26-فبراير-2020

مقتدى الصدر (Getty)

سنوات خلت، والعلاقة بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر والقوى السياسية والاجتماعية السنية جيدة ومتحسنة تدريجيًا بعد أن كان "جيش المهدي" التابع للتيار الصدري أحد أهم الميليشيات التي اشتركت في الحرب الطائفية بعد الاحتلال الأمريكي للعراق. وقد شكّل أداء سرايا السلام التابعة للصدر في مدينة سامراء "السنية" وتعاملهم مع سكان المدينة نقطة فارقة عزلت هذا الفصيل عن أقرانه الذين لا يحظون بمقبولية عالية في المجتمعات السنية التي احتكت بهم خلال الحرب ضد تنظيم الدولة "داعش".

في لقائه الأخير، حذّر الصدر من ما اسماهم بـ"القيادات السنية المتشددة" إذا أرادت أن تُعيد السيارات المفخخة بأن يُعيد أشياء أخرى

تبنى الصدر خطابًا غير طائفي، وتعاطف مع مطالب الاعتصامات والتظاهرات التي انطلقت في المحافظات السنية أثناء تولي نوري المالكي رئاسة الوزراء لدورة ثانية، وزاد القرب بينه وبين القوى السنية خطابه الرافض لتصرفات ما أطلق عليه "الميليشيات الوقحة" ضد المدنيين، والتي شبهها أحيانًا بـ"داعش".

اقرأ/ي أيضًا: رسالة نارية من الصدر إلى الحلبوسي وعلاوي: سنحاصر المنطقة الخضراء!

لكن الصدر في لقائه الأخير بعد غياب طويل عن وسائل الإعلام، حذّر من أسماهم بـ"القيادات السنية المتشددة" إذا أرادت أن تُعيد السيارات المفخخة بأن يُعيد أشياء أخرى.

وشهد العراق منذ سقوط الاحتلال هجمات مكثفة كانت يومية أحيانًا بالسيارات المفخخة التي غالبًا ما استهدفت مناطق شيعية، وأودت بحياة العديد من المدنيين.

وقال الصدر إن "جيش المهدي مجمّد لكنه ليس ملغيًا"، متحدثًا بلهجة عاميّة: "بشخاطة وحدة ممكن يعود"، كما أكد الصدر أنه يُفكر بإرجاع جيش المهدي "لكي لا تعود المفخخات وداعش ولكي يخرج المحتل".

كان الصدر قد أمر بتجميد أنشطة جيش المهدي صيف عام 2007 لـ"هيكلته بصورة تحفظ العنوان العقائدي لمدة أقصاها ستة أشهر"، على خلفية اشتباكات وقعت بين قوات الأمن ومسلحين خلّفت عشرات القتلى ومئات المصابين أثناء إحياء ذكرى الزيارة الشعبانية.

تناولت مواقع التواصل الاجتماعي تصريح الصدر بكثافة، واعتبره مدونون اعترافًا بالاشتراك في الحرب الأهلية، واعتبره آخرون تهديدًا، فيما برر أنصار الصدر ذلك بأنه موجه للإرهاب فحسب، لكن القوى السنية لم تخرج بمواقف واضحة.

ظافر العاني: تصريحات الصدر سببت صدمة كبيرة في مجتمعنا، وأتمنى أن تكون زلة لسان أو أننا فهمناها خطأً

النائب عن تحالف القوى ظافر العاني، رد من خلال برنامج الثامنة على "قناة الرشيد" بالقول: "لدينا ملاحظات وانطباعات سلبية على قوى سياسية لا زالت تهدد وتتوعد سواء بـ(البطة) أو بحرب طائفية والعودة للحرب الأهلية"، مبينًا أنها "تتحدث عن دورها في عمليات الاغتيال والقتل تحت يافطة مجابهة المتشددين بطريقة الفخر".

اقرأ/ي أيضًا: الصدر وانتفاضة تشرين.. من عثر على الآخر؟

أشار العاني إلى أن "تصريحات الصدر سببت صدمة كبيرة في مجتمعنا"، متمنيًا أن "تكون زلة لسان أو أننا فهمناها خطأً"، مطالبًا تحالف سائرون بـ "تفسيرات مقنعة لجمهورنا"، كون التصريحات فيها مسؤولية "قانونية وأخلاقية" حسب تعبيره.

وتساءل العاني إذا ما كانت تصريحات الصدر "وسيلة ضغط للموافقة على تمرير الحكومة"، معبرًا في الوقت ذاته عن "قلقه وخوفه عندما يكون الناس هدفًا سهلًا للميليشيات".

في السياق، يقول زعيم مؤتمر صحوة العراق أحمد ابو البريشة إن "التهديد لا يخيفنا، وإذا تطلب الموقف سنعيد الصحوة وتاريخها المشرف".

وفيما يطلب العاني تفسيرات من تحالف سائرون، يعتبر النائب عنه قصي الياسري أن "الصدر أراد في تصريحاته أن يوصل رسائل إطمئنان للشعب وكذلك رسالة للأعداء الذين يحاولون استهداف الشعب العراقي".

يضيف الياسري: "هناك جهات تسعى لعودة داعش والمفخخات إلى الشارع والبعض يهدد باستخدام طرق أخرى إن لم يحصل على المطامح السياسية، لذلك كانت رسالة الصدر بأن القوى الشيعية المتمثلة بجيش المهدي موجودة في أي وقت يتعرض البلد إلى الاستهداف، وإن عادوا عدنا".

قصي الياسري لـ"ألترا عراق": كانت رسالة الصدر بأن القوى الشيعية المتمثلة بجيش المهدي موجودة في أي وقت 

يرى الياسري في حديث لـ "ألترا عراق" أن "جيش المهدي والتيار الصدري بشكل عامٍ مساند للقانون ولعمل القوات الأمنية من الجيش والشرطة طيلة المرحلة الماضية والصدر لا يتخلى عن هذه الثوابت"، لكنه يؤكد أن "من غير الصحيح أن نُستهدف من الخارج وعناصر من الداخل ونقف مكتوفي الأيدي".

اقرأ/ي أيضًا: حراك الصدر الأخير... قراءة في الأسباب والمآلات

يتابع: "نمر بمرحلة خطرة، فالاستهدافات موجودة، والعمل على ضرب النسيج العراقي موجود، والتخطيط أكبر من السابق، لذلك يجب أن نكون على استعداد للرد على أي حادث يطرأ مستقبلًا".

بعد تصريحه بهذا الشأن، عاد الصدر وغرّد في 26 شباط/فبراير على صفحته في "تويتر": "كما أن الله تعالى ابتلى شيعة العراق بثلة سياسية فاسدة تدّعي الانتماء لهم فقد ابتلى سنة العراق بثلة مماثلة".

مجددًا، ذكر الصدر "الإرهاب" و "المفخخات" بالقول: "نحن كعراقيين سنة وشيعة وكرد أخوة لا يفرقنا السياسيون لا بفسادهم ولا بإرهابهم ولا بمفخخاتهم ولا بظلمهم ولا بسلطتهم ولا بمحاصصتهم ولا بتبعيتهم".

وتشهد العاصمة العراقية هدوءًا نسبيًا لناحية التفجيرات والعمليات الإرهابية، لكن بغداد تعرضت في 22 شباط/فبراير إلى سلسلة من التفجيرات المتزامنة بالعبوات الناسفة ضربت عدة مناطق منها أبو دشير والزعفرانية والمشتل أدت إلى العديد من الإصابات، في الوقت الذي يشتد فيه الخلاف السياسي على تشكيل حكومة علاوي.

مجددًا، ذكر الصدر "الإرهاب" و "المفخخات" بالقول: "نحن كعراقيين سنة وشيعة وكرد أخوة لا يفرقنا السياسيون لا بفسادهم ولا بإرهابهم ولا بمفخخاتهم 

وفي 26 تشرين الثاني/نوفمبر، قبل استقالة عادل عبد المهدي بأيام، هزت العاصمة سلسلة تفجيرات، منها استهدفت سوقين شعبيين في منطقتي الشعب والبلديات عبر دراجة نارية مفخخة وعبوة ناسفة، فيما انفجرت دراجة أخرى قرب إحدى الحسينيات في منطقة البياع، أدت تلك الانفجارات إلى مقتل وإصابة نحو 10 أشخاص.

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

مقتدى الصدر.. قبل نفاد الوقت

مقتدى الصدر.. الرابح الأكبر من تظاهرات العراق