16-يوليو-2020

يواجه الكاظمي اختبارًا كبيرًا لإثبات قدرته على إدراة الملفات الحساسة بتوازن

الترا عراق - فريق التحرير

وسط أجواء مشحونة بالأزمات والتحديات، يستعد رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي لجولة مكوكية أولى يحمل خلالها ملفات شائكة على المستويات الصحية والأمنية والاقتصادية والسياسية.

يحيط الغموض والتضارب حتى الآن بموعد جولة الكاظمي المرتقبة وجدول محطاتها المتعددة

الجولة التي ستشمل طهران والرياض وأنقرة وعواصم خليجية أخرى فضلاً عن العاصمة الأمريكية واشنطن، ما زالت محاطة بالغموض حول موعدها والتضارب حول جدول محطاتها، فعلى الرغم من حديث مصادر عراقية مقربة من الكاظمي عن أن الزيارة ستبدأ من السعودية، تؤكد وسائل إعلام إيرانية أن طهران ستكون هي المحطة الأولى.

اقرأ/ي أيضًا: واشنطن تدفع الكاظمي إلى الفخ.. كيف يمكن تقويض الفصائل دون حمام دم؟

كما تشير المعلومات المسربة، إلى أن الزيارة ستنطلق، الأسبوع المقبل، وتحمل ملفات على رأسها أزمة الجائحة، حيث تبحث الحكومة عن أكبر قدر من الدعم لتدارك النظام الصحي الذي يوشك على الانهيار، فضلاً عن ملف الفصائل المسلحة ووجود القوات الأمريكية والعمليات التركية شمالي البلاد، مرورًا بالأزمة الاقتصادية وتطورات الأوضاع السياسية.

طهران.. محطة الفصائل!

في إيران يبدو أن الكاظمي سيبحث عن حل لـ"انفلات" الفصائل المسلحة التي صعّدت من نوعية هجماتها منذ ليلة الدورة، ومحاولة إقناع طهران بـ"ضبط" حلفائها "المشاغبين"، كما ترى تقارير صحافية نشرتها وسائل إعلام مقربة من حزب الله وإيران.

فيما تقول مصادر سياسية لـ"الترا عراق"، أن الكاظمي قد يطرح عروضًا اقتصادية مقابل ضمان تخفيف الضغوطات التي تمارسها الفصائل المسلحة على حكومته، خاصة وأن طهران كانت قد أعلنت عن تراجع حجم إيراداتها القادمة من العراق بنسبة 30% في ظل أزمة خانقة.

ويدرك الكاظمي جيدًا أهمية العراق كسوق تعتمد عليه إيران بل وتهيمن عليه، لتجنب الاختناق بالعقوبات الأمريكية، وهو ما دفعه إلى استباق الزيارة بحملة استثنائية لضبط المنافذ الحدودية وإبعادها ولو مؤقتًا عن يد الفصائل المسلحة، تمهيدًا لكسبها كنقطة قوة في مفاوضاته أمام الجهات الفاعلة في إيران، كما يقول الصحافي أحمد السهيل.

يبحث الكاظمي في طهران عن حل لـ"انفلات" الفصائل المشاغبة 

ويرى السهيل في حديث لـ"الترا عراق"، أن "الكاظمي يمكن أن يطمئن طهران حول حركة بضائعها إلى العراق شريطة أن تضبط الفصائل المتمردة، في سياق رسائل تذكّر إيران بأن مصلحتها تقتضي استعادة القوى الرسمية العراقية السيطرة على الدولة وفتح قنوات تعاون مع الدولة بدل الاعتماد على الفصائل المسلحة".

الرياض.. عصا النفط وجزرة الكهرباء

في الرياض، سيهيمن ملف الربط الكهربائي وأزمة النفط والملفات الاقتصادية على الأجواء، وفق المصادر ذاتها، خاصة في ظل الأزمة التي تهدد حكومة الكاظمي بجولة أخرى من الاحتجاجات التي أطاحت بسلفه.

وهي ملفات كانت قد طرحت خلال جولة علي علاوي وزير المالية في الرياض، في آيار/مايو الماضي، والتي كان عنوانها الأبرز البحث عن مخرج للأزمة المالية الخانقة التي تواجهها بغداد.

وعلى الرغم من أن ملف الربط الكهربائي لم يلامس أرض الواقع حتى الآن، إلا أن الأطراف الحكومية في بغداد تواصل التبشير به كحل للأزمة المستعصية، في محاولة "للتأكيد على أهمية الدور السعودي، بهدف ضمان أجواء إيجابية من الرياض تجاه حكومة الكاظمي ولو على المستوى الإعلامي على أقل تقدير"، كما يقول السهيل.

ويبين، أن "التلويح بالربط الخليجي هو مناورة أخرى تسلكها حكومة الكاظمي كورقة ضغط على إيران لضبط أذرعها في العراق، وإلا فإنها ستخسر مليارات الدولارات سنويًا".

فيما يقول السفير العراقي في السعودية قحطان الجنابي، إن بغداد "ماضية في تعزيز العلاقات الثنائية وتطويرها وتفعيل المذكرات التي تم توقيعها من قبل الحكومة السابقة ومن ضمنها فتح منفذ عرعر، وزيادة التبادل التجاري بين البلدين، وتسهيل الزيارات والتنقل، وتفعيل القضايا الثقافية والتعليمية والصحية والاستثمارية والزراعية وفي المجالات كافة خصوصًا الطاقة".

تتصدر الملفات الاقتصادية خارطة مباحثات الكاظمي في الرياض بين محورين أساسيين عنوانهما الطاقة

من جانبها، لا تبدو الرياض مهتمة بتلك الملفات كفرص استثمارية اقتصادية، بقدر محاولة التأسيس لولوج الداخل العراقي ومزاحمة النفوذ السياسي الإيراني.

بالمقابل، يبرز ملف سوق النفط كأزمة قد تنفجر في أي لحظة وتطيح بالتقارب العراقي - السعودي، خاصة وأن الرياض لوحت سابقًا بإغراق السوق بالبترول الرخيص وانتزاع حصة بغداد فيه، على الرغم من بيانات أظهرت تصاعد التزام العراق باتفاق خفض الإنتاج.

واشنطن.. حل وسط!

أكثر المحطات المثيرة للجدل والترقب في رحلة الكاظمي، هي واشنطن، التي تواصل تأكيدها على دعم حكومته ودفعها نحو المزيد من التحركات ضد الفصائل المسلحة ووكلاء إيران.

وأكبر ما يعول عليه الكاظمي في الزيارة هو الوصول إلى اتفاق على تخفيض عديد القوات الأمريكية في العراق كحل وسط لتخفيف التوتر مع الأطراف السياسية والجهات المسلحة الموالية لطهران داخل العراق.

وهو أمر يبدو قابلاً للتحقق، إذا أكد الجنرال كينيث ماكنزي قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، أن الولايات المتحدة يمكن أن تؤدي مهامها في العراق بوجود عدد أقلّ من القوات على الأرض.

اقرأ/ي أيضًا: المواجهة مع الفصائل "تتعّمق".. والكاظمي أمام خيارين قاسيين

وأكد، أن "خفض عديد القوات سيجري بالتشاور مع الجميع"، مبينًا بالقول إن "حكومة العراق تعترف بالفائدة التي تحققها لها الولايات المتحدة وقوات التحالف وقوات الناتو في قتالهم ضد داعش، وأعتقد أننا سوف نتوصل إلى حل أثناء المفاوضات معهم". 

كما صوب نحو طهران، وقال إنها "تحاول جاهدة إخراج الولايات المتحدة من المسرح العراقي، لكن هذا الحلم وصل إلى طريق مسدود بالنسبة لهم، لأنهم يجدون أن حكومة العراق الجديدة ليست موالية لهم بشكل كامل، وتتخذ قرارات تخدم مصالح بلادها ضد إيران". 

يعول الكاظمي على الوصول إلى تسوية مرضية لطهران وواشنطن في ما يتعلق بالوجود العسكري الأمريكي

ورأى ماكنزي أن الحكومة العراقية كانت "عدوانية للغاية ومفيدة للغاية" في محاولاتها  للحد من الهجمات التي تشنها الفصائل المدعومة من إيران على القواعد العراقية التي تضم قوات قوات أمريكية، وهو ما قلص من حجم الهجمات على المواقع الأمريكية، على حد قوله.

فيما تقول مصادر مقربة من الكاظمي، إن الأخير سيبحث عن كيفية بناء علاقات مستقرة بين العراق والولايات المتحدة، وهو ما قد يدخل ضمن إطار استكمال الحوار الاستراتيجي أو يمثل دفعة إيجابية له على أقل تقدير.

البحث عن التوازن..

وتبدو جولة الكاظمي اختبارًا كبيرًا للرجل الذي وجد نفسه في مستنقع من الأزمات، لإثبات قدرته على إدارة الملفات الحساسة بتوازن وبما يضمن مصلة البلاد، وهو ما يعني في حال تحققه مرحلة جديدة.

ويقول عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب عامر الفايز، لـ"ألترا عراق"، إن "أولى زيارات الكاظمي ستكون إلى طهران والرياض لتعزيز العلاقات الثنائية، وفتح آفاق للتعاون بما يحقق المصالح المشتركة، ومن ثم التوجه نحو واشنطن لاستكمال الحوار الاستراتيجي بين البلدين وانعكاسه على أمن واستقرار المنطقة".

ويؤكد عضو مجلس النواب، أن "التقارب العراقي مع إيران أو السعودية لن يضر بالعلاقة مع الطرفين لأن العراق ليس طرفًا في محور معين بالمنطقة بقدر ما يشكل أمل المنطقة في ضمان الأمن والاستقرار".

كما يرى، أن "هذه الزيارة سيكون لها الكثير من الدلالات ومنها، أن العراق لن يكون ساحة صراع ما بين الأطراف الإقليمية أو الدولية، خاصة وأن العراق في موقع قوة بعد انتصاره على تنظيم داعش".

لكن وجهة نظر مغايرة تحملها الأطراف الموالية لإيران في الداخل، والتي تخشى انغماس العراق في المشروع الأمريكي - الخليجي، وتؤكد أن الكاظمي ماضٍ في هذا الاتجاه، حيث قال النائب عن تحالف الفتح، مختار الموسوي، إن "هناك تخوفًا من زيارة رئيس الحكومة إلى واشنطن، ونحن لن نقبل بأي اتفاقيات أخرى خارج سياق هذا الحوار الإستراتيجي".

تبدو جولة الكاظمي اختبارًا كبيرًا للرجل الذي وجد نفسه في مستنقع من الأزمات، لإثبات قدرته على إدارة الملفات الحساسة بتوازن

وأوضح، أن "تحالف الفتح سيطلب لقاء الكاظمي قبل سفره إلى واشنطن، للاطلاع على أجندة الزيارة، فلا بد من الجلوس مع رئيس الحكومة، لمعرفة مضمون الزيارة، وما الذي يمكن أن يترتب عليها لاحقًا".

فيما يرى المحلل السياسي غانم العابد، أن "زيارة رئيس الوزراء أمر طبيعي، فمن حق أي رئيس حكومة زيارة الدول، من أجل فتح علاقات معها، حتى لا يكون العراق منغلقًا على بلد معين".

وعن الملفات التي من المتوقع مناقشتها مع الجانب الأمريكي، يرجح العابد أن "يستحوذ ملفا الهيمنة الإيرانية والانتخابات المبكرة على جولة المباحثات في البيت الأبيض".

 

اقرأ/ي أيضًا:

بعد "تسوية" ليلة الدورة.. الكاظمي أمام خيارات المواجهة أو "التغليس"

أول رشقة بعد "ليلة الكتائب".. منظومة الدفاع تضع الفصائل أمام خيارين