10-أبريل-2023
بغداد

(Getty) يخشى مختصون من تحول الفقرة إلى منفذ جديد لـ "الفساد"

كشف الأكاديمي المختص في مجال الاقتصاد بلال خليفة، عن وجود مادة في مقترح مشروع قانون الموازنة المالية لعام 2023، تلزم المواطنين بتقديم وصولات الجباية ضمن الوثائق الرسمية في دوائر الدولة، في محاولة لضمان دفع الضرائب وأجور الخدمات.

تضم المسودة التي قدمتها الحكومة فقرة تفرض وصولات الجباية ضمن الوثائق اللازمة لإنجاز المعاملات اليومية

وقال خليفة في حديث لـ "الترا عراق"، إنّ "المادة 12 من الموازنة المالية لعام 2023 تلزم الدوائر الحكومية بطلب مستمسك خامس من المراجعين يتمثل بوصولات الجباية لتمرير أية معاملة رسمية"، مبينًا أنّ "هذا الإجراء الحكومي يفترض أن يعظم الإيرادات غير النفطية في الموازنة".

3

 

 

"إجراءات خاطئة"

وأضاف خليفة، أنّ "الحكومة أجرت سلسلة من الإعفاءات الضريبية الخاطئة للشركات، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات الضريبية إلى 17 تريليون دينار هذا العام، بفارق أقل يقدر بـ 3 تريليونات دينار عن عام 2021 حيث بلغت 20 تريليون دينار".

وأشار المختص في مجال الاقتصاد، إلى أنّ الحكومة تستطيع جباية الضرائب بآلية أخرى دون اشتراط تقديم الوصولات كوثائق ملزمة في المعاملات "عبر إجراءات إلكترونية يقدم من خلالها المواطنين وصولات الجباية، دون أن تتسبب بتعقيد الروتين في دوائر الدولة".

 

"نقاش عميق"

اللجنة المالية من جانبها تقول إنّ هذه الفقرة ستكون محل نظر ونقاشات قبل التوصل إلى صيغة نهائية لمشروع القانون، لكنها تؤكد في الوقت ذاته أهمية اتخاذ إجراء يضمن جباية الضرائب.

3

وتبيّن نائب رئيس اللجنة إخلاص الدليمي في حديث لـ "الترا عراق"، أنّ "اللجنة تسعى بشكل أولي إلى تخفيض إجمالي مبلغ الموازنة، وهي تجري نقاشات معمقة للتوصل إلى صيغة منطقية ومقبولة لكل مادة وفقرة وتخصيص".

تؤكّد اللجنة المالية أنّ المسودة الموازنة بالمجمل تخضع لنقاشات "عميقة" للتوصل إلى صيغة منطقية ومقبولة لكل مادة وفقرة

وتضيف الدليمي، أنّ "اللجنة تسعى إلى خفض الموازنة إلى حدود 170 تريليون دينار، مع إيلاء اهتمام خاص للقطاع الاستثماري وتخصيصاته المالية، لما في ذلك من دعم ومساهمة في إنجاح البرنامج الحكومي في تقديم الخدمات".

 

كيف تطبق في العشوائيات؟

مختصون بدورهم يخشون أن تتحول هذه الفقرة إلى "منفذ جديد للفساد"، في دوائر تعاني روتين مرهقًا.

ويقول الباحث السياسي والاقتصادي نبيل جبار العلي في حديث لـ "الترا عراق"، إنّ "جباية أجور الكهرباء من المواطنين لوحدها يمكن أن ترفد الموازنة بنحو تريليوني دينار، أما أجور الماء فهي قد تكون أقل بكثير وتقدر بعشرات المليارات".

3

ويضيف العلي، أنّ "المواطنين إذا لم يلمسوا مصداقية من الحكومة في القطاعات التي تريد جباية أموالها منهم، فلن يمتثلوا للدفع أو تقديم مستمسك وصولات الجباية كمستمسك"، مشيرًا إلى أنّ "اعتماد هذه الآلية لتعظيم الإيرادات غير النفطية يعد إجراءً غير صحيح، لأنه قد يتحول إلى باب آخر للفساد، كما حصل، على سبيل المثال، حين فرضت الحكومة بطاقة التطعيم الخاصة بفيروس كورونا، حيث باتت تباع وتشترى بتواطؤ موظفين، وهو ما يمكن أن يحصل لاحقًا في قضية وصولات الجباية".

 

"كسل حكومي"

العلي وصف الفقرة التي أقرّتها الحكومة "إجراءً مستعجلاً"، مؤكدًا صعوبة تطبيقها "لوجود مناطق عشوائية كثيرة ومنازل لا تضم مقاييس لتحديد أجور الماء والكهرباء، فضلاً عن المناطق النظامية التي تفتقد الكثير من منازلها لهذه المقاييس".

ينتقد مختصون الصيغة التي قدمتها الحكومة لقانون الموازنة ويحذرون من تحول فقرة وصولات الضرائب إلى "باب للفساد" 

في ذات السياق، يرى العلي أنّ المشروع الذي قدمته الحكومة بتقديم نسخة موازنة تكرر لـ 3 سنوات "يعبر عن عدم واقعية وعدم فهم، ونوع من الكسل"، مضيفًا أنّ "تقديم موازنة بقيمة 197 تريليون دينار يقدر العجز فيها بـ 63 تريلون دينار تمثل خطًأ كبيرًا، وهو ما عبر عنه نواب بطعون أمام المحكمة الاتحادية العليا، حيث ينص قانون الإدارة المالية على ضرورة عدم تجاوز العجز نسبة 3% من الناتج المحلي الإجمالي، أي ليس أكثر من 15 تريليون دينار".