25-سبتمبر-2019

من لقاء سابق لمقتدى الصدر مع مدوني التيار الصدري (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

خَلَقَت مواقع التواصل الاجتماعي فضاءً تعبيريًا غير مسبوق في العراق والمنطقة، وأصبحت السيطرة عليه مُكلِفة "عمليًا" بالمقارنة مع أجهزة الإعلام التقليدية التي تسيطر عليها السلطة عادةً، بدءًا من الصحيفة والإذاعة، وانتهاءً بالتلفزيون. ولم يعد من الممكن فصل مواقع التواصل عن الحياة السياسية في العراق كما في العالم العربي.

 الصدريون وقائدهم هيمنوا على "ترند" المواقع والصفحات الإخبارية ومدونات الناشطين خلال ولوجهم التظاهرات منذ صيف 2015 حتى قريب انتخابات عام 2018

هيّمَنَ الصدريون وقائدهم على "ترند" المواقع والصفحات الإخبارية ومدونات الناشطين خلال ولوجهم التظاهرات منذ صيف 2015 حتى قريب انتخابات عام 2018، ودخل الجمهور الصدري إلى الحيز العام ليس لناحية الفعل السياسي، وإنما في النقاش المفتوح مع شرائح المجتمع الأخرى، وأدى ذلك لانفتاح ثقافي متبادل بين أتباع التيار وبقية التيارات خاصةً المدنية، ولذلك تأثير واضح.

حكاية اتحاد المدونين

بدأ الحديث عن مشروع أُطلق عليه "اتحاد المدونين" في عام 2017، يقول ناشطون صدريون إن زعيم التيار هو من أطلقه بشكل غير علني. لكن المشروع لم ينجح، ربما بسبب النزاعات الشخصية، بحسب الناشطين.

اقرأ/ي أيضًا: مقتدى الصدر يعلن عن "جيش إلكتروني" بقيادة العراقي.. 11 شرطًا للانضمام!

 مؤخرًا، تبنى أحد الناشطين الصدريين مشروعًا بعنوان "اتحاد المدونين"، وقد عُرف هذا الناشط بهجومه اللاذع على ناشطي التظاهرات، ثم توسع إلى القيادات والحلقة المقربة من مقتدى الصدر، ولم يسلم منه حتى "خادم منزل الصدر". وقد نشب خلافٌ حاد بينه وبين أحد محركي التظاهرات الصدرية في بغداد، تزامنًا مع انطلاق مشروعه، ما دعا التيار الصدري ـ بحسب مطّلعين ـ لإطلاق مشروع "مجمع المدونين الوطني"، مقابل مشروع "اتحاد المدونين".

شروط المجمع

صالح محمد العراقي، صاحب الصفحة المزكّاة من زعيم التيار الصدري، نشر مسودة قال إن الصدر بعثها له، وهي عبارة عن استمارة انضمام لمجمع المدونين الوطني، تتضمن الاسم والمواليد والتحصيل الدراسي والتخصص وتاريخ الاشتراك في "فيسبوك" واسم الصفحة، بالإضافة إلى توقيع وبصمة المدون.

وكان مكتب الصدر قد أعلن إنشاء "مجمع المدونين الوطني"، واضعًا أحد عشر شرطًا على المدون الالتزام بهن حتى يتسنى له أن يكون ضمن المجمع. حملت النقطة الأولى تفويضًا للمكتب وصفحة "صالح محمد العراقي" للإشراف على المجمع، وشددت النقطة الرابعة على أن "لا إصلاح مع كيل التهم جزافًا"، ما يعزز من الفرضية التي طُرحت من قبل المطلعين على شؤون التيار الصدري أعلاه. كما جاء في الشرط العاشر إن المقالة الإصلاحية المدرج فيها الحجج والأدلة "لا قيمة لها إن لم تصل إلى الصدر".

المجمع: تقييد للحريات وتحضير للانتخابات

مجمع المدونين أثار عاصفة من الانتقادات والتأييدات من قبل أتباع التيار الصدري وغيرهم، إذ يرى ناشطون صدريون أن مثل هذه المشاريع ستضبط "المنشورات" وتضع حدًا للتسقيط بين الصدريين، وتسد الأبواب على من يُريد بهم سوءًا، كما كتب المدونون. فيما يرى ناشطون من داخل وخارج التيار أن هذه طريقة لتقليص حرية التعبير، وصناعة جيش إلكتروني مُشابه لما تفعله بقية الأحزاب والتيارات.

يقول المدون (ع.م) إن "هذا المشروع يستجلب النقد انطلاقًا من جملة مفارقات رافقت تأسيسه، منها أنه مشروع موجه لتنميط الجمهور ثم تحويله لجيش إلكتروني بدل أن تكون مثل هذه المشاريع موجهة لإصلاح منظومة الوعي". ويُردف بالقول: "أعتقد أن المشروع يأتي في سياق ضبط اتجاهات الجمهور استعدادًا لانتخابات مجالس المحافظات، وهذه مفارقة أخرى كون مقتدى الصدر صرح قبل أسابيع بأنه تجرع السم حين اشترك في الانتخابات النيابية السابقة".

ربما أن مشروع "مجمع المدون الوطني" الذي أطلقه الصدر يأتي في سياق ضبط اتجاهات الجمهور استعدادًا لانتخابات مجالس المحافظات

مأخذٌ آخر يَطرحه المدون الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب اجتماعية، في حديثه لـ "ألترا عراق"، على مشروع "مجمع المدونين الوطني"، ويُضيف: "المشروع تحت إشراف شخصية وهمية مثيرة للجدل عرفت بردود فعل غير محسوبة ومستفزة أدت لانقسامات واسعة بين الجمهور الصدري في حين أن البيان التأسيسي يدعي استهداف توحيد الجهود".

اقرأ/ي أيضًا: من "السلمية" إلى الترهيب.. رسائل الصدريين للمختلفين: لا مكان لكم بيننا!

ذات النقطة يُشير لها المدون (ع. ص)، إذ يقول إن "تجمع المدونين الوطني المزمع تشكيله تقوده صفحة صالح محمد العراقي الأكثر جدلًا في مواقع التواصل، وهو محرك أغلب جمهور التيار في الصدري، في حين يراها آخرون صفحة تهجمية وآرائها متقلبة واستهدافية للرأي الآخر".

وفيما اعتبر أن هنالك تقييدًا للحريات، يُدرج ضمن أسلوب ضبط الاتباع للسيطرة على الرأي العام، يقول المدون إن "إحدى شروط الانضمام لذلك التجمع هو الالتزام والانضباط بالنشر واطلاع القائمين على التجمع عن المنشور المراد نشره، ويعتبر ذكل عزلًا للآراء الأخرى، خصوصًا مع اقتراب العراق من انتخابات مجالس المحافظات".

يعتقد المدون في حديثه لـ "ألترا عراق" أن "مشروع المجمع الوطني لن ينجح كونه سيعد بمثابة جيش إلكتروني يستهدف الأطراف الأخرى ويعزل الآخرين، ولا يتخطى كونه دائرة مغلقة تكتفي بآرائها المتشابهة".

الاتحاد يحل نفسه!

بعد إنشاء ذلك المجمع، أعلنت صفحة "اتحاد المدونين العراقيين" بقرار من رئيسه وأعضاءه "حل الاتحاد حتى لا يكون هناك تعارض أو تزاحم بين المشروعين، وتوجيه كل الجهود لدعم مشروع المكتب الخاص"، كما دعا الاتحاد زملائهم إلى للانضمام إلى مجمع المدونين الوطني "خدمة للصالح العام".

وعلّق صاحب صفحة صالح محمد العراقي بالقول: "خير ما فعلوا.. ففهيم القلم الحر والفكر الفذ فلا نريد أن تضيع جهودهم"، متابعًا: "نسأل الله أن يخلصنا ويخلصهم من ذوي الأفكار الغريبة"!

صالح.. مركزيةُ فيسبوك

سبق لصالح محمد العراقي أن رد على تعليق لأحد الصدريين يتحدث فيه عن السياسيين والإعلاميين والخطباء الصدريين الذين يعلنون استقلالهم عن التيار، محملًا القاعدة الصدرية السبب، بالقول: "لأن فينا من يسمع من (الخطيب) كلام معسول فيتبعه بلا هدى ولا كتاب منير.. فيغتر (الخطيب) بنفسه فيعلن عبر صفحته في فيسبوك بأنه مستقل".

شهدت الأشهر الماضية صراعات مُعلنة داخل التيار الصدري، أدى البعض منها إلى حرق محال تجارية ومحاصرة وقصف أخرى، تابعة لشخصيات مقربة من الصدر أعلن الأخير براءته منها، أو إعطائها مهلة للتخلي عن نشاطاتها التجارية، عبر صفحة صالح محمد العراقي، ما خلق مشادات كلامية على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض لهذه الشخصية وتلك.

ربما تأتي خطوة مجمع المدونين الوطني للحد من الانتقادات الموجهة لصالح العراقي وبقية القيادات الصدرية من قبل القاعدة، في مواقع التواصل الاجتماعي

كما يتهم العديد من المدونين الصدريين صالح محمد العراقي بأنه صاحب ردود عنيفة لا تحترم مشاعر وكرامة الناس، فيما يُشدد آخرون على أنه "ثقة قائدهم" الصدر، وبالتالي فأنه واجب الطاعة مهما كتب. وربما تأتي خطوة مجمع المدونين الوطني للحد من الانتقادات الموجهة لصالح وبقية القيادات الصدرية من قبل القاعدة، في مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك حين يكون النشر بإشراف زعيم التيار شخصيًا.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

مقتدى الصدر.. بين الأتباع والنقّاد

صفحة مقربة من الصدر تسير على خطى البطاط وتهدّد صحفيًا!