الترا عراق - فريق التحرير
تمضي أزمة الرواتب في نفق مظلم وتخطو نحو التعقيد، لتتحول إلى "كرة من نار" تتبادل أطراف السلطتين التشريعية والتنفيذية تقاذفها، أمام أنظار ملايين الأسر التي يعيلها الموظفون.
تواجه البلاد أزمة مالية غير مسبوقة بدأت تنعكس فعليًا على الشارع بتأخر رواتب الموظفين
ويرفض البرلمان حتى الآن، ممثلاً بالجنة المالية، منح ضوء أخضر للحكومة للاقتراض مجددًا، حيث يشترط إيفاء وزارة المالية بتعهدها المتعلق بورقة الإصلاح الاقتصادي، لكن إيقاف رواتب الموظفين ربما يجبرها على التنازل، وهو ما يسعى إليه الوزير علي علاوي، الذي رجح أن تمتد الأزمة إلى أسابيع.
الرواتب بحوزة الحكومة!
ويقول عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر في تصريح، إن "الحكومة تستطيع صرف رواتب الموظفين لشهر أيلول الماضي، إذا اتجهت إلى الودائع المالية أو أخذ مبالغ لتأمين العجز المالي من موارد البنك المركزي والمصارف المحلية الأخرى"، مبينًا أن في رصيد الحكومة من إيرادات النفط للشهر الماضي يبلغ نحو 2.3 مليار دولار، ويصل إلى 3 مليارات مع اختساب العوائد غير النفطية، وهو مبلغ كاف لتغطية العجز المتعلق بمستحقات الموظفين، فيما أشار إلى أن "البنك المركزي أبدى استعداده لاقراض الحكومة وسد العجز المالي في رواتب الموظفين".
اقرأ/ي أيضًا: نائب يحذر من "كارثة اقتصادية": الموظفون غير معنيين بالأزمة المالية
وكان البنك المركزي العراقي قد أكد في بيان سابق، أن رصيد وزارة المالية يكفي لتغطية رواتب موظفي الدولة لشهر أيلول والأشهر اللاحقة.
إحراج البرلمان.. غضب وتحذير!
وعلى الرغم من ذلك، رهن وزير المالية علي علاوي إطلاق مستحقات الموظفين بإقرار قانون الاقتراض، ما أثار غضب اللجنة، لتبدأ حلقة جديدة من السجال مع الحكومة.
وعدت اللجنة في بيان لها صدر الأحد 4 تشرين الأول/أكتوبر، موقف الوزير "تنصلاً عن المسؤولية" ومحاولة لـ "إحراج" مجلس النواب.
واتهمت اللجنة، وزارة المالية بالإخلال بتعهدها حول ورقة الإصلاح "وكأن عملها يقتصر على الاقتراض"، محذرة من "إفلاس العراق في حال استمر الاقتراض للأشهر الستة المقبلة"، فيما وجهت أسئلة حول خطة الوزارة لمواجهة الأزمة واحتمال تراجع أسعار النفط.
يرفض البرلمان تمرير قانون الاقتراض دون تقديم ورقة إصلاحات من قبل الحكومة وسط تحذيرات من الإفلاس
وقالت اللجنة، "للأسف نرى أن الحكومة تحاول رمي الكرة أمام مجلس النواب وتخيره بين الموافقة على اقتراض سيؤدي للتهلكة قريبًا متمثلة بإفلاس البلاد والذي ستتحمل نتائجه الأجيال، أو إحراح البرلمان بتصريحات تحاول خلط الأوراق"، مؤكدة أن "مسألة الرواتب هي من الواجبات الحكومية البحتة و من صلب التزاماتها أمام شعبها، وأي محاولة لرمي الكرة على مجلس النواب هو تنصل عن تلك المسؤولية وعن الالتزامات الواجب على الحكومة القيام بها".
أزمة تاريخية!
وتواجه البلاد أشد أزمة مالية في تاريخها كما يقول رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، مع خيارات محدودة في ظل الالتزامات المفروضة على العراق في ما يتعلق بتصدير النفط، وشلل القطاعات الأخرى التي يكبلها الفساد والروتين.
اقرأ/ي أيضًا: معلومات "تضلل" الوعي المالي للشارع العراقي.. 3 قضايا "جدلية" خلال أسبوع
ويرجح مختصون، أن تستمر الأزمة حتى موعد رواتب شهر تشرين الأول/أكتوبر، على أن تدفع الحكومة حينها مستحقات الموظفين لشهرين، وهو رأي ذهب إليه الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، مؤكدًا أن ذلك يمثل "حالة جديدة لم تشهدها الدولة العراقية الحديثة".
"الورقة البيضاء".. موازنة البرامج
ولا يبدو سبيل الخروج من الأزمة متيسرًا في ظل "الاستيلاء على الدولة"، على حد تعبير وزير المالية علي علاوي، فيما تعد الحكومة بخطوات "إصلاحية جذرية" على مرحلتين.
وتقول مصادر حكومية، إن "الورقة الإصلاحية قد اكتملت وستعرض أمام رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي خلال هذا الأسبوع وبعدها على مجلس النواب"، مشيرة في حديث لـ"الترا عراق"، إلى أن "الإصلاحات التي تضمنتها الورقة، شملت حلولاً جذرية لإنقاذ البلد تدريجيًا".
فيما يؤكد وزير المالية، أن "وزارته تخطط للانتقال إلى موازنة البرامج عام ونصف، مع عدم إمكانية تطبيقها في الوقت الراهن نظرًا لضعف إيرادات الضرائب، وعدم تقبلها من المواطنين في ظل غياب الخدمات".
تؤكد الحكومة جديتها في اتخاذ خطوات "إصلاحية جذرية" لكن بشكل تدريجي
ويقول علاوي في تصريح، إن هناك "استيلاءً على الدولة من جميع الأطراف ذات الشأن والتأثير على القرار، والإصلاح يتطلب إخضاع الدولة لضوابط مهنية وسبل عمل تختلف تمامًا، ما يتطلب جهاز حكومي مستقل تمامًا، وهو ما لا يتوفر في الوقت الحاضر".
قلق من تخفيض الرواتب!
ويعيش الموظفون، والذين يمثلون مصدر دخل تعتمد عليه غالبية الأسر في أنحاء البلاد، قلقًا بالغًا، في ظل تداول معلومات عن مقترح لتخفيض الرواتب، لكن اللجنة المالية نفت ذلك على لسان النائب مثنى السامرائي.
وحمل السامرائي في تصريح، الحكومة مسؤولية تأخر الرواتب، مؤكدًا أن الحكومة لم تقدم مسودة قانون اقتراض جديد حتى الآن، كما أنها لم تقدم ورقتها الإصلاحية، فيما بيّن أن وزارة المالية تحاول الحصول على قرض بقيمة 27 مليار دولار.
اقرأ/ي أيضًا:
باخرات ترسو في مياه العراق.. ملف غامض وبيانات تربك المسؤولين