الترا عراق - فريق التحرير
قبل نحو عام اشتهر وزير الثقافة حسن ناظم، الحقيبة التي تنسب إلى حركة "عصائب أهل الحق" منذ حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، بتصريح وصف بـ "المثير للسخرية"، حين اعترض على محاولات الصحافيين الحثيثة للحصول على معلومة عن الجهة المتورطة بمحاولة اغتيال رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي.
يُتهم ناظم بالانخراط في مشروع لـ "تلميع" صورة الفصائل المسلحة وتنفيذ أجنداتها للهيمنة على وزارة الثقافة
ودعا الوزير في تصريحه آنذاك إلى "التريث والانتظار قليلاً" بانتظار نتائج التحقيق في الحادثة، والتي لم تكشف عن الطرف المنفذ منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2021.
وتأتي السخرية في سياق نقمة واتهامات تتعلق بمشروع لـ "تلميع صورة الفصائل المسلحة الموالية لإيران" عبر حشرها في مفاصل ثقافية، فضلاً عن الاستئثار بموارد الوزارة لصالح تلك الفصائل، على الرغم من نفي حركة العصائب في نيسان/أبريل الماضي أي صلة لها بالوزير الحالي.
"مرمر إيراني رخيص"!
وعاد الحديث مجددًا عن أداء ناظم، في ظل موجة حادة من الغضب أثارتها مشاهد المراحل الأخيرة من عملية إعادة ترميم نصب الحرية في ساحة التحرير في العاصمة بغداد، حيث استبدل الحجر الأصلي بآخر "أقل جودة".
واصطبغت صفحات الناشطين والمثقفين على مواقع التواصل الاجتماعي بـ "اللون الأصفر" الذي طغى على شكل النصب، مع انتقادات لاذعة ومطالبات بوقف "العبث" بالمعالم والمرافق والمنشآت الفنية، خاصة نصب الحرية بوصفه رمزًا وشاهدًا على أحداث بارزة عبر التاريخ الحديث للبلاد.
ويقول الكاتب والروائي أحمد سعداوي عبر حسابه في فيسبوك، "بعد أن تنتهي هذه الفترة المضطربة، هل ستنتهي حقًا؟! سيصحح المشرفون على المرافق والمنشآت الفنية كلّ الأخطاء المرتكبة حاليًا، ومنها تبديل رخام الإفريز ولونه الأصلي في نصب التحرير، كل الجهود المبذولة مشكورة طبعًا، وليس من العدالة تجاهلها، ولكن؟! ما جدوى هذه الاجتهادات غير النافعة الآن؟ وكأن أصحابها يريدون تسجيل أسمائهم مع الفنانين الأصليين ليس إلاّ!".
بعد أن تنتهي هذه الفترة المضطربة [هل ستنتهي حقاً؟!] سيصحح المشرفون على المرافق والمنشآت الفنية كلّ الأخطاء المرتكبة...
Posted by Ahmed Saadawi on Tuesday, September 6, 2022
فيما كتب المهندس حازم محمد، "يبدو أنّ المسؤولين في العراق يصرون على الغباء أو الاستغباء ومحاولة تدمير كل ما يستطيعون تدميره في هذا البلد عن قصد أو غباء مفرط".
عدّ مثقفون ومختصون استبدال الحجر الأصلي عبثًا في أهم نصب عراقي بوصفه رمزًا وشاهدًا على أحداث بارزة وتاريخية
وأضاف، "آخر ضحية هي نصب التحرير وتغير لونه الأصلي من الأبيض إلى هذا اللون القبيح واستعمال مادة بائسة في الترميم (مرمر إيراني رخيص وقبيح) من قبل شركة تركية".
ماذا حل بـ "الإفريز الأصلي"؟
بدوره اختار المتخصص في مجال الأدب والفن أوروك علي، عبارات أشد قسوة لانتقاد "منح مهمة ترميم مهمة أقدم وأشهر نصب في بغداد إلى لجنة غير متخصصة تخضع للغباء والمجانية والسمسرة والصفقات"، على حد تعبيره.
وقال علي، إنّ "النتائج الكارثية لهذه اللجنة شاخصة للعيان باستبدال خلفية المرمر لنصب الحرية، المرمر الإيطالي الخاص، بخلفية أقلّ ما يقال أنّها تنم عن ذوق ساذج وغباء مستشري".
وتساءل علي، "من سمح بذلك؟ وهل تم استشارة نحاتين ومتخصصين بالنحت وتاريخ النصب في العراق؟ والآن بعد هذه الكارثة والإساءة ما هو الحل؟ أين ذهب مرمر النصب الأصلي؟ هل سيباع خردة كما حدث في...؟".
الاختيارات الغبية تؤدي الى نتائج كارثية ... والساكت شيطان اخرس ابن اخرس لو استعرنا ابجديات علم المنطق ان (المقدمات...
Posted by Oruk Ali Ali on Tuesday, September 6, 2022
الثقافة: "إنّه أوف وايت"!
مقابل كل تلك الاتهامات، تنفي وزارة الثقافة واللجنة المسؤولة التلاعب بالشكل الأصلي لنصب الحرية، الذي يعد أكبر وأضخم نصب شيد في العراق والشرق الأوسط.
ويقول مدير عام دائرة الفنون التشكيلة ولجنة إعادة الترميم فاخر محمد لـ "الترا عراق"، إنّ "ما أثير على مواقع التواصل الاجتماعي من لغط كبير خلال الأيام القليلة الماضية، غير صحيح وغير دقيق".
ويضيف، أنّ "النصب خضم لعملية ترميم عبر شركة تركية، باستخدام حجر يضاهي القطع الأصلية بنسبة تصل إلى 98% من حيث اللون"، واصفًا مظهر النصب الحالي بـ "الرائع والجميل".
ينفي مسؤول في الوزارة استخدام لون مغاير في عملية ترميم نصب الحرية مؤكدًا أنّ "اللون أوف وايت"
ويبدي محمد، استغرابه من اللون الذي ظهر في الصور المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، مبينًا بالقول: "ليس هذا لونه. اللون هو أوف وايت يميل إلى الأبيض، والنصب يبدو بشكل أفضل بكثير عما كان عليه".