ألترا عراق ـ فريق التحرير
للبصرة خصوصية في ثقافة الاحتجاج بالعراق، وتأتي هذه الخصوصية من خروجها باحتجاجات بـ2018 والأحداث الكبرى التي حدثت فيها من إحراق للمقرات الحزبية والقنصلية الإيرانية، فضلًا عن قتل متظاهرين واختطاف نشطاء، وهو الأمر الذي جعل السلطات في المحافظة تلاحق أي مبادرة للتظاهر خشية من تكرار تجربة 2018، ومع هذه الملاحقة، انطلقت دعوات التظاهر في المحافظة مع بداية الاحتجاجات في مطلع تشرين الأول/أكتوبر في بغداد والمحافظات العراقية، لكنها أيضًا، تم مواجهتها بنفس طرق "القمع" في العاصمة.
بعد انطلاق التظاهرات في بغداد والمحافظات العراقية في 25 تشرين الأول/أكتوبر خرجت البصرة في تظاهرات سلمية واجهتها القوات الأمنية بالرصاص الحي والغازات المسيلة للدموع
بعد انطلاق التظاهرات في 25 تشرين الأول/أكتوبر في بغداد والمحافظات من جديد بعد وقوفها لأسبوع، خرجت البصرة في احتجاجات سلمية غاضبة تستمر لليوم الثالث على التوالي بالرغم من سقوط القتلى والجرحى ومحاولة تفريق المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع، وملاحقتهم بالأزقة لاعتقالهم.
اقرأ/ي أيضًا: متظاهرون يعاملون كـ"داعش".. ماذا تعرف عن "البو عزيزي" في واسط؟
في بغداد العاصمة ومحافظات بابل والديوانية والمثنى وذي قار وواسط، كان المحتجون في الموعد المقرر منذ أسبوعين للتظاهر، الـ25 تشرين الأول/أكتوبر، ومنذ الصباح بدأت طبقات العاطلين والمحرومين تتدفق من كل فج عميق صوب مقار الحكومات المحلية، لتندلع الصدامات مع الجماعات المسلحة مختلفة العناوين، خلفت عشرات القتلى ومئات الجرحى من المحجتين السلميين الذي سيطروا على المباني الحكومية وأعلنوا إغلاقها، باستثناء محافظة البصرة التي يتعرض محتجوها السلميين لبطش وقمع وسلسلة اعتقلات وإنهاء خدمات العشرات من موظفي العقود والتضييق على الصحفيين، وسط غموض وتعتيم يلف معضم أحداث الساعات الجارية منذ توقف التظاهرات وعودتها أمس، بحسب نشطاء من المحافظة.
أمان في النهار ورصاص في الليل!
منذ صباح الجمعة، وصل مئات البصريين بمساعدة عربات "الستوتة" وسيرًا على الأقدام بفعل قطع الشوارع الرئيسية، أمام مبنى الحكومة المحلية وسط المحافظة للتظاهر سلميًا.
زحف قابله المحافظ أسعد العيداني، الذي تعتبر إقالته وحكومته المحلية على رأس مطالب المحتجين، بالتعهد بعدم وضع شرطي واحد أمام مبنى المحافظة، مبينًا في بيان له، أن "المتظاهرين سيحمون المبنى ويمنعون أي مندس يحاول القايم بأعمال الحرق والتخريب"، لكن الساعات ستمضي لتكشف عكس هذا الكلام.
يقول مصدر في شرطة البصرة، إن "أوامرًا صدرت باستخدام القوة الممكنة لتفريق المحتجين من أمام مبنى المحافظة"، مبينًا لـ"ألترا عراق"، أن "تعزيزات الذخائر من قنابل الغاز والقنابل الصوتية، والرصاص الحي والآخر المطاطي، كانت قد وصلت القوات قبل ساعات من بدأت توافد المحتجين صوب المبنى".
اثنان من المتظاهرين قتلا بسبب تعرضهم لعملية دهس من عجلة تابعة لأفواج طوارئ شرطة البصرة
أضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب تتعلّق بوظيفته، أن "فوجًا من قوات سوات، دخل بناية الحكومة المحلية، ولم يمض على تجمع العشرات سوى ساعتين، استعدادًا لردعهم حال قرروا اقتحامه أو تسلق الأسيجة".
اقرأ/ي أيضًا: احتجاجات العراق بين جانبي جسر الجمهورية: آلاف الضحايا ونواب "هاربون"!
ما كانت القيادات الأمنية تتوقعه قد حصل فعلًا، تسلق المحتجون سياج مساء الأمس مبنى الحكومة، وقبل دخوله بادرت القوات المتواجدة داخله بإطلقت الغاز المسيل للدموع لمنعهم، ولكن دون جدوى، حتى نجحت بتفريقهم بإطلاق الرصاص الحي، ومطاردتهم بعد ذلك بالعجلات الحكومية في محيط المبنى، بحسب تأكيد المصدر.
الطوارئ تدهس السلميين والصدمة تداهم وتعتقل العشرات
لم تمر أكثر من ثلاث ساعات، بعد نجاح القوات التابعة لمبنى حكومة البصرة من تفريق المتظاهرين بالرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع، حتى بدأت مرحلة جديدة من القمع، تمثلت بمطاردة المحتجين المتفرقين بالسيارات المصفحة التابعة لأفواج الطوائ، التي استقبل عناصرها المتظاهرين في الصباح بالأعلام العراقية لإثبات حسن نواياهم، حتى أتضح بأنه "كمين للقتل" بحسب الناشط في تظاهرات البصرة، علي الشمري.
يقول علي الشمري لـ"ألترا عراق"، إن "اثنين من المتظاهرين قتلا بسبب تعرضهما لعملية دهس من عجلة تابعة لأفواج طوارئ شرطة البصرة، على خلفية المطاردة بعد محاولة اقتحام بناية الحكومة المحلية".
تابع الشمري أن "مستشفى الشفاء، وسط المحافظة، يضم قتيلًا ثالثًا من أحداث الأمس، لم يتم التعرف على ذويه بعد، مع استمرار التظاهرات في مناطق متفرقة من المدينة".
أكد الشمري أن "قوات الصدمة تلاحق المحتجين إلى مناطقهم، ولديها عناصر استخبارية تكشف عن بيوت المشاركين في التظاهرات، ليتم اعتقالهم بعد مداهمة منازلهم دون أوامر قبض أو احترام لحرمة المنازل"، مبينًا أن "العشرات جرى اعتقالهم بيوتهم أو في اللحظات الأولى للتجمع قبيل التظاهر، وصل عدد المعتقلين لليوم فقط، إلى أكثر من 25 معتقلًا".
حكومة البصرة تنهي خدمات عشرات الموظفين المؤيدين للتظاهر!
مع استمرار الاحتجاجات في البصرة وسقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى، فضلًا عن المغيبين، تستمر الحكومة المحلية وعلى رأسها المحافظ، أسعد العيداني، بمحاولات إخماد تدفق المحتجين صوب مقر حكمه، ومحاربة المؤيدين لهم في المؤسسات العامة داخل البصرة.
مصدر: العشرات من موظفي العقود في المحافظة، انهيت خدماتهم بسبب تأييد التظاهرات على مواقع التواصل الاجتماعي أو المشاركة بها
يقول مصدر في ديوان محافظة البصرة، إن "العشرات من موظفي العقود في المحافظة، انهيت خدماتهم بسبب تأييد التظاهرات على مواقع التواصل الاجتماعي أو المشاركة بها".
اقرأ/ي أيضًا: قتل وعنف في ساعات الاحتجاج الأولى.. مخاوف عبد المهدي تتسرب إلى السيستاني!
أضاف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه لأسباب تتعلّق بعمله، أن "ديوان المحافظة أنهى خدمات 40 عقدًا لموظفي الأجور اليومية منذ انطلاق النظاهرات"، مبينًا أن "الإعفاءات لموظفي العقود طالت العشرات في دوائر البلدية والكهرباء والنفط".
وإلى الآن، تستمر مطاردة متظاهري البصرة داخل الأزقة، وحصل "ألترا عراق"، على مقطع فيديوي يوثق عملية ضرب متظاهر واعتقاله في أحد أزقة المحافظة.
أحد المتظاهرين يوصف لـ"ألترا عراق"، ما يجري في البصرة بأنه "عملية إبادة لكل محاولة احتجاج"، مشيرًا إلى أن "الاعتقالات العشوائية مستمرة، كل تجمع معرض للاعتقال والسؤال وتفتيش الهاتف"، لافتًا إلى أن "الأجواء مرعبة فعلًا".
ختم المتظاهر كلامه بالقول إن "القوات الأمنية منتشرة في منطقة الجنينة بشكل مرعب، كل زقاق فيه قوات أمن لأن الاحتجاجات كانت في هذه المدينة أقوى".
في السياق، أظهر مقطع فيديو تناقله ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، تحريض قائد شرطة البصرة "رشيد فليح" عناصره على المتظاهرين، بحجة حصولهم على دعم خارجي.
قال فليح خلال المقطع "آخذين فلوس ورواتب من السعودية ومن أعداء العراق، وحتى من إسرائيل مو مجاملة، وكله هذا لإيذاء العراق ورب الكعبة، ولكن من هو الي يضلل ومن هو الي يدري أو غبي أو من هو الي طالع بأجندة".
حرّض قائد شرطة البصرة رشيد فليح على قمع المتظاهرين بحجة تلقيهم الدعم الخارجي فيما ظهر مرة أخرى يأمر بإنهاء أي تجمع حتى لو كان من شخصين
تابع حديثه وتشجيعه لعناصره، "بهمتكم يجب أن نحمي كل المحافظات، بمواقفكم المشرفة يجب أن تقفوا مع العراق، وختم حديثه أنه "ولو اضطر لإرسال رتل لكل تجمع لإنهاء الاحتجاجات فلن يتوقف".
وحصل "ألترا عراق"، على مقطع فيديو آخر يظهر توجيه فليح لعناصره قمع كل تجمع، حتى لو كان من اثنين أشخاص أو ثلاثة.
اقرأ/ي أيضًا:
نتائج التحقيق بقتل المتظاهرين في واسط.. الأمن "كبش فداء" لتبرئة المحافظ!
انتفاضة تشرين.. القنّاص اغتال "مهندس الحشد" وحرمه من الزواج!