10-فبراير-2020

ادّعى علاوي أنه مرشح غالبية المتظاهرين رغم المسيرات التي خرجت ضده في ساحات الاحتجاج (Getty)

بدأ اسم محمد توفيق علاوي يُطرح في وسائل الإعلام والشارع ومواقع التواصل الاجتماعي بعد أن عُلّقت صورته رفقة أربع شخصيات في ساحة التحرير بدعوى أنهم مرشحون من قبل المتظاهرين، ورغم إصرار السواد الأعظم من الساحات على عدم ترشيح أي شخصية، ووضعوا بدلًا عن ذلك شروطًا لَزُم توافرها في رئيس الوزراء الجديد، إلا أن اسم علاوي أخذ يُتناول بجدية أكثر في الأيام التي سبقت تكليفه، مع رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي والسياسي علي شكري وغيرهم.

يقول متظاهرون إن الصدريين هم من رفعوا صورة محمد توفيق علاوي في ساحة التحرير، وكذلك من 170 نائبًا، بالإضافة إلى تحالف البناء 

بعد صورته التي رُفعت في الساحات، استجد حديث عن تجمع برلماني من 170 نائبًا هدفه تقديم مرشح لرئاسة الوزراء، زاد من تسليط الضوء عليه ـ أي التجمع ـ حديث رئيس الجمهورية برهم صالح عن ضياع مسألة الكتلة الأكبر، ذلك بعد أن أعلن تحالف سائرون تنازله "ككتلة أكبر" للشعب، وأعلن تحالف البناء أنه الكتلة الأكبر، وقال تجمع الـ 170 إنه الكتلة الأكبر.

اقرأ/ي أيضًا: كواليس الصفقة و"تصدع" البناء.. لماذا يستميت الصدر دفاعًا عن محمد علاوي؟!

في 19 كانون الأول/ديسمبر قدّم عدد من النواب طلبًا إلى رئيس الجمهورية بتكليف محمد توفيق علاوي لتشكيل حكومة بدلًا من حكومة عبد المهدي المستقيلة، بحسب كتابهم الذين استندوا فيه على المادة 76 من الدستور، وقالوا إن ذلك يأتي "انسجامًا مع مطالب المتظاهرين في ساحات الاعتصام".

مرشح المتظاهرين؟

في الأثناء، قال رئيس كتلة بيارق الخير محمد الخالدي إن "170 نائبًا قدموا علاوي إلى رئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة الجديدة بالتشاور مع المتظاهرين"، وكشف عن اجتماع (الـ 170) "مع رئيس عدد كبير من المتظاهرين والأمم المتحدة وتم طرح خمسة أسماء بالتنسيق مع تنسيقيات المتظاهرين والمرجعية الدينية ورئاسة الجمهورية".

أضاف الخالدي: "نلزم رئاسة الجمهورية بعدم قبول أي مرشح خارج نطاق النواب الـ 1700"، مؤكدًأ : "فنحن الكتلة الأكبر".

أواخر كانون الأول/ديسمبر، قال محمد توفيق علاوي إن "كتلة البناء" رشحته إلى جانب عبد الغني الأسدي وتوفيق الياسري، "استجابة لمطالب المتظاهرين السلميين".

بالتالي، أصبح علاوي مرشحًا من ساحة التحرير، يقول متظاهرون إن الصدريين هم من رفعوا صورته، وكذلك من 170 نائبًا، بالإضافة إلى تحالف البناء الذي يقول علاوي إنهم رشحوه رفقة اثنين آخرين.

قُطع الجدل حول مرشح رئاسة الوزراء، بفعل الأحداث المتتالية من مهاجمة "متظاهري الحشد الشعبي" للسفارة الأمريكية، ثم عملية اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، والرد الإيراني بقصف قاعدة عين الأسد، ومرت تلك الأيام بحديث أقل حول منصب رئاسة الوزراء، قبل أن يعود من جديد بعودة التسريبات عن ترشيح شخصيات، والمهلة التي أعطتها محافظة الناصرية لتكليف مرشح وفق المواصفات، وما تبعها من تصعيد في كافة المحافظات التي تشهد تظاهرات واعتصامات.

دون بيان أو تصريح من رئاسة الجمهورية، خرج محمد توفيق علاوي في مقطع مصوّر يعلن للشعب العراقي تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة

أعطى رئيس الجمهورية مهلة للكتل السياسية لتقديم مرشح يُرضي المتظاهرين وإلا ذهب في خيار تكليف مرشح بنفسه، وما إن انتهت المهلة حتى بدأ اسم علاوي ينتشر كمكلف حتمي، وتصاعدت الأصوات الرافضة له من داخل ساحات الاحتجاج، لكنها انخفضت ـ في بغداد بشكل أكبر ـ بعد دخول أصحاب القبعات الزرقاء التابعين للتيار الصدري، وما رافق ذلك من اعتداءات على المسيرات التي رفضت تكليف علاوي، بحسب شهود عيان ومقاطع مصورة.

اقرأ/ي أيضًا: طلبات الكتل السياسية تتراكم على مكتب علاوي بعد 3 أيام من تكليفه

قبل تكليف علاوي، مصدر لـ"ألترا عراق" رفض الكشف عن اسمه بسبب ما اسماه "الوضع الحساس"، قال إن "هناك حديثًا عن آلية جديدة يُمكن من خلالها اختيار رئيس الوزراء الجديد، وذلك عبر تصويت نواب الكتل الرئيسية على عدد من المرشحين، وبالتسقيط، حتى يتم الاختيار من بينهم مرشحًا في نهاية التصويت".

مُكلّف يُعلن تكليفه!

دون بيان أو تصريح من رئاسة الجمهورية، خرج محمد توفيق علاوي في مقطع مصوّر يعلن للشعب العراقي تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة من قبل برهم صالح، دون بيان من الأخير، أو لقطات مصوّرة تُظهر عملية التكليف.

تلى ذلك تصريح زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بأن الشعب هو من اختار رئيسًا لوزرائه وليس الكتل، داعيًا إلى "الاستمرار بالتظاهر السلمي لإكمال الكابينة الوازرية المستقلة".

أخيرًا، أظهر التلفزيون الرسمي صورًا فيديوية تُظهر تسليم رئيس الجمهورية كتاب التكليف لمحمد توفيق علاوي، ثم خرج الأخير في بيان طرح فيه وعودًا مختلفة.

المرشِح الشبح

أثارت تغريدة الصدر حفيظة العديد من المتظاهرين والمدونين، ورفعوا شعارات تنفي أن يكون علاوي مرشحهم، مؤكدين أنه خارج المواصفات التي وضعوها منذ فترة طويلة.

ورغم أن طريقة الترشيح شابهت تكليف سلفه عادل عبد المهدي، لكن كتلةً أو جهةً ما لم تتبنَ ترشيح علاوي، الذي ادّعى هو الآخر أنه مرشح غالبية المتظاهرين، في لقاءٍ تلفزيوني.

أثارت تغريدة الصدر التي قال فيها إن علاوي مرشح الشعب حفيظة العديد من المتظاهرين والمدونين، ورفعوا شعارات تنفي أن يكون علاوي مرشحهم

في اليوم التالي من التكليف، قال عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني ماجد شنكالي إن "رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي هو خيار سائرون والفتح ولا علاقة للشعب باختياره إذا لم يثبت خلاف ذلك"، كما طالب رئيس الجمهورية بإعلام الشعب من هي الكتل التي رشحت علاوي لتجني ثمار نجاحه إذا نجح، وتحمل مسؤولية فشله إذا أخفق".

اقرأ/ي أيضًا: "عهد الدم" في وجه "قبعات الحنانة".. محتجو تشرين "يتحدون" مقتدى الصدر

في الأثناء، رفض المستشار السابق لرئيس الجمهورية فرهاد علاء الدين الكشف عن القوى السياسية التي رشحت علاوي، مؤكدًا في الوقت ذاته وجود "توافق سياسي بشأن الترشيح من أكثرية القوى السياسية مع وجود بعض المعارضين".

فيما قالت المتحدثة باسم ائتلاف النصر آيات مظفر في تصريح تلفزيوني إن "الفتح وسائرون هما من جاء بمحمد توفيق علاوي لرئاسة الوزراء بذات المعادلة التي جاءت بعبد المهدي".من جانبه، عبّر القيادي في تحالف الفتح حسن شاكر عن موقف تحالفه من ترشيح علاوي، وأشار إلى أن "الفتح وافق على ترشيح محمد توفيق من قبل رئيس الجمهورية، ولم يتبن الترشيح، ولم يقدمه هو".

لكن عضو ائتلاف دولة القانون سعد المطلبي أكد أن "قرار ترشيح علاوي جاء باتفاق بين العامري والصدر، وبمباركة أمريكية إيرانية".

لم يتطرق نواب تحالفي سائرون والفتح إلى الجهة التي رشحت محمد علاوي، كما لم يخرج رئيس الجمهورية بتصريح يُشير إلى الجهة التي رشحت له علاوي حتى اللحظة، ووفق أي مادة دستورية رشحه، تلك التي تتيح له مهمة التكليف، أم التي تعود إلى الكتلة الأكبر في مجلس النواب.

نائب لـ"ألترا عراق": الكتل هي صاحبة اليد العليا في البرلمان، ومنح الثقة لعلاوي من عدمه هو مسؤولية البرلمان في نهاية المطاف

وعن مصير الوثيقة التي قدمها 170 نائباً بشأن اختيار رئيس الوزراء قال عضو مجلس النواب أحمد الجبوري إن "الوثيقة التي تحدثت عن مواصفات رئيس الوزراء الذي يجب أن لا يكون مشتركًا في الحكومات، وأن تكون له جنسية عراقية واحدة، قد تم تجييرها".

اقرأ/ي أيضًا: غضب عارم و14 تعهدًا.. من هو محمد توفيق علاوي وكيف علقت واشنطن على تكليفه؟

وخاطب الجبوري رئيس الوزراء المكلف بالقول: تم تجيير الوثيقة لك من قبل عدد قليل من النواب، وكذب من أخبرك أن النواب الـ 170 اختاروا خمسة مرشحين أنت أحدهم".

المخرج الأسلم

عدم إعلان رئيس الجمهورية للجهة التي رشحت له علاوي، وعدم تبني الأخير من أي جهة بشكل رسمي، قد يكون هو المخرج الذي ارتأته الكتل السياسية بذات الطريقة التي قدّمت بها عادل عبد المهدي، حيث تتوافق الكتل على مرشح وتُقدمه على أنه "مرشح التوافق"، خاصةً وأن النواب الـ 170 غير مُعرّفين للعامة، قد يكونوا هم نواب سائرون والفتح ذاتهم، مطعّمين بنواب كتل أخرى.

لكن الصحفي سرمد الطائي، ومراقبين آخرين، يُشيرون ـ في طرحٍ مُغاير ـ إلى أن إيران وحلفاءها أُجبروا على الموافقة وإعطاء الضوء الأخضر لتكليف محمد علاوي كـ"أهون الشر"، بالمقارنة مع مرشحين آخرين كالكاظمي.

وفيما تتحدث وسائل إعلام عن أن زعيم التيار الصدري يدرس سحب دعمه لعلاوي، يرى النائب عن كتلة النهج الوطني حسين العقابي إن "الكتل هي صاحبة اليد العليا في البرلمان، ومنح الثقة من عدمه هو مسؤولية البرلمان في نهاية المطاف"، مستبعدًا في حديث لـ "ألترا عراق" أن يكون هناك "حشد برلماني كبير يخرج عن التوافق".

نائب لـ"ألترا عراق": محمد توفيق علاوي جاء بتوافق بين تحالفي الفتح وسائرون، ذلك بات واضحًا، والتحالفان يتحملان مسؤولية إخفاقه أو نجاحه

يقول العقابي في هذا السياق إن "محمد توفيق علاوي جاء بتوافق بين تحالفي الفتح وسائرون، ذلك بات واضحًا، والتحالفان يتحملان مسؤولية إخفاقه أو نجاحه". وفيما يتحدث عن "ترقب سياسي" لتشكيل الحكومة ومنهاجها وبرنامجها، يشدد  العقابي على ضرورة أن تكون "حكومة انتقالية".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

صفقة قديمة و"تغاضي" عن المخالفات.. هل يعتبر علاوي نسخة عبد المهدي للكرد؟

بعد "ليلة التواثي".. "عصا" الصدر في يد قوات السلطة لـ"قمع" الاحتجاجات!