06-نوفمبر-2020

هناك جنبة سياسية أكثر من الاقتصادية في الأزمة بين البرلمان والحكومة (فيسبوك)

للشهر الثاني على التوالي يتجدد تأخر رواتب الموظفين، الذي تعزوه الحكومة إلى قلّة الواردات، والحاجة إلى السيولة المالية، فيما ترهن حل المشكلة بتصويت البرلمان على قانون الاقتراض، بحسب وزير المالية علي علاوي، في الوقت الذي أكد المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء أحمد ملا طلال على وجود حلول أخرى لدى الحكومة في حال عدم تمرير القانون.

رجح مصدر سياسي تصويت مجلس النواب على قانون الاقتراض، بمبلغ أقل مما طلبته الحكومة

تصريح ملا طلال عزز الجبهة البرلمانية الرافضة لتمرير القانون، والذي ولّد استياءً برلمانيًا، إذ خاطبت اللجنة المالية الحكومة لإبداء رأيها بشأن سحب القانون، ما دفع المتحدث الرسمي إلى إصدار توضيحًا قال فيه إن "انخفاض إيرادات الدولة في الأشهر العديدة الماضية غير كافٍ لسداد رواتبها والتزاماتها الملحة الأخرى".

اقرأ/ي أيضًا: على طريقة أيلول.. مؤشر قد يضطر الحكومة لدفع الرواتب دون تمرير قانون الاقتراض

وأضاف ملا طلال في تغريدة أطلع عليها "ألترا عراق"، "على هذا الأساس، طلبت الحكومة من البرلمان سلطة اقتراض إضافية لسد فجوة التمويل حتى عرض موازنة 2021، التي ستكون موازنة إصلاحية بامتياز ومبنية على متطلبات الورقة البيضاء، وستتخذ إجراءات تهدف بشكل مباشر إلى تحسين إيرادات الدولة والسيطرة على النفقات".

في السياق، رجح مصدر سياسي مطلع تصويت مجلس النواب على قانون الاقتراض، بمبلغ أقل مما طلبته الحكومة، في محاولة لتأمين الرواتب، خاصة مع تداول حديث حول تأمين نصف الرواتب.

وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب تتعلق بوظيفته لـ"ألترا عراق"، أن "اللجنة المالية النيابية تعمل على التأكد من الاحتياج الفعلي للمبلغ المطلوب، ونسبة الرواتب منه، وأبواب صرفه".

رواتب.. مشاريع

على الخط، تتداول الأوساط السياسية حديثًا حول الهدف الحقيقي لقانون الاقتراض، إذ يستغرب مراقبون إصرار الحكومة على القانون على الرغم من توفر مبالغ تؤمن الرواتب، ما يدفع باتجاه التحليل بأن الحكومة تعمل على توفير مبالغ لتمويل المشاريع ونفقات أخرى تلامس حاجة الشارع المحتج.

بدوره، يتساءل عضو المالية النيابية أحمد حمه رشيد عن محاولة تمويل المشاريع الاستثمارية من خلال القروض، معلقًا بأن العراق بوقت الرخاء عندما كانت الموازنات الانفجارية لم يتمكن تمويل تلك المشاريع، والتبويب الوحيد للقروض هي للنفقات الاستهلاكية، مبينًا لـ"الترا عراق"، أن "الحكومة تحاول تسيير النفقات بواسطة القروض فقط، ولا تريد تعظيم النفقات من خلال تجفيف منابع الفساد واستحصال واردات".

من جهته، يستغرب الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، إصرار الحكومة على قانون الاقتراض، خاصة وأن الأزمة طويلة وقد تصل إلى العام القادم، مع وجود ترجيحات حول بقاء أسعار النفط على وضعها إلى منتصف 2021، بالوقت الذي نحتاج أن يكون سعر النفط 60 دولارًا للبرميل.

يرى خبير اقتصادي وجود حاجة إلى الاقتراض لكن بملغ لا يتجاوز 2 ترليون وليس 18 ترليونًا كما تطلب الحكومة في قانون الاقتراض

يعتقد المشهداني في حديثه لـ"ألترا عراق"، أن "الحكومة عليها وضع موازنة تقشفية تضغط فيها النفقات الأخرى لتعالج فيها الأزمة، وليس اللجوء لتخفيض الرواتب التي يعتمد عليها سوق العمل بشكل كبير، مستشهدًا بـ"الموازنة المنشورة على موقع وزارة المالية الخاصة بالأشهر الثمانية الأولى من 2020، والتي تحتوي على 16 تلريون نفقات تشغيلية أخرى مثل القرطاسية والوقود والصيانة".

اقرأ/ي أيضًا: آخر تطورات أزمة رواتب الموظفين.. سجال جديد بعد "زلة لسان"

يرى المشهداني وجود حاجة إلى الاقتراض لكن بملغ لا يتجاوز 2 ترليون وليس 18 ترليونًا كما تطلب في القانون، إذ تبلغ الرواتب والإعانات الاجتماعية 5 ونصف ترليون، فيما تبلغ الواردات نحو 4 ترليون، لافتًا إلى أن "نفقات الثمانية أشهر السابقة من 2020 كانت 45 ترليونًا، فيما قدمت موازنة لثلاثة أشهر 57 ترليونًا وبعجز 45 ترليونًا".

وحول المشاريع الاستثمارية قال المشهداني إن "معظم الأعمال تتوقف من 15 تشرين الثاني/نوفمبر، لإعداد الحسابات الختامية لموازنات الدوائر والوزارية، وهذا ما يمنع إنجاز المشاريع الاستثمارية خلال ثلاثة أشهر"، مبينًا أن "هذه المعطيات هي مصدر الاعتراض على قيمة الاقتراض وليس مبدئه".

وتابع المشهداني، أن "تمويل المشاريع الاستثمارية المفروض يكون من خلال موازنة 2021، والتي من المفترض إرسالها من منتصف تشرين الأول/أكتوبر"، ولا ينفي المشهداني وجود "جنبة سياسية أكثر من الاقتصادية، في الأزمة بين البرلمان والحكومة".

وأشار المشهداني إلى أن "وزير المالية يعمل على تنفيذ الورقة الإصلاحية التي أصدرها البنك الدولي في أيار/مايو، والتي ترسم الرؤية الاقتصادية للعراق حتى عام 2022، إذ تنصح الورقة بتعويض سعر صرف الدولار، خاصة مع اعتماد البلاد على النفط الذي تراجع، ما يدفعها للاقتراض، والاقتراض الخارجي لا يمكن أكثر من 5 مليار دولار، والمتبقي سيأخذه من البنك المركزي، مما يؤدي إلى ارتفاع الدين الداخلي من 43 إلى 93 ترليونًا، بالإضافة إلى انخفاض احتياط البنك المركزي من 67 إلى 3، والأخير يكفي لاستيراد العراق لمدة عشرة أيام".

وأرسلت الحكومة مشروع قانون سد العجز المالي إلى البرلمان في 11 تشرين الأول/أكتوبر 2020، و ينص على حاجتها لاقتراض 41 ترليون دينار للأشهر الأربعة الأخيرة من العام الحالي، حيث أن تمرير مشروع القانون من قبل البرلمان سيمكن الحكومة من سد العجز المالي باللجوء إلى الاقتراض، وسيحل بديلاً عن موازنة 2020.

لا ينفي الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني وجود جنبة سياسية أكثر من الاقتصادية، في الأزمة بين البرلمان والحكومة

وأدرج مجلس النواب القراءة الثانية لمشروع قانون تمويل العجز المالي على رأس جدول أعمال جلسته المقرر عقدها يوم السبت 6 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

بنود الإنفاق في قانون الاقتراض: مليارات إلى إيران وشركات النفط

تفاصيل مهولة تكشفها "الورقة البيضاء": نفقات الرواتب ارتفعت 400%