، كانت المحصلة أنها سُيّست حين انضمت لها حركة العصائب، ثم التيار الصدري، وأصبح الحزب الشيوعي أكثر علانية في تصرفاته، وتحول إلى تحالف إسلامي مدني، نظر له الكثيرون من بينهم الدكتور فارس كامل نظمي".

اقرأ/ي أيضًا: الصدر بعصاه.. المدنيون بمحنتهم!

يتحدث الحلفي عن تلك التجربة التي وصفها بـ"الرائعة"، بالقول "حينما نحتك بالآخرين، تنكسر الحساسيات ضد الشيوعيين والشيوعية والفكر الشيوعي. أقمنا علاقات مع الصدريين، وكانت مشاركتهم الواسعة إضافة نوعية لما لهم من جمهور واسع من الفقراء، وهم القاعدة الاجتماعية الأساسية في التغيير"، مضيفًا "اتفقنا معهم أن لا صور شخصية، ولا شعارات حزبية ضيقة، ولا أعلام خاصة، الأساس والرئيسي هو الشعارات الوطنية، وذلك مكسب كبير للحركة الوطنية، وكنا ولا زلنا حريصين على التفاهم معهم".

من ساحة التحرير إلى البرلمان: سائرون

في السابع عشر من كانون الثاني/يناير 2018 أعلن عن تشكيل تحالف سياسي باسم "سائرون نحو الإصلاح"، ضم التيار الصدري دون أعضاء البرلمان السابقين، وقوى من التيار المدني، والحزب الشيوعي العراقي". يقول الحلفي إن من أهداف هذا التحالف هو "محاصرة طغمة الفساد، وحشد أوسع قاعدة اجتماعية ذات مصلحة في التغيير، وتبني مطالب حركة الاحتجاج لشق طريق يؤمن مغادرة المحاصصة، وما أنتجت من أزمات تهدد وحدة العراق". بينما يُشير عضو الحزب الشيوعي، علي الجاف إلى أن "التحالف مع الصدريين لم يكن بحسب موقف رسمي للحزب من أجل مكاسب سياسية للوصول إلى مواقع تنفيذية، كانت هناك قناعة مترسخة أن العمل الميداني مع الصدريين في ساحات الاحتجاج قد يفضي إلى تشكيل كتلة، أو مزاج اجتماعي أو سياسي من أجل تطبيق شعارات طرحتها ساحة التحرير، وأراد الطرفان فرضها على واقع العملية السياسية".

حصل تحالف سائرون على 54 مقعدًا في الانتخابات الأخيرة وهو الأعلى بين القوائم، منهم مقعدان للحزب الشيوعي، لسكرتير الحزب الحالي رائد فهمي، وهيفاء الأمين.

كان الحزب الشيوعي قد خسر في انتخابات 2014 للمرة الثانية تواليًا حين دخل في قائمة مدنية موحدة فازت بثلاثة مقاعد. وعزا الحزب الخسارة إلى قانون سانت ليغو المعدّل وانحياز مفوضية الانتخابات إلى قوائم منافسة، مبينًا أن القائمة حصلت على "250 ألف صوت في عموم المحافظات التي خاضت فيها الانتخابات".

يقول الدكتور الحمود "لقد تخلى الحزب الشيوعي عن القضية الأولى بالنسبة للاحتجاجات وهي الفساد، وذلك بالتحالف مع القوى المتهَمة بالفساد"، يعني التيار الصدري. فيما يلفت الحمود إلى أن الاحتجاج "تحول من فعل اجتماعي سياسي إلى سياسي حزبي، والتحالف الموجود الآن في السلطة لا يختلف عن أي تحالف آمن بالمحاصصة وفعل المحاصصة وتورط بقضايا فساد".

الحمود: تحول الاحتجاج من فعل اجتماعي سياسي إلى سياسي حزبي، والتحالف الموجود الآن في السلطة لا يختلف عن أي تحالف آمن بالمحاصصة 

أوضح الحمود أن "زعيم التيار الصدري كشف بنفسه قبل فترة عن قائمة بالأسماء المتورطة بالفساد في تياره، من غير الذين لم يعترف بهم على مستوى وزراء ونواب". فيما يؤكد الحلفي أن "تحالف سائرون آثر على نفسه عدم الاشتراك في الحكومة، فاسحًا المجال لرئيس الوزراء أن يختار وزرائه دون ضغوط المحاصصة، وهو يدعم رئيس الوزراء لمغادرة المحاصصة وتشكيل حكومة كفاءات، ويعارض تسمية الفاسدين وزراءً أو في الدرجات الخاصة.

لا تزال ربيعًا في عينهم

رغم الإخفاقات التي طالت العديد من الثورات العربية، والنجاح المرحلي للثورات المُضادة، إلا أن شعبي السودان والجزائر أعادا حركة التاريخ العربي للدوران، ليبث شباب البلدين الروح في جسد الأمة العربية. وبعد إعلان قادة الجيش في السودان عزل البشير وتشكيل مجلس عسكري لإدارة البلاد، أصدر الحزب الشيوعي العراقي بيانًا في 12 نيسان/أبريل 2019 جدد فيه وقوفه إلى جانب "مطالب جماهير السودان العادلة حتى نيلها وانتصار الثورة الباسلة"، مؤكدًا "التضامن الثابت مع قوى السودان الوطنية والتقدمية ومع الرفاق في الحزب الشيوعي السوداني".

اقرأ/ي أيضًا: انتفاضة السودان في بغداد.. فرح بالمدنية وخوف من إيران والسعودية!

أشار الحزب إلى أن "احترام خيارات شعب السودان يستوجب رضوخ قادة الانقلاب العسكري لها دون مماطلة أو تسويف، وتسليم السلطة فورًا إلى قيادة قوى الانتفاضة المدنية حقنًا للدماء وضمانًا للانتقال الناجح للسلطة".

وللمتابع الدقيق أن يرى اختلاف الموقف من الثورتين المصرية والسودانية فيما يخص التدخل العسكري في مسار الاحتجاجات.

يقول عضو الحزب الشيوعي علي الجاف لـ"ألترا عراق" إن "الحزب لا يزال حتى الآن يطلق وصف الربيع العربي على ثورات شعوب مصر وتونس، وأكد في أكثر من مناسبة أن أوضاع الشعوب العربية السيئة وغياب العدالة هو السبب الرئيسي وراء هبوب رياح التغيير"، مضيفًا "للشيوعيين قناعة راسخة أن تطبيق مبادئ العدالة الاجتماعية والمواطنة بحاجة إلى وقت وصبر".

مآلات الحركة الاحتجاجية: هل ينقلب السحر على الساحر؟

يقول الحلفي إن "حركة الاحتجاج ساهمت ببناء وعي وطني يعتمد على أسس العمل التطوعي المنظّم، ما يُتيح الاستنتاج بأن الحركات التي تسعى للتغيير تنطلق من ارتباطها بمشروع مدني ديمقراطي ذو أبعاد سياسية اقتصادية اجتماعية"، مشيرًا في حديثه لـ"ألترا عراق" إلى أن "هذه الحركات أسهمت ببلورة مطالب الفئات والقوى الاجتماعية التي عبرت عنها، وأظهرت الترابط بين العاملين الاجتماعي والسياسي".

الحلفي: الاحتجاجات ساهمت ببناء وعي وطني يعتمد على أسس العمل التطوعي المنظّم، ما يُتيح الاستنتاج بأن الحركات التي تسعى للتغيير تنطلق من ارتباطها بمشروع ديمقراطي

رغم انسحاب المتظاهرين عشية دخول التيار الصدري والحزب الشيوعي إلى الانتخابات والعمل البرلماني، والتفرغ للعمل السياسي، إلا أن ساحات الاحتجاج لم تخلو من تظاهرات خصوصًا في مناطق الجنوب، وتحديدًا في محافظة البصرة التي شهدت تظاهرات صاخبة وعنيفة في بعض الأحيان خلال صيف عام 2018، ذلك عدا التظاهرات الفئوية ووقفات أصحاب العقود والأجور اليومية، وموظفي دوائر الدولة فضلًا عن اعتصامات لا زالت موجودة في بغداد، وساحة التحرير مكانًا لإحداها.

أشار الدكتور الحمود إلى أن "الفعل الاحتجاجي لا يزال مستمرًا في قلوب وضمائر الناس".

يقول "أمام من يسمون أنفسهم قوى الإصلاح، التيار الصدري والحزب الشيوعي ومن معهم، فرصة ضئيلة للإصلاح لأن الأوضاع وصلت إلى حد غير قابل للتحمل"، محذرًا من أن "الأوضاع ستكون انفجارية بفعل هذا الانسداد السياسي الموجود إذا لم يحدث الإصلاح الحقيقي".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

ذكريات من دفتر الاحتجاج العراقي

كشف حساب مع سائرون.. أربع صدمات بعد عام