04-مايو-2022
الآثار

تم استعادة 3% فقط (فيسبوك)

مع دخول قوات الاحتلال الأمريكي في العام 2003، شهد العراق ازدياد ظاهرة تهريب الآثار والمتاجرة بها، ولم يقتصر ذلك على المناطق التي كانت تعيش أوضاعًا أمنية غير مستقرة وإنما شملت جميع المدن والمحافظات العراقية، فيما تغيب الإحصاءات الرسمية بشأن أعداد القطع الأثرية المهربة خارج البلاد.

أغلب الآثار التي هربت كانت عن طريق بحث وتفتيش في المناطق الأثرية بواسطة متخصصين بمجال الآثار وبطرق غير قانونية

وبحسب تقديرات غير رسمية، فإنّ آثار العراق المهربة تقدر بنحو 50 ألف قطعة أثرية ومئات آلاف المخطوطات التي تعود إلى العصور القديمة.

لا إحصائية حكومية

واستعاد العراق آلاف القطع الأثرية منذ عام 2003، آخرها كان عودة 17 ألف قطعة من الولايات المتحدة الأمريكية، فيما تقول الحكومة إنها تواصل استعادة ما تبقى من "الكنوز الأثرية"، المهربة إلى الخارج، وفقًا للمتحدث باسم وزارة الثقافة أحمد العلياوي. 

ويقول العلياوي لـ"ألترا عراق"، إنّ "هناك تعاونًا بين العراق والدول التي تملك هذه الآثار من أجل العمل على استعادتها جميعًا خلال الفترة المقبلة".

وأشار العلياوي إلى أنّ "عمليات تهريب القطع الأثرية إلى الخارج من الصعب السيطرة عليها، كون أن جميع دول العالم تعاني من هذه المسألة خصوصًا وأن العراق عانى خلال السنوات الماضية من حروب عديدة أثرت على الجانب الأمني".

ولا يملك العراق إحصائية دقيقة بشأن أعداد الآثار المهربة إلى الخارج، بحسب العلياوي الذي يستدرك: "لكن أغلب ما هرب كان عن طريق بحث وتفتيش في المناطق الأثرية بواسطة متخصصين بمجال الآثار وبطرق غير قانونية".

3% فقط ما تم اكتشافه

وبحسب العلياوي، فإنّ "هناك عصابات تعمل على تهريب الآثار إلى خارج العراق، في حين شكلت القوات الأمنية نقاط تفتيش قرب المناطق التي تحتوي على معالم تاريخية من أجل منع التنقيب عن الآثار فيها بشكل غير قانوني".

ولا تشكل الآثار التي وجدت في العراق على مدى السنوات الماضية سوى 3% مما يملكه من كنوز أثرية، بحسب العلياوي الذي يوضح أنّ "هناك دولًا كبريطانيا لا تسمح للعراق باستعادة آثاره الموجودة في متاحفها بحجة أن هناك قانونًا يحميها".

وليس بريطانيا فقط، وإنما إسبانيا هي الأخرى لديها مجموعة من الآثار ولا تسمح أيضًا باستعادتها كونها تطالب بأوراق ثبوتية من العراق لهذه الآثار ورغم تقديم حكومة بغداد لما يثبت مرجعها إلا أنها ترفض تسليمها"، وفقًا للعلياوي الذي كشف عن "تعاون حقيقي مع الانتربول لتسهيل عملية استعادة هذه الآثار".

وفي 29 تموز/يوليو 2021، حطت طائرة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الرحال في العراق قادمة من واشنطن محملة بـ 17 ألف قطعة أثرية مستردة وهي أكبر كمية استعادها العراق عبر التاريخ.

كما وأصدرت الأمم المتحدة عام 2015 قرارًا يهدف لإنقاذ التُراث الثقافي العراقي ولمساعدة بغداد في استعادة الآثار التي هُربت خارج حدوده بالتعاون مع المجتمع الدولي.

تنسيق رباعي دولي

في المقابل، قال محمد العبيدي أستاذ تاريخ الفن والآثار في الجامعة المستنصرية، إنّ "قوات الاحتلال خلال العام 2003 وبسبب الوضع الأمني المتردي هربت مئات القطع الأثرية عند السيطرة على العراق إلى الخارج".

وفي حديث لـ"ألترا عراق"، أضاف العبيدي، أنّ "هناك تنسيقًا رباعيًا بين وزارة الثقافة العراقية من جانب والخارجية العراقية من جانب آخر بالتعاون مع منظمة اليونسكو والشرطة الدولية (الإنتربول) من أجل استعادة جميع الآثار المسروقة".

ويرى الأكاديمي العراقي أن "الحروب التي تعرض لها العراق، فضلاً عن انتشار الاقتتال الداخلي عن طريق المجاميع المسلحة جميعها أمور أسفرت عن هشاشة الوضع الأمني الذي سمح بعمليات التهريب العديدة".

وبيّن العبيدي أنّ "تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، عند سيطرته على المحافظات العراقية عام 2014 أقدم على تهريب آثار تصل قيمتها إلى ملايين الدولارات".

كما وأشار العبيدي إلى أن "هيئة السياحة والآثار العراقية لديها قائمة بأبرز الآثار التي هربت خلال السنوات الماضية وفي أي دولة ومتحف توجد".

وأوضح أن "القانون الدولي يلزم الدول بإعادة الآثار المسروقة إلى بلدانها الأصلية خلال مدة أقصاها 3 سنوات من تاريخ رفع الدعوى القضائية بهذا الشأن".

وشهدت فترة سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، على ثلث مساحة العراق، عمليات تهريب واسعة للآثار العراقية الموجودة في محافظة نينوى، حيث استفاد التنظيم من عمليات التهريب تلك في تمويل عملياته العسكرية.

وأحبطت الأجهزة الأمنية العراقية، مطلع العام الماضي، عملية تهريب مئات القطع الأثرية النفيسة التي منها تعود للحضارة السومرية من محافظة ذي قار جنوبي العراق.

وتضم ذي قار التي يقول مختصون إنّ حرف الكتابة الأول انطلق منها، عددًا كبيرًا من المواقع الأثرية غير المنقب عنها، مع مواقع أثرية وسياحية عديدة أبرزها الأهوار وزقورة أور التي بناها مؤسس سلالة أور الثالثة وأعظم ملوكها أور نمو سنة 2050 (ق.م).

وفي نينوى التي تضم آثارًا تعود إلى الحقبة الآشورية والهيلينية والعصور الإسلامية، ويصل عدد المواقع الأثرية في الموصل، وفقًا لبيانات لهيئة السياحة والآثار العراقية إلى 1791 موقعًا أثريًا و250 مبنى تراثيًا، و20 مكتبة ضخمة تحوي مخطوطات إسلامية مهمة.

القانون الدولي يلزم الدول بإعادة الآثار المسروقة إلى بلدانها الأصلية خلال مدة أقصاها 3 سنوات من تاريخ رفع الدعوى القضائية

ويمتلك العراق العديد من المناطق الاثرية المكتشفة وغير المكتشفة، إلا أن أغلب القطع تهرب إلى خارج البلاد بطرق غير شرعية ومن دون حلول حقيقية لمعالجة هذا الملف، وفقًا لمختصين بهذا الشأن.