30-نوفمبر-2020

تخشى أطراف سياسية من عمليات "ترهيب" في بغداد

الترا عراق - فريق التحرير

في ظل أجواء متوترة، كشفت وثيقة مسربة عن منح قيادي في حركة عصائب أهل الحق منصبًا رفيعًا في هيئة الحشد الشعبي، بعد أيام من زيارة قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني إلى العاصمة بغداد، والتي تشهد منذ أشهر هجمات مستمرة تتهم بتنفيذها الفصائل المسلحة الموالية للمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي.

استحدث الفياض منصب "قائد عمليات بغداد" في الحشد الشعبي ومنحه إلى قيادي في العصائب

وتعد حركة عصائب أهل الحق، من أكثر الفصائل المسلحة تطرفًا، متفوقة بجناح سياسي تمثله كتلة صادقون في البرلمان، فضلاً عن نفوذ كبير في مواقع حساسة في أجهزة الدولة ومؤسستها، من بينها مطار بغداد الدوليّ، كما تشير مصادر سياسية وتقارير صحافية.

العصائب تتسلل إلى قيادة الحشد!

واطلع "الترا عراق"، على نسخة من كتاب رسمي مسرب صادر عن هيئة الحشد الشعبي، حمل توقيع رئيس الهيئة، فالح الفياض، نص على تعيين "حسين عبد العباس هليل" على ملاك الهيئة، ومنحه منصب "قائد عمليات بغداد".

 

ولم يسبق طرح هذا المنصب بشكل رسمي، ضمن هيئة الحشد التي أقرت وفق قانون صوت عليه البرلمان، في عام 2016، كجهاز أمني مستقل، كما لم يعلن عن تولي شخصية سابقة مهمة أمنية تحت عنوان قيادة العمليات في العاصمة بغداد.

شهد سليماني وقاتل في سوريا.. من هو "هليل"؟

وتشير معلومات تقصاها "الترا عراق"، من أطراف مقربة من الفصائل المسلحة، إلى أن "هليل" يعتبر من الشخصيات المقربة من قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني، وقد شغل مهام قتالية داخل حركة عصائب أهل الحق.

يعتبر "هليل" أحد المقربين من فيلق القدس وتولى مهام عسكرية ضمن حركة عصائب أهل الحق وقاتل في سوريا

وتقول تلك الأطراف، إن الرجل كان قد قاد عناصر عصائب أهل الحق في معارك ضد تنظيم "داعش"، في محافظتي صلاح الدين ونينوى، كما شارك في معارك إلى جانب النظام السوري.

القيادي في حركة العصائب "أبو نورس السماحي"

 

ويتحرك القيادي في الحركة، تحت اسم "أبو نورس السماحي"، وقد ظهر في بعض المقاطع المصورة وهو يتحدث إلى مقاتلين في الحركة ووسائل إعلام تابعة لها.

"خلخلة الخال"!

ويثير التطور اللافت الأسئلة مجددًا حول مدى قدرة إدارة المرشد الإيراني وقيادات الفصائل في العراق، على التعامل مع تركة قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس بعد نحو عام من اغتيالهما في بغداد، أمام احتمالات أهونها ربما تشرذم الجبهة التي يحرص النظام الإيراني على إظهارها متماسكة موجهة كرأس حربة في وجه واشنطن وحلفائها في الخليج.

اقرأ/ي أيضًا: الصدر "يرث" سليماني والمهندس.. هل تتسع العباءة لـ "الميليشيات" والتحرير؟!

ويعزز الصعود المفاجئ لرجل العصائب، معلومات ومؤشرات عن خلافات عميقة اعتبرت "بوادر انشقاق" في "محور المقاومة"، تحتدم بين قيس الخزعلي وعبد العزيز المحمداوي "أبو فدك"، قطبا الفصائل الموالية للمرشد الإيراني.

 

فيما ترى أطراف مراقبة من بينها صحافي واكب تحركات الفصائل منذ سنوات، في وصول "السماحي"، خطوة كبيرة قد تمهد لـ "إقصاء" خليفة المهندس، الصفة التي حاول "الخال" التشبث بها على مدى أشهر، دون  أنّ ينجح، حتى الآن، في أداء مهمة العقل المدبر لشؤون الفصائل وكلمتها الفصل، على غرار جمال جعفر.

"صواريخ الأمين".. رسائل إلى طهران هذه المرة!

وتقول شخصيات مقربة من الحركتين اللتين تحوم حولهما اتهامات خطرة، إنّ الخلاف بين الخزعلي و"أبو فدك" تفاقم بعد الهجوم الأخير الذي استهدف مبنى السفارة الأمريكية في بغداد، مرجحة صلة العصائب بالعملية بشكل مباشر، حيث انطلقت الصورايخ من "حي الأمين" أحد مراكز نشاط الحركة.

تفاقم الخلاف بين الخزعلي و"أبو فدك" بعد الهجوم الصاروخيّ الأخير في بغداد

وقد رأت كتائب حزب الله في الهجوم، "عملاً أرعن"، على العكس تمامًا من وجهة نظر زعيم العصائب الذي بدا متحمسًا لاستئناف العمليات ضد الأمريكيين، في تضارب مواقف أحرج الأذرع الإعلامية للفصائل.

 

وتحدث "الشيخ الأمين" كما يلقبه أنصاره، مؤخرًا، عبر التلفزيون الرسمي، مؤكدًا أن الهدنة مع الولايات المتحدة الأمريكية قد انتهت لـ "عدم التزام" إدارة البيت الأبيض بشروطها، كما قلل من دور "أبو فدك" في وقف العمليات الصاروخيّة. وقال إنّ هادي العامري، الأمين العام لمنظمة بدر، هو من أقنع الفصائل المسلحة بالتهدئة.

كما أكّد، بنبرة غير مسبوقة، أنّ حركته "لن تسمع" مستقبلاً أوامر قائد فيلق القدس الإيرانيّ إسماعيل قاآني، ولن تكون معنية بأي وساطة أو ضغوط، وهو موقف فُهم كـ"تهديد" بالانشقاق احتجاجًا على سياسة مبعوث المرشد الأعلى إلى العراق، والتي لم تنجح في رسم أدوار واضحة لزعماء الفصائل.

اقرأ/ي أيضًا: المال والولاء في علاقة "الفصائل الشيعية" بإيران.. هل يتمردون على الولي الفقيه؟

ويقول الصحافي العراقيّ لـ "الترا عراق"، إنّ "استحداث منصب قائد العمليات في بغداد، يعني منح العصائب قيادة الفصائل المسلحة التي يتركز نشاطها العسكري وتحركاتها السياسية والاقتصادية في العاصمة، على حساب المحمداوي الذي فشل في حصد إجماع قادة الفصائل، وقد يكون فشل في كسب ثقة طهران".

 

وتتفق المعلومات المسربة من كواليس الجولة الأخيرة لقائد فيلق القدس، إسماعيل قاآني، في بغداد، مؤخرًا، أنّ هدفها كان ضمان استمرار الهدنة التي قد يعني انهيارها تلقي نظام المرشد ضربة مباشرة من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ويرى الصحافي الذي تحفظ على كشف هويته، أن قاآني قد يكون وافق على منح الخزعلي، "المنزعج" من هيمنة "أبو فدك"، دورًا أكبر في قيادة الفصائل لنزع فتيل توتر قد يشعل صراعًا بين أذرعها، وهو آخر ما تحتاجه طهران الآن.

سيناريو "الرعب"!

فيما يقّر مصدر على صلة بحركة مسلحة، أنّ أمر تعيين "هليل" قد صدر في إطار تقاسم جديد للأدوار تولت، وفقًا له، شخصيات مرتبطة بفصائل أخرى مواقع عليا في هيئة الحشد الشعبي، منها منصب أمين سر الهيئة الذي منح لمنظمة بدر بزعامة هادي العامري.

تخشى أطراف سياسية من عمليات "ترهيب" و"تغيير ديمغرافي" تشنها الميليشيات في بغداد تحت غطاء المنصب الجديد

وبعيدًا عن أروقة الفصائل، يثير سيناريو آخر الرعب لدى أطراف سياسية في البلاد، تعتقد أنّ استحداث منصب رسميّ من هذا النوع سيشكل غطاءً شرعيًا للميليشيات لـ "تنفيذ عمليات ترهيب وتغيير ديمغرافي" في ضواحي العاصمة، لكسب أصواتها في الانتخابات المقبلة، ضمن سباق محموم أطلق صافرته مبكرًا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

دخان ودم واعتقالات.. ماذا حدث في ليلة مطاردة الفصائل المسلحة؟

صواريخ الفصائل "تتلطخ" بدماء الأطفال.. غليان ونُذر حرب في العراق